معرض الرياض يفتح أسرار كتابة السرد والشعر والغموض

المعرض ناقش أسرار الكتابة الأدبية وراهنها سواء في الشعر أو الرواية والقصة مسلطا الضوء على ظاهرة الغموض.
السبت 2022/10/08
مناقشة أهم القضايا

الرياض - يواصل معرض الكتاب الدولي في الرياض إثارة القضايا الفكرية والأدبية والفنية الراهنة، باستضافته لعدد من الكتاب والنقاد لتدارس واقع الأدب العربي بشكل خاص. وكشفت ندوة "القاص والروائي: كيف يفكران؟ كيف يكتبان؟" التي شارك فيها محمد نجيب العمامي والروائيون بدرية البشر وضياء جبيلي وحجي جابر، وأدارها صالح الغبين بمسرح القيروان بالمعرض، الأفكارَ الرئيسة التي تسبق الفعل الكتابي للرواية وتصاحبها.

وبدأت الندوة بحديث العمامي الذي أكد أن الدورة الحالية للمعرض تعد "تاريخية في الحجم والتنظيم"، مبدياً سعادته بوجود بلده تونس ضيف شرف للمعرض، وأنه كان حُلْمًا ظل يراوده منذ سنين، وها هو يراه يتحقق اليوم، ويحضره.

وأشار إلى أن الفروق بين الرواية والقصة أعيت المنظرين، وأن أقصى ما توصلوا إليه هو أنهما أدب سردي تخيلي حديث، وأن القصة تنطلق في داخل كاتبها كالسهم من أجل توظيف النهاية، وأما الرواية فهي جنس سردي قوي تخييلي سِمَتُها التعدد في مستوى الشخصيات والأزمنة والأصوات ووجهات النظر، في مستوى ما تمثله وما تستوعبه من أجناس أدبية ومعارف إنسانية.

حجي جابر: الروائي والقاص في حالة تفكير مستمر قبل الكتابة وأثناءها وبعدها

من جانبه أفاد حجي جابر أن الروائي والقاص في حالة تفكير مستمر، قبل الكتابة وأثناءها وبعدها، مشيراً إلى أن من أكبر المشاغل التي تستهلك الروائي تحديد ملامح المشروع، ومن ذلك انشغاله قبل الكتابة بفكرة الأصالة: كيف سأقدم عملاً أصيلاً؟ وكيف أصنع من كتابي عملاً لا يعوضه كتاب آخر؟

وأشار إلى أن أهم المشاغل التي تشغل الكاتب قبل الكتابة هي: كيف أجعل هذه الكتابة أجمل مما أمثله لدى الآخرين، إذ يجب أن يبقى الكتاب أطول من كاتبه، وهذا لا يحدث إلا حين تكون الكتابة أجمل منا.

بدورها تحدثت بدرية البشر عن أن المبدع عادة يبدأ كمبدع، ولكنه لا يختار أي عدسة يكتب بها؛ لأنه يعبر عن تجربته العامة، مبينة أن المبدع مشغول بالمجتمع والتعبير عن أفكاره، وتجاربه الخاصة التي يحاول أن يوسع تجربته العامة حولها، مشيرة إلى كونها امرأة فإن لديها القدرة على التعبير عن قضايا المرأة، وأعمالها المقدمة كثير من أبطالها نساء.

من جانبه أوضح الروائي ضياء جبيلي أن أكثر ما يفكر فيه أثناء الكتابة هو صعوبة الفصل بين الرواية والقصة، وأن أكثر ما يفكر فيه عند كتابة الرواية أو القصة هو اشتباك القضايا بعضها ببعض، مفيداً بأنه عند الانتهاء من كتابة الرواية فإن الشخصية تعيش مع كاتبها طويلا.

كما نظم المعرض ضمن الفعاليات المصاحبة ندوة بعنوان "القصيدة المعاصرة ومدى اتساعها الجغرافي" نوقشت فيها القصائد في وقتنا الحاضر، ومدى وصول القصائد إلى الجمهور، ولمن تكتب القصيدة.

واستضافت الندوة مجموعة من الشعراء والناقدين والباحثين وهم: الأكاديميان وائل فاروق ومحمود الضبع، وزياد عبدالله ومعز ماجد ومحمد الحرز، وحاورهم سيد محمود. وتناولت الندوة شمولية المعنى الذي تقوده القصيدة، والكشف عن شكل عالمية القصيدة، وكيف يمكن للشعر أن يستعيد مكانته في المجتمعات المعاصرة.

وتحدث المشاركون عن خصائص الشعر وأنه قدرة وسمة لازمة من سمات الإنسانية، وهو الشكل الأولي لوعي الإنسان بعالمه وظل كذلك لآلاف السنين، والشعر ليس ما تقوله القصيدة وإنما ما تكونه، فالقصيدة كينونة حضور ووجود لا يجب أن تعنى في عالم، مشيرين إلى أن القصيدة كينونة تتشكل في فضاء الذات الإنسانية الشاعرة من خلال اشتباك مع محاور ثلاثة هي: الواقع والشروط التاريخية التي تكتب فيها القصيدة، وتاريخ القصيدة والشعر الجمالي، والحوار مع الأشكال الأدبية؛ مؤكدين أن الشعر في اللحظة الراهنة تطور بفضل اشتباكه بعدة فنون كالرواية والقصة القصيرة وغيرها، وهذا ما حرر الشعر من قالبه المعتاد، وطوره مع فضاء جمالي آخر هو المسرح.

ويظل الغموض القضية الأبرز التي تواجه الأدب العربي اليوم، لذا كرس له المعرض ندوة بعنوان “مثلث الغموض: الكتابة والفن وعلم النفس” والتي بحثت معنى التجلي والغموض، عبر ربط ذلك بعلم النفس بمشاركة الفنانة التشكيلية والمتخصصة في العلاج بالفن الدكتورة آمال الزهراني، والشاعر واستشاري الطب النفسي الدكتور متعب العنزي، والروائية أمل الحربي، وأدار الندوة الدكتور بندر الغميز وذلك في مسرح تونس الخضراء.

◙ الندوة تناولت شمولية المعنى الذي تقوده القصيدة والكشف عن شكل عالمية القصيدة وكيف يمكن للشعر أن يستعيد مكانته في المجتمعات المعاصرة

وتضمنت الندوة الكتابة والفن كأحد مظاهر التفكير الإبداعي، ومدى تجليهما للحالة النفسية، والإبهام وأوجه حضوره في الفن والكتابة، وعلاقة الطب النفسي بالأدب والفنون، وكذلك تفسير التحليل النفسي التطبيقي وما يخاطبه الفن في داخل الإنسان، بالإضافة إلى القيمة الكبرى للفن والشعر والأدب، وكيف يلامس الفن مشاعر الآخرين، وعلاقة الفن التشكيلي بالكتابة.

وذكرت الزهراني أن الغموض والتجلي لا ينحسران في الكتابة والفن وعلم النفس فقط، بل يتعداها إلى أكثر من المثلث المذكور، معتبرة أن الأدب أثر على الفنون التشكيلية عبر التاريخ، كما أثر على الرواية والكتابة.

من جانبها اعتبرت الحربي الغموض مطمعًا للكثير من الأدباء والكتاب، مشيرةً إلى أنه لا يمكن حصره في إطار تعريفي محدد، خصوصاً إذا ارتبط بالحالة النفسية للمبدع، مشيرةً في حديثها إلى نموذج الشعر وما يحمله من غموض في ثنايا القصائد، كما أن الوضوح الزائد في الأدب لا يعطي معنى محببًا لدى القارئ.

كما أوضح العنزي أن التحليل النفسي والطب النفسي يرتبطان بالأديب ذاته كشخص له شعور ولديه تجاربه في الحياة ويتأثر بمحيطه، مبيناً أن التحليل النفسي التطبيقي في المجال الأدبي يدرس حالة الأثر النفسي في عمل محدد، حيث يقوم بتفسير حالة الشخص عندما يبلور مشاعره وأفكاره في عمل فني ثم ينقله إلى المتلقي، وهذا قد يحدث أثراً كبيراً بخلاف استماع المتلقي من الكاتب نفسه.

 

13