"بعيونهنّ" يعود للاحتفاء بتجارب المخرجات السينمائيات

تخطو المهرجانات التونسية الحديثة نحو تثبيت حضورها على الساحة الثقافية التونسية، متحدية الظروف المحلية والعالمية، حيث يتمسك بعضها بالدفاع عن أهدافه ومحاولة ترسيخها ضمن الحراك الفني، ومن بينها المهرجان الدولي لفيلم المرأة، الذي يؤسس لسينما نسائية، تعزز حضور المرأة في الفن السابع كمخرجة لها نظرتها الخاصة للفن وللواقع.
تونس - بعد سنتين من الغياب بسبب انتشار فايروس كورونا في تونس والعالم، يعود المهرجان الدّولي لفيلم المرأة “بعيونهنّ”، بأهداف أكبر ورؤى متجدّدة مع المزيد من الانفتاح على السينما العالمية وتعزيز التدريب والتّكوين والعمل بشكل أكبر على التّرويج لأفلام المرأة وتقديم رؤى المخرجات والمنتجات وتوزيعها على أوسع نطاق.
وتنتظم النّسخة الرّابعة من المهرجان من الثاني عشر إلى السادس عشر من أكتوبر الجاري بثلاثة فضاءات متوزعة على محافظة نابل الساحلية بحضور مخرجات ومنتجات أفلام من تونس والعالم.
والمهرجان الدولي لفيلم المرأة بالحمامات “بعيونهنَ” هو أول مهرجان في تونس يعنى بالإنتاجات السينمائية للنساء المخرجات وهو موعد سنوي يتم خلاله عرض مجموعة من الأفلام العربية والأفريقية واللاتينية التي تخرجها نساء وتثير قضايا سينمائية واجتماعية مختلفة وفق شروط فنية جمالية تحقق هدف التثقيف السينمائي الذي يحرص المهرجان على نشره.

وتقول إدارة المهرجان إن أحد أهم أهدافها لهذه الدورة هو مساعدة المخرجات على الترويج لأعمالهن الأولى في بداية مسيرتهن السينمائية، وفي هذا الإطار ينظم المهرجان لأول مرة مسابقة للأفلام القصيرة حيث سيتم في هذا القسم عرض أفلام عدد من المخرجات العربيات مع نقاشها وستتوج هذه المشاركات بجائزة أفضل فيلم قصير وجائزة أفضل أداء نسائي.
واختارت لجنة الانتقاء 16 عملا للمشاركة في النسخة الرابعة من المهرجان، من تونس والجزائر والمغرب ومصر وفلسطين وسوريا والأردن.
وستتكون لجنة التحكيم من نورة النفزي من تونس، وحسان كشاش من الجزائر وميلاني إيردال من إنجلترا.
وبالإضافة إلى العروض السينمائية، يخصص المهرجان مساحة لإقامة فنية خاصة بكتابة السيناريو سيشرف عليها المخرج المصري باسل رمسيس وسيكون فيلم الاختتام واحدا من الأعمال التي تم تطوير سيناريوهاتها في ورشة الكتابة الخاصة بالمهرجان.
وباسل رمسيس هو أستاذ في الإخراج السينمائي مقيم في إسبانيا وله عدد من الأفلام الروائية القصيرة ومشاركات في المهرجانات العالمية.
ويقدم رمسيس ورشات متخصصة في السينما الاجتماعية والسينما الوثائقية منخفضة التكاليف والسينما وقضايا الجندر وسينما المرجعية الذاتية. وأغلب هذه الورش تهتم بالجانب العملي في مرحلة الكتابة والإخراح وتم خلالها إنتاج أكثر من ثلاث مائة فيلم قصير.
وتقدم الممثلة والمخرجة اللبنانية زينة دكاش، وهي أيضا معالجة بالدراما، ورشة العلاج بالدراما.
وتعمل دكاش على تغيير العقوبات السجنية في لبنان بإيجاد عقوبات بديلة حيث عملت على تقديم أول تجربة للعلاج بالدراما في السجون اللبنانية.
أخرجت الفنانة فيلم “12 لبناني غاضب” في العام 2009 وهو فيلم وثائقي حول تجربة العلاج بالدراما في السجون اللبنانية وساهم في الشروع في مراجعة قوانين السجون في بلادها والعمل على تقليص مدة العقوبة بالنظر إلى حسن السيرة والسلوك.
في المقابل، أسهم فيلمها الثاني “يوميات شهرزاد” الذي صدر في عام 2014 في حملة للدفع نحو تمرير مشروع حماية النساء وأفراد العائلة من العنف الأسري.
وأثار فيلمها الثالث “السجناء الزرق” اهتمام المشرعين في بلادها حول وضعية السجناء الذين يعانون من أمراض عقلية ونفسية حيث تم تعديل القانون المتعلق بسجن هذه الفئة من المواطنين.
كما يقدم المهرجان ورشة بعنوان “دقيقة ضوء” وهي ورشة تعنى بالتكنولوجيا، ومخصصة لإنتاج فيديو، مدته دقيقة واحدة، باستخدام الهاتف الذكي، تنظمها الجامعة التونسية لنوادي السينما بالتعاون مع منظمة “حراك في البحر الأبيض المتوسط” ومركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي، بهدف ضمان ديمقراطية رقمية وتدعيم المساواة في المواطنة.
وتأتي هذه الورشة، حسب البلاغ المخصص للمهرجان، انطلاقا من أن الموبايل يعد اليوم أحد مكونات هوية فئة الشباب وأداة أساسية للتعلم والتنشئة الاجتماعية، فالصورة التي يتم تلقيها ومشاركتها عبر الهاتف الذكي هي لغة قد لا نتقن دائما قواعدها بالشكل الكافي.
وتستقبل الدورة الرابعة من المهرجان عددا من الضيوف من أبرزهم كاتبتا السيناريو التونسيتان درة بوشوشة وعزة السعدي.
ويناقش المهرجان موضوع “القيمة الإبداعية للسيناريو في زمن ورشات الكتابة” والدّور الذي يمكن أن تلعبه ورش الكتابة في بناء النصّ.
المهرجان يحتفي بالفن السابع القادم من النمسا التي بدأت أول إنتاجاتها السينمائية في بداية القرن العشرين
وسيركّز الضيوف على تقديم التّقنيات والأساليب المتّبعة في تجارب الكتابة الفردية والجماعية، حيث يوضح البيان الصحافي “سنحاول تقديم الإجابات الممكنة على السؤال التّالي: ما الأثر الممكن لورش وإقامات الكتابة الجماعية وبرامج تطوير المشاريع على السّينما العربية بشكل خاصّ؟ وهل يؤدّي ذلك إلى ظهور وجهات نظر ورؤى نسائية جديدة؟”.
وينزل الكاتب اللبناني إبراهيم العريس ضيفا على الدورة الرابعة للمهرجان لتقديم كتابه الذي صدر حديثا “المرأة مستقبل السينما العربية”.
والعريس هو باحث في التاريخ الثقافي وصحافي وناقد سينمائي ومترجم لبناني، لديه العديد من المؤلفات السينمائية أهمها “رحلة في السينما العربية” و”السينما، التاريخ والعالم” و”سينما الإنسان” وغيرها من الكتب المثيرة للاهتمام، خاصة وأنها تطرح علاقة السينما بالمجتمع في العالم العربي.
ويخصص المهرجان نافذة على السينما النمساوية، حيث يحتفي هذه الدورة بالفن السابع القادم من النمسا التي بدأت أول إنتاجاتها السينمائية في بداية القرن العشرين. والتي تعرف بانخراطها بشكل كبير في السينما الملتزمة اجتماعيا مع تسجيل حضور قوي للصناعة الهوليوودية. ويحاول المهرجان رصد مدى حضور ومشاركة النساء في هذه التجربة السينمائية والتعرف عليها.
وتشير الأرقام إلى أن 22 في المئة فقط من الأفلام النمساوية تنتجها النساء، إلا أنه ورغم هذه المشاركة المحدودة عدديا فإن حضور المرأة النمساوية كان مميزا ونوعيا في هذا المجال إذ قدمت المخرجات أعمالا فنية مهمة.
وسيناقش المهرجان الفرص والتحديات التي تواجه النساء في إنتاج الأفلام في بلادهن بحضور ضيفات من النمسا، وكذلك حضور المرأة في السينما خاصة ما بعد أزمة فايروس كورونا.
ومن أهم المشاريع الفنية التي يقدمها المهرجان هذا العام، مشروع استعادة الإطار الذي يهدف إلى الارتقاء باختيارات الجماهير وتعزيز عملية تداول الأفلام التي تنتجها النساء حول العالم من خلال الشراكات التي يقيمها المهرجان مع عدد من المهرجانات التي تشترك في نفس الأهداف.
وسيستعرض المهرجان نتائج التدريب المتكامل الذي نظم في إطار هذا المشروع والذي جمع بين العنصر الفني الإبداعي والإنتاج السينمائي والتسويق للأعمال الفنية التي تنتجها النساء على نطاق واسع، حيث ناقش موضوعات حيوية مثل التمويل والتسويق وتقنيات عرض الأفلام والعمل بجدية على تغيير رؤى الجمهور حول السينما.