الدبيبة مدافعا عن الاتفاقية مع تركيا: لا يهمنا رأي الدول المعارضة

رئيس حكومة الوحدة الوطنية يستعرض بنود مذكرة التفاهم مع أنقرة، مشددا على عدم تنازله عن حق ليبيا في جنوب جزيرة كريت.
الخميس 2022/10/06
مذكرات تفاهم مثيرة للجدل

طرابلس - دافع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة عن مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومته الاثنين الماضي مع تركيا، والخاصة بالتنقيب عن الطاقة، قائلا إن رأي الدول التي عارضتها "لا يهمه".

وخلال زيارة أجراها وفد وزاري تركي رفيع المستوى لطرابلس الاثنين الماضي، وقّعت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، ووزير الاقتصاد محمد الحويج، المكلف بوزارة النفط والغاز، مع نظيريهما التركيين وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز، مذكرات تفاهم في مجالات التدريب الأمني والطاقة النفطية والغاز.

وفي كلمة له ليلة الأربعاء أمام ملتقى القيادات النسائية، أكد الدبيبة أن حكومته أمضت عاما كاملا في دراسة مذكرة التفاهم، مشيرا إلى أنها تتعاون مع الجميع، ومن ضمنهم تركيا، وأن المذكرة الموقعة معها "لن تؤثر على المشاريع جارية التنفيذ".

وحول رفض بعض الدول الإقليمية توقيع حكومته للمذكرة مع تركيا، قال الدبيبة "لا يهمنا رأي أي دولة في الاتفاقية التي وقعناها مع تركيا، استغرقنا عاما كاملا لدراستها حتى لا نقع في الأخطاء".

وتحدث الدبيبة عن ازدياد الطلب العالمي على الغاز في ظل الحرب الأوكرانية، قائلا إن بلاده تملك كميات كبيرة من النفط والغاز، "وفي كل مكان: في الصحراء والساحل والبحر"، وأشار بشكل خاص إلى الاحتياطيات في البحر المتوسط، وإلى وجود "مشكلة حقيقية مع بعض الدول"، وخاصة في ما يتعلق بجزيرة كريت.

وقال الدبيبة "هناك لجان مشتركة ومحكمة بيننا وبين جزيرة كريت لحل المشكلة القائمة، ولن نتنازل عن حقنا في جنوب جزيرة كريت".

وحول الرفض الداخلي للمذكرة، في إشارة على ما يبدو إلى مجلس النواب الليبي والأعلى للدولة والحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، قال الدبيبة "نريد أن نبيّن للمزايدين أنهم يحرثون في البحر، وما يفعلونه لن يؤدي إلى أي نتيجة".

وأضاف "الصواب أنه حتى لو اختلفنا يجب علينا ألا نفرط في حصة ليبيا لصالح دول أخرى، وسوف ندافع عن حق ليبيا، حتى لو كان متنازعا عليه".

وأكد الدبيبة أن مذكرة التفاهم لصالح الدولتين، وكشف عن موادها، حيث تشير مادتها الأولى وفق سرده إلى أن الهدف من المذكرة هو "تعزيز وتطوير التعاون الثنائي: العلمي والتقني والتكنولوجي والقانوني والإداري والتجاري بين الطرفين في مجال الهيدروكربونات".

وتنص المذكرة على أن "يتعاون الطرفان في هذا المجال وفقا للقوانين واللوائح الوطنية"، بحيث يتم تبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بـ"تنمية قطاعات الهيدروكربون الخاصة بالطرفين، وفي القضايا القانونية والتنظيمية، وفي العمليات التعاقدية، وتدريب الموارد البشرية"، فضلا عن "التنظيم المشترك للمؤتمرات والندوات والمعارض والاجتماعات الأخرى ذات الصلة، وتبادل الخبرات حول تقوية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في كلا الدولتين".

كما تقضي المذكرة بـ"تعاون الطرفين في المشاريع المتعلقة بتطوير واستخدام الموارد الهيدروكربونية، والمشاريع المتعلقة باستكشاف وإنتاج ونقل وتكرير وتوزيع وتجارة الهيدروكربونات، وإنتاج وتجارة النفط والغاز والبتروكيماويات والمنتجات البترولية المتنوعة، وكذلك مشاركة الخبرات وتنظيم النشاطات التدريبية على هيكل سوق النفط والغاز الطبيعي، بما في ذلك الدراسات التشريعية".

ووفقا لما عرضه الدبيبة، "ستدخل المذكرة حيز التنفيذ من تاريخ استلام آخر إخطار كتابي بين الطرفين"، وستبقى المذكرة سارية المفعول لـ"مدة 3 سنوات، ويتم تجديدها لفترات متتالية ما لم يخطر أحد الأطراف بإلغائها". كما "يجوز إنهاء المذكرة من أي طرف في أي وقت عن طريق إعطاء إخطار كتابي مسبق بثلاثة أشهر".

وتأتي تصريحات الدبيبة بعد ضغوطات عكستها تصريحات العديد من الشخصيات السياسية وصفحات التواصل الاجتماعي الليبية التي شكك بعضها في محتوى المذكرة، وطالب آخرون بكشف بنودها، مشيرين إلى عدم اختصاص الدبيبة وحكومته بالتوقيع على أي اتفاقات تترتب عليها التزامات طويلة الأمد على الدولة الليبية، وفق ما تنص عليه أولويات السلطة التنفيذية في "خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية للحل الشامل"، التي أقرها ملتقى الحوار السياسي خلال اجتماعات تونس في نوفمبر 2020 برعاية الأمم المتحدة.

وكان من بين المعترضين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والحكومة المكلفة من قبل المجلس برئاسة فتحي باشاغا، ورئيس الحزب الديمقراطي محمد صوان، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة وملتقى الحوار السياسي.

ووجّه صالح خطابا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء، طالبه بعدم الاعتراف بالمذكرة، واعتبارها باطلة، وأنها غير ملزمة للدولة الليبية.

كما أعلن فتحي باشاغا الاثنين الماضي رفضه توقيع حكومة الوحدة الوطنية للمذكرات والاتفاقيات كونها "منتهية الولاية"، معلنا أن حكومته "ستبدأ بالتشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين، والإقليميين والدوليين، للرد بالشكل المناسب". 

وأصدر 73 عضوا من أعضاء المجلس الأعلى للدولة بيانا الاثنين، أكدوا فيه رفضهم توقيع المذكرة، معتبرين أن "توقيع مثل هذه المذكرات غامضة البنود والأهداف في مثل هذا التوقيت والظرف السياسي المنقسم، يمثل محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع". 

وعبّر الأعضاء في بيانهم عن رفضهم ما وصفوه بـ"الانتهازية السياسية من الأشقاء الأتراك"، وأن مثل هذه السياسة قد تضع تركيا "في مواجهة المصالح الوطنية الكبرى لليبيا، وكل المحاولات الوطنية الجادة للتوافق بين الليبيين نحو استعادة الدولة وقرارها الوطني". 

وعلى الصعيد الدولي والإقليمي، قوبلت مذكرة التفاهم بمعارضة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليونان ومصر وقبرص.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية مساء الثلاثاء أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية ملزمة من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي، بعدم التوقيع على اتفاقيات جديدة من شأنها أن تخل بالعلاقات الخارجية للبلاد أو من شأنها أن تؤدي إلى التزامات طويلة الأجل.

وطعنت مصر واليونان في الاتفاق، حيث أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس التي وصفاها بـ"منتهية الولاية"، لا تملك صلاحية إبرام أي اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم، في إشارة إلى المذكرة التي وقعت بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية.

كما أعربت قبرص عن قلقها والتشكيك بشأن توقيع "مذكرة التفاهم"، معتبرة أنها "باطلة وغير شرعية"، مؤكدة أنها ستواصل المتابعة عن كثب لتطورات هذه القضية.