واشنطن تعترض على اتفاق ليبيا وتركيا بالتنقيب عن الطاقة

واشنطن - أكدت وزارة الخارجية الأميركية، أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية ملزمة من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي، بعدم التوقيع على اتفاقيات جديدة من شأنها أن تخل بالعلاقات الخارجية للبلاد أو من شأنها أن تؤدي إلى التزامات طويلة الأجل.
وقال متحدث باسم الوزارة الخارجية الأميركية، مساء الثلاثاء، عند سؤاله عن مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة مع تركيا "نحن على علم بالتقارير المتعلقة بتوقيع مذكرة تفاهم بين الحكومة التركية والحكومة الليبية المؤقتة، ولم نر الوثيقة بعد".
وأضاف "ندعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن الأعمال التي قد تؤدي إلى زيادة التوتر في شرق البحر الأبيض المتوسط".
ووقع وزيرا الخارجية والاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش ومحمد الحويج، الإثنين، مذكرة تفاهم بشأن الطاقة والغاز مع نظيريهما التركيين مولود تشاووش أوغلو وفاتح دونماز.
وأثار توقيع الاتفاق جدلا واسعا في الداخل والخارج، حيث أعربت مصر واليونان وقبرص عن اعتراضها لأي نشاط في المناطق المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط.
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليوناني نيكوس ديندياس أن حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس التي وصفاها بـ"منتهية الولاية" لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم، في إشارة إلى المذكرة التي وقعت بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية
وبعد أن طعن اليونان ومصر، أعربت قبرص عن قلقها والتشكيك بشأن توقيع "مذكرة التفاهم"، معتبرة أنها "باطلة وغير شرعية".
وبحسب بيان صحافي صادر عن وزارة الخارجية القبرصية، فإن "القلق ينبع من الدور المتفاقم والمزعزع للاستقرار الذي تلعبه تركيا في المنطقة باستمرار، وتسعى إلى خلق توترات، بأفعال تتعارض مع القانون الدولي وقانون البحار" وفق ما نقلت وكالة الأنباء القبرصية الرسمية، الثلاثاء.
ورأت قبرص أن مذكرة التفاهم الموقعة العام 2019 "تنتهك الحقوق السيادية للدول الثلاثة وتتعارض مع المبدأ المعترف به لاتفاقية قانون البحار والقانون العرفي لحقوق الجزر في المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بها والجرف القاري".
نتيجة لذلك، فإنها تعتبر المذكرة "غير قانونية وباطلة"، مؤكدة أنها ستواصل المتابعة عن كثب لتطورات هذه القضية، مشيرة في الوقت ذاته إلى التصريحات العلنية لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح التي "تسلط الضوء على الطابع غير الشرعي للمذكرة".
كما قوبلت مذكرة التفاهم برفض من البرلمان الذي يتخذ من شرق ليبيا مقرا له ويدعم إدارة بديلة، فيما اعتبر المجلس الرئاسي الليبي أن الاتفاق يتطلب تشاورا معه.
وقال المجلس الرئاسي الليبي إن إبرام الاتفاقات يتطلب التشاور معه، مؤكدًا في الوقت ذاته أهمية التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة كافة بما يخدم مصلحة الشعب الليبي ومستقبل بلاده.
وأضاف المجلس في بيان، أن التعاون بين الدول تنظمه مواثيق وأعراف دولية، وقوانين محلية، وهي تهدف جميعها إلى مصلحة الشعوب أولًا، وتابع "ما تجتهده الحكومات عبر توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم بينها، يهدف إلى تعزيز التعاون، ولتدخل الاتفاقات حيز التنفيذ، يتطلب اعتمادها (التصديق) من المجالس التشريعية".
وكانت حكومة فتحي باشاغا المكلفة من البرلمان قالت في بيان إنها "ستبدأ في التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين، للرد بالشكل المناسب على هذه التجاوزات التي تهدد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام".
كما أعلنت لجنتا الخارجية والطاقة في مجلس النواب عدم اعترافهما بمذكرة التفاهم، باعتبارها غير قانونية وصدرت عن حكومة منتهية ولايتها وقد سحب البرلمان الثقة منها.
وردا على هذه الانتقادات، أعربت حكومة الدبيبة، الثلاثاء، عن رفضها "التطرق والتدخل" في مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا، مؤكدة أنها "في صالح الشعب الليبي".
وقال متحدث الحكومة محمد حمودة، لقناة "فبراير" المحلية، إن ما يثار حول مذكرة التفاهم هو "شأن خاص للدولتين والتطرق والتدخل بهذا الأمر مرفوض".
وتابع "بالنسبة لنا وإن كان هناك قضايا حول المياه الإقليمية، فلدينا قضايا ونقاط خلاف بالمياه الإقليمية مع اليونان في جزيرة كريت، وهي من الأولى والأجدر معالجتها والالتفات لها وهناك كل السبل الدبلوماسية والقانونية للتعامل مع هذه القضية".
وأكد حمودة أن مذكرة التفاهم الموقعة بين ليبيا وتركيا في مجال الطاقة هي خطوة مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين وزيادة فرص إنتاج الطاقة واستثمار الموارد خير استثمار، وفق المعمول به في المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، وبما لا يتعارض مع القوانين النافذة في البلدين.
وذكر أن المذكرة تنص على تبادل الخبرات والمعلومات، والتعاون في مختلف النواحي القانونية والفنية والعلمية، وتنظيم الندوات والمؤتمرات المشتركة وتشجيع الشراكة بين القطاع الخاص والعام وتشجيع الشركات بين الجانبين لزيادة فرص الاستثمار والاكتشاف والتنقيب وكذلك بيع الغاز والنفط.
واعتبر متحدث الحكومة أن "ما يثار حول الاتفاقية محليا نابع عن عدم دراية بتفاصيل هذه المذكرة أو من باب المناكفات السياسية".
وأردف "ونأمل أن الصراع والخلاف السياسي المحلي لا يأتي على حساب المصلحة الاستراتيجية للشعب الليبي والمصالح الكبرى".
ودعا إلى "عدم ترويج الفتن والمعلومات الخاطئة والانتظار والاطلاع على بنود المذكرة التي هي بكل تأكيد في صالح الشعب الليبي".
والثلاثاء، أعلن متحدث الخارجية التركية طانجو بيلغيتش في بيان، عدم أهمية تصريحات صادرة من اليونان والاتحاد الأوروبي بحق مذكرة التفاهم التركية الليبية في مجال الطاقة.
وأكد بيلغيتش أن الاعتراض على هذا الاتفاق المبرم بين دولتين تتمتعان بالسيادة يتعارض مع القانون الدولي والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة.
وأضاف أن "اليونان تحاول اغتصاب الحقوق المشروعة لتركيا وليبيا من خلال المطالبة بمناطق بحرية مرخصة، وجهودها لن تسفر عن أي نتائج".
وشدد على أن "دعم الاتحاد الأوروبي للمطالب المتطرفة لليونان وموقفه الذي يتجنب الحوار الصادق ويعيق سبل اللجوء إلى القضاء الدولي، يتعارض مع قوانينه الخاصة والقانون الدولي".
وأبرمت أنقرة اتفاقية تعاون عسكري وأمني واتفاق ترسيم بحري مثير للجدل في نوفمبر 2019 مع حكومة الوفاق الوطني السابقة ومقرها طرابلس.
ويسمح الاتفاق البحري لأنقرة بتأكيد حقوقها في مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي يثير استياء اليونان والاتحاد الأوروبي.
في المقابل، ساعدت تركيا عسكريًا حكومة طرابلس السابقة في صد هجوم منتصف عام 2020 على العاصمة شنه رجل الشرق القوي المشير خليفة حفتر.
في نهاية 2020، وافق البرلمان التركي على اقتراح بتمديد الإذن بنشر الجيش في ليبيا لمدة 18 شهرًا، حيث تواصل أنقرة ممارسة نفوذ كبير في جميع أنحاء الجزء الغربي.
وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا منذ مارس، الأولى هي حكومة طرابلس التي تأسست عام 2021 كجزء من عملية سلام برعاية الأمم المتحدة، والثانية يقودها منذ مارس وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا وبدعم من جانب حفتر.
وفي هذا الصراع على السلطة الذي تصاعد في الأسابيع الأخيرة، يبدو أن أنقرة انحازت إلى حكومة طرابلس.