السيناريست السوري أحمد السيد: الفنان لا تقيمه الأضواء والشهرة

الحركة الثقافية السورية باتت تعاني من اختلافات قاسية في وجهات النظر.
الأربعاء 2022/10/05
الصدق والموهبة يحققان النجاح

لا يرى المشاهد من العمل الدرامي سوى حلقاته على شاشات التلفزيون أو على هاتفه عبر منصات أو مواقع الشبكة العنكبوتية، أما المسلسلات الإذاعية والتي تتواصل مع جمهورها صوتيا، فهي أيضا لها خفاياها رغم أنها أقل كلفة إنتاجية، لكن ما يجمع العالمين رغم اختلافهما هو السيناريو، الذي يعتبر ركيزة أساسية في كل دراما، كما يؤكد الكاتب والممثل السوري أحمد السيد في هذا الحوار معه.

دمشق - لئن حققت الدراما الإذاعية شعبية واسعة النطاق خلال ظهورها في القرن الماضي، حيث كانت وسيلة الترفيه الشعبية الرائدة في العالم، صارت اليوم تقاوم الكثير من الصعوبات علّها تستمر وتتطور مستغلة كل الإمكانيات المتاحة.

وفي السنوات الماضية أثبتت المسلسلات الإذاعية أنها لا تزال تتمتع بجاذبية عالية وخاصة خلال فترة انتشار فايروس كورونا المستجدّ، حيث قدمت الإذاعة محتوى يستجيب لأفق انتظار المستمعين الذين يهربون من الأعمال التلفزيونية التجارية باحثين عن مسلسلات تتناول القيم الإنسانية والأحداث التاريخية وتقدم لهم وجبة كوميدية لا تسقط في الابتذال وتشتبك مع قضاياهم بلا استسهال وركاكة.

الدراما الإذاعية

استطاع الكاتب أحمد السيد عبر مسيرته الفنية والدرامية أن يقدم أعمالاً درامية إذاعية وتلفزيونية ومسرحية، سلط من خلالها الضوء على هموم الناس وقضاياهم ومشاكلهم، الأمر الذي أكسبه خبرة طويلة في كل الفنون التي نال على بعضها العديد من الجوائز، وخاصة ما قدمه في العمل الدرامي الإذاعي.

عن أعماله الإذاعية الجديدة، يقول السيد إنه انتهى مؤخراً من كتابة مسلسل درامي إذاعي، يتحدث عن الحرب السورية ومواجهة الإرهاب، موضحاً أنه سيبدأ بث المسلسل خلال الأيام القادمة، إضافة إلى مسلسل درامي للتلفزيون، وهو قيد التحضير الآن.

النقد حالة صحية لجميع الثقافات والفنون، بشرط أن يكون موضوعياً ومهنياً وبناء وأن يكون الناقد ذا خبرة وثقافة

ولدى السيد عملان مستمران في الدراما الإذاعية حتى الآن وهما “يوميات شو عم يصير”، وهو برنامج درامي يرصد المشاكل اليومية للمواطن بقالب خفيف، ويقوم بأداء شخصياته كل من الفنانين وفاء موصلي وعلي القاسم وهو من إخراج الفنان محسن غازي.

أما العمل الثاني فهو “محكمة الضمير” المستمر منذ سبعة عشر عاما، وهو برنامج درامي يبحث في القضايا والجرائم الخاضعة لمحاكمة الضمير قبل القانون، من إخراج الفنان محمد غزاوي وبطولة عدد من نجوم الدراما السورية، لافتاً إلى أن هذا البرنامج حصد العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية.

ويشير الكاتب الدرامي إلى أنه أول من كتب المونودراما الإذاعية وقد كانت مجازفة، حيث استطاع من خلالها أن يقدم نجاحاً بدعم من دائرة الدراما الإذاعية في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، التي تبنت العمل الذي ساهم في نجاحه المخرج باسل يوسف وأخرجته الفنانة أماني الحكيم.

وتعتمد الدراما الإذاعية عامة على الحوار والموسيقى والمؤثرات الصوتية لمساعدة المستمع على تخيل الشخصيات والقصة، فهي أعمال سمعية في البعد المادي ولكنها تمتلك تأثير القوة البصرية في البعد النفسي. وتشمل الدراما الإذاعية مسرحيات مكتوبة خصيصا للراديو والدراما الوثائقية والأعمال الدرامية الخيالية، بالإضافة إلى المسرحيات المكتوبة في الأصل للمسرح، بما في ذلك المسرح الموسيقي والأوبرا.

ويمنح الأسلوب المميز في مخاطبة الذهن، واستخدام خيال المتلقي والمؤثرات السمعية واللغة البسيطة القريبة من اللهجة العامية المختلفة، المسلسلات الإذاعية فرصة من ذهب للحفاظ على جمهورها والصمود وتقديم أعمال جديدة عاما تلو آخر.

والمصاعب كثيرة أمام منتجي الدراما اليوم، خاصة في ظل حدة التنافس وتطور ذائقة الجمهور والانفتاح على جماهير جديدة خارج الإطار المحلي، علاوة على إشكاليات التمويل التي قد تكون ضخمة أحيانا وهو ما يتطلب منتجين يمكنهم الرهان على الأعمال الدرامية بجدية.

تجربة متنوعة

لكن يبقى أول هذه المصاعب وأكبرها هو كتابة السيناريو، الذي يعتبر المادة الأولى لأي عمل درامي، وهو ما يتطلب موهبة وصنعة وقدرة على الخلق الذي منه سيستل العمل الدرامي سواء في صورته المرئية أو المسموعة.

وما قدمه السيد أتى نتيجة خبرته ومشاهداته للحياة والواقع وفق وصفه، حيث ترجمه في أعمال درامية إذاعية وتلفزيونية ومسرحية، لافتاً إلى أن أكثر ما كتبه في مجال الدراما الإذاعية كان من أفكاره وتجاربه وما يجول في خياله، وما يراه في بيئات المجتمع من مشاكل وهموم لأنه لم يحظ كثيراً بالتعامل مع شركات الإنتاج الخاصة، واقتصر على العمل مع المؤسسات الرسمية، التي قدمت له كل التسهيلات لنجاح أعماله.

أكثر ما كتبه السيد كان في مجال الدراما الإذاعية وكان وليد مشاهداته وأفكاره وتجاربه وما يجول في خياله

“الفنان لا تقيمه الأضواء ولا الشهرة ولا الغرور” جملة يشير بها السيد إلى أن هناك إبداعات تتجذر في ذاكرة الناس، وتثبت حضورها بقوة عندما يكون الصدق والموهبة الحقيقية عنوانها، لافتاً إلى أن هناك الكثير من الشعراء والأدباء الذين أخذوا حق غيرهم وهم لا يمتلكون أدنى مقومات الثقافة.

وعن أهمية النقد في الوسط الثقافي بكل أشكاله يبين السيد أن النقد حالة صحية لجميع الثقافات والفنون، بشرط أن يكون موضوعياً ومهنياً وبناء وأن يكون الناقد ذا خبرة وثقافة ومؤهلاً لقراءة المنقود بشكل ناضج مبني على ثقافة وقواعد وذوق نقدي، أما “الأدعياء وأشباه النقاد” حسب وصفه فهم من ساهموا في تراجع الثقافة.

وعن الفرق بين ثقافة الماضي والحاضر يوضح السيد أن لكل زمن أوجاعه ومشاكله ومثقفيه، وأن الحركة الثقافية في زمننا تعاني من اختلافات قاسية في وجهات النظر، لافتاً إلى أنها تتراوح بين الثقافة المبنية على فهم التاريخ وتطويره، وبين دعاة التحرر من هذا التاريخ وابتداع ثقافات جديدة، قد لا تناسب أذواقنا ومفاهيمنا الثقافية المتجذرة، وهذا لا يعني أن نلغي ما يسمى بفكرة “المثاقفة”، ولكن لا بد من التمسك بثقافتنا والدفع بها إلى العالمية.

ويذكر أن أحمد السيد ممثل ومخرج وكاتب سوري من مواليد منطقة “سحم” في الجولان. حصل على دورة في إعداد الممثل ومساعد مخرج، وكتب السيناريو التلفزيوني والسينمائي والإذاعي بشكل خاص.

وقد شارك السيد كممثل في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والإذاعية. وله في المسرح العديد من الأعمال لكنه اشتهر أكثر في أعماله الإذاعية على غرار “خزانة العرب”، “حزورة رمضان”، “هن في عيون الأدب”، “حكاية من رواية ليالي وأحداث” وغيرها العديد من الأعمال التي ما تزال تجتذب الجمهور.

13