الشركات في سوريا تكافح لترويض الرسوم الجمركية

دمشق - دخلت الشركات والمستوردون في سوريا في ماراثون من الضغوط على الحكومة لإقناعها بتخفيف الرسوم الجمركية التي تضاعفت بشكل مخيف خلال السنوات القليلة الماضية مما أربك قطاع الأعمال الباحث عن ضوء في نفق أزماته المزمنة.
ويواجه المصدرون، الذين يتوقون لنقل سلعهم إلى أسواق المنطقة المربحة وخاصة الخليجية منها عبر المعابر التي أعيد فتحها خلال الأعوام الأخيرة، صعوبات كثيرة تتمثل في التغلب على الرسوم الجمركية المرتفعة والمنافسة مع المنتجين الذين حلوا مكانهم.
وخلال اجتماع بين غرفة تجارة دمشق وإدارة الجمارك العامة عقد مطلع هذا الأسبوع طالب التجار بإدخال العديد من الإصلاحات الفورية من أجل إنقاذ أعمالهم وفي الوقت ذاته زيادة مستوى الصادرات حتى في ظل قيود العقوبات الأميركية.

محمد أبوالهدى: يجب تعديل الرسوم ليتمكن المستهلك من شراء السلع
ولعل أبرز تلك المطالبات تفعيل النافذة الموحدة وتسريع تعديل الأسعار الاسترشادية تباعا ضمن نظام التخليص الجمركي المحوسب (الأسيكودا)، وهو أحد المعايير المعمول بها عالميا، وإعادة الرسوم الجمركية للبضائع المستوردة بإدخال مؤقت والعمل على تخفيضها.
وإلى جانب ذلك برزت مطالبات تمديد ساعات عمل مديرية الجمارك إلى ما بعد الدوام الرسمي، وتسوية وضع البضائع المستوردة قديما والموجودة بالمحلات التجارية في المناطق التي استطاعت دمشق السيطرة عليها والتي بياناتها الجمركية مفقودة بسبب الحرب.
وأكد رئيس غرفة تجارة دمشق محمد أبوالهدى اللحام ضرورة التعاون والتنسيق بين الغرفة ومديرية الجمارك العامة، للتغلب على العقبات التي تواجه عمليات الاستيراد والتصدير والتخليص الجمركي.
ونسبت وكالة الأنباء السورية الرسمية إلى اللحام قوله إن الضرورة تقتضي “تعديل الرسوم الجمركية على بعض المستوردات، لتمكين المستهلك من الحصول عليها بأسعار مقبولة، وتخفيض التكاليف والأعباء منعاً للتهرب الضريبي”.
وتؤكد تقارير محلية ومهتمون بالشأن السوري ومنظمات دولية أن استعادة الأنشطة الاقتصادية لزخمها، وخاصة فيما يتعلق بالمبادلات التجارية، لا تزال تسير ببطء شديد جراء الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة.
وتشهد سوريا، التي تعيش نزاعا منذ 11 عاما، أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة، وارتفاعا كبيرا في معدلات التضخم والأسعار وندرة في الوقود وانقطاعا طويلا في التيار الكهربائي، وهو ما يؤثر على تكاليف الإنتاج والنقل واستدامة عمل المصانع والشركات.
وتكافح الصناعة التي تواجه تحديات شاقة من أجل إيجاد مخرج لها من ورطة العقوبات الأميركية، ورغم المحاولات الخجولة التي تقوم بها دمشق لإعادة الروح إلى القطاع إلا أن الخبراء يشككون في قدرتها على تجاوز المطبات التي خلفتها سنوات الحرب.
ولكن المديرية العامة للجمارك تقول إنها تقوم بجهود إضافية فيما يتعلق بتحسين نشاط حركة الاستيراد والتصدير وعمل الجمارك في إطار الرقابة اللاحقة على المستوردات ومكافحة التهريب ودورها في ضبط الحدود والمحاور الجمركية وغيرها.
وقال المدير العام للجمارك ماجد عمران إن إدارة الجمارك “اتخذت العديد من التدابير في كل ما يتصل بالتجار والصناعيين، سواء لجهة الاستيراد أو التصدير، وتسهيل انسياب البضائع، وتبسيط الإجراءات” بما في ذلك الرقمنة والدفع الإلكتروني.
وتشمل أتمتة العمل الجمركي المتعلقة بإجراءات الاستيراد والتصدير تقديم البيان الجمركي والوثائق المطلوبة، وصولا إلى احتساب الرسوم.
وقال عمران إن “العمل جار على تفعيل الدفع الإلكتروني بالتنسيق مع السورية للمدفوعات الإلكترونية، بما يسهّل ويضبط عمليات دفع الرسوم”.
وأوضح أن إدارة الجمارك تعكف حاليا على تطبيق مشروع التعقب، المتعلق بالرقابة على حركة الشاحنات في العبور وتعقب حركة دوريات الجمارك.
وحاولت السلطات خلال العامين الماضيين تذليل العقبات أمام نشاط الشركات حتى تستفيد من قانون يتعلق بتخفيض تكاليف إنتاج السلع والمنتجات بما ينعكس إيجابا على الأسواق المحلية واستقرار الأسعار فيها.
ويرى المتابعون للشأن الاقتصادي السوري أن هناك بعض الحوافز لكنها ليست كافية؛ فالخطوات التي اتخذتها الحكومة مثل خفض الضرائب والرسوم الجمركية على الواردات الصناعية لم تكن ذات جدوى حتى الآن.
وتريد الحكومة تعزيز إيراداتها الجمركية لتغطية جزء من الالتزامات المالية الكثيرة، التي تسببت في عجز كبير في الميزانية السنوية، من خلال إعادة هيكلة هذا الجهاز.
وكانت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام قد نشرت في يوليو الماضي مشروع قانون ينص على تأسيس هيئة عامة للجمارك لتكون بديلا عن الإدارة الحالية.