إسرائيل تلجأ إلى المسيّرات لتعقب النشطاء المسلحين في الضفة الغربية

يثير قرار الجيش الإسرائيلي باستخدام الطائرات المسيرة لاغتيال نشطاء مسلحين في الضفة الغربية مخاوف كبيرة من تفجر الوضع أكثر في المناطق الفلسطينية التي تشهد توترا أمنيا غير مسبوق منذ سنوات.
رام الله (الضفة الغربية) - تواجه إسرائيل تحديات أمنية كبيرة في كبح نشاط مسلحين فلسطينيين نجحوا على مدار السنوات الأخيرة بدعم من حركتي حماس والجهاد الإسلامي في تحويل مدن ومناطق بالضفة الغربية إلى منطلق لهجمات ضد أهداف إسرائيلية.
وتشن القوات الإسرائيلية، منذ أشهر مداهمات يومية في مدن الضفة، تقابل برد ناري ما يعكس جرأة كبيرة لدى النشطاء المسلحين، وهو ما يدفع المؤسسة الأمنية في إسرائيل إلى تبني خيارات خطرة قد تفجر الوضع أكثر في المناطق الفلسطينية على غرار قرار اللجوء إلى المسيرات لتنفيذ عمليات في الضفة.
وتتهم إسرائيل حركتي حماس والجهاد، بتنفيذ أجندة إيرانية ترمي إلى إشعال الضفة الغربية، وإدخالها في حرب استنزاف. وتعتبر إسرائيل أن تحركاتها في الضفة، ترمي إلى قطع الطريق عن هذه الأجندة خشية فقدان السيطرة لاحقا على الأوضاع.
وأعطى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي الضوء الأخضر لاستخدام طائرات دون طيار مُسلّحة لتنفيذ عمليات اغتيال بالضفة الغربية.

أفيف كوخافي: سنواصل الاستعداد لكل السيناريوهات وسنعمل وفق الحاجة
وعزت صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية السبب إلى مواجهة قوات الأمن الإسرائيلية لارتفاع ملحوظ في عمليات إطلاق النار خلال مداهمات الاعتقالات، وتحديداً في مدينتي جنين ونابلس شمالي الضفة.
واعتبرت هيئة البث الإسرائيلية، في تقرير لها الخميس “أن هذه التعليمات تعد تصعيدًا غير مسبوق في نشاط الجيش الإسرائيلي الذي أطلق قبل بضعة أشهر حملة عسكرية لإحباط العمليات”، في الضفة الغربية.
وأسفرت الحملة العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي منذ مارس الماضي، عن اعتقال نحو 1500 ناشط فلسطيني، لكنها عدت غير كافية لضبط الوضع، وسط انتقادات إسرائيلية لسلطة الرئيس محمود عباس لعدم قدرتها على فرض سيطرتها في المناطق الخاضعة لها.
وكان الجيش الإسرائيلي قد قال في تصريح مكتوب الأربعاء “أجرى رئيس الأركان أفيف كوخافي اجتماعًا لتقييم الوضع الأمني في القيادة الوسطى العسكرية، وذلك في ضوء الأحداث الأمنية في يهودا والسامرة”، في إشارة إلى الضفة الغربية.
وقال كوخافي، بحسب التصريح ذاته “سنواصل الاستعداد لكل دائرة السيناريوهات، وسنعمل وفق الحاجة في كل ساعة ومكان لضمان أمن سكان دولة إسرائيل”.
وجاء قرار كوخافي في وقت تتحدث فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن إمكانية إطلاق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة، في شمالي الضفة الغربية.
وقال دورون كادوش، المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي، في سلسلة تغريدات على تويتر، الخميس “السبب في أن الجيش الإسرائيلي لم يستخدم طائرات دون طيار مسلحة في الضفة الغربية، هو الخوف من التسبب في أضرار جسيمة، فهجوم واحد يمكن أن يقتل 10 إلى 15 رجلاً مسلحًا، ويُلحق أضرارًا بالمباني، بل وتنهار المباني، ويؤذي أيضًا غير المتورطين”.
سلاح الجو الإسرائيلي يستخدم طائرات دون طيار مسلحة منذ عام 2008 في عمليات قتل مستهدفة في غزة، ولكن لم يتم استخدامها في الضفة الغربية
وأضاف “مثل هذا الهجوم يمكن أن يصعّد الوضع أكثر، لذا عند تقييم الوضع، تقرر استخدام هذه القدرة (المُسيّرات) بحذر”. وتابع “في هذه المرحلة، يقول الجيش الإسرائيلي إننا لم نصل بعد إلى مرحلة الاغتيالات المستهدفة من الجو، وقد أثبتت العمليات البرية أنها الأكثر فعالية”.
واستدرك كادوش أنه تجري الاستعدادات لاستخدام الطائرات دون طيار لإطلاق النار على منزل من الجو، أو ضرب رجال مسلحين من الجو في حالات استثنائية.
وفي الغضون، لم يستبعد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف تنفيذ عملية عسكرية واسعة، شمالي الضفة الغربية. وقال في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي الخميس “لا أحد لديه مصلحة في إطلاق عملية واسعة النطاق، لذلك نحن نبذل جهودًا مستهدفة وإجراءات مضادة”.
واستدرك “هل هذا يعني أننا لن نضطر في المستقبل إلى القيام بمثل هذه العملية؟ الجواب لا. إذا استمر الوضع في التدهور، فقد يحدث ذلك”. وأضاف بارليف “احتمال انضمام حركتي حماس والجهاد من قطاع غزة في حال شننا عملية، لن يردعنا”.
ويستخدم سلاح الجو الإسرائيلي طائرات دون طيار مسلحة، منذ عام 2008 في عمليات قتل مستهدفة في غزة، ولكن لم يتم استخدامها في الضفة الغربية.
وكثفت إسرئيل على مدى العقد الماضي الاستخدام التشغيلي للطائرات دون طيار من قبل القوات الجوية، حيث تشهد كل عملية تقريبًا الآن استخدام هذه الطائرات.
ويرى مراقبون أن تحول إسرائيل إلى استخدام المسيرات في الضفة أمر شديد الخطورة قد ينتهي بعنف يصعب احتواؤه.
وحذرت وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية الخميس من تداعيات قرار الجيش الإسرائيلي باستخدام الطائرات المسيرة في تنفيذ عمليات اغتيال في الضفة الغربية.
وحملت الوزارة، في بيان صحافي، الحكومة الإسرائيلية “المسؤولية الكاملة والمباشرة عن التصعيد الحاصل في ساحة الصراع والناتج بالأساس عن تصعيد عدوان قوات الاحتلال واقتحاماتها الدموية العنيفة للمدن والبلدات الفلسطينية”.
واعتبرت الوزارة أن “التصعيد الحاصل في الأوضاع هو سياسة رسمية إسرائيلية تدفع ساحة الصراع إلى مربعات العنف والتوتر والتصعيد، كان آخر أشكالها قرار استخدام الطائرات المسيرة في عمليات الاغتيال والقتل خارج القانون والإعدامات الميدانية”.
كما حملت الوزارة مجلس الأمن الدولي المسؤولية عن “نتائج تخليه عن مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، وتغييب نفسه عن بذل جهود حقيقية لإحياء عملية السلام والمفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي”.
وشهدت محافظة جنين الخميس إضرابا شاملا حدادا على أرواح أربعة شبان فلسطينيين قتلوا الأربعاء خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي مخيم جنين للاجئين.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أنه منذ ساعات الصباح عمّ الإضراب التجاري الشامل والحداد مدينة جنين وبلداتها وقراها، وأغلقت المحال التجارية أبوابها، بدعوة من فصائل العمل الوطني والإسلامي.
وقتل أكثر من مئة فلسطيني في الضفة الغربية منذ بداية العام الجاري فيما قتل نحو 20 إسرائيليا خلال هجمات متفرقة في الضفة وفي مدن إسرائيلية في ظل تصاعد وتيرة التوتر الأمني بشكل غير مسبوق منذ سنوات.