النقابات الأمنية تحتج على جهود السلطة التونسية للحد من نفوذها

تونس - تظاهر المئات من المحتجين من النقابات الأمنية في “يوم غضب أمني” الأربعاء في محافظة صفاقس جنوب تونس ضد قرار السلطة فرض قيود على أنشطتهم، وذلك إثر قرار غلق مقر إحدى النقابات (نقابة قوات الأمن الداخلي) وحجز أموال داخله والقبض على عدد من النقابيين، وبعد دعوة الرئيس قيس سعيّد إلى الحد من نفوذ تلك النقابات وجمعها في هيكل نقابي موحد.
وتسود حالة من التوتر بين النقابات ووزارة الداخلية التي أصدرت سلسلة من القرارات، أبرزها وقف اقتطاع المساهمات المالية من رواتب الأمنيين لفائدة النقابات.
وهذا الأسبوع أغلقت السلطات مقرا لنقابة “قوات الأمن الداخلي”، أكبر نقابات الأمن، وصادرت مبلغا ماليا بقيمة 600 ألف دينار. كما قررت السلطات القضائية إيقاف ثمانية عناصر أمنية بتهمة العصيان أثناء فض اعتصامات للنقابات الأمنية في وقت سابق.
وقال نبيل العياري، كاتب عام نقابة قوات الأمن الداخلي، أمام المحتجين “نطالب بإطلاق سراح زملائنا الموقوفين على خلفية نشاط نقابي. هل أصبح العمل النقابي جريمة؟”، فيما ردد محتجون “نقابة نقابة تحمينا من العصابة” و”لا لا للتعليمات الدستور هو الكل” و”مرحبا بالإيقافات”.
وبدأت الأزمة في أغسطس الماضي عندما انسحب أمنيون من تأمين عرض مسرحي ساخر تضمن تلميحات مبطنة ضد قوات الشرطة.
وانتقد الرئيس التونسي قيس سعيّد هذه الخطوة، وقال إنها مخالفة للدستور، وطالب وزير الداخلية بأن تكون هناك نقابة موحدة، على أن يقتصر نشاطها على الخدمات الاجتماعية. لكن النقابات رفضت المقترح ودخلت في احتجاجات واعتصامات، قائلة إن العمل النقابي مكفول بالدستور الجديد.
وسعى الرئيس التونسي، وفق مراقبين، إلى طمأنة جزء هام من الشعب التونسي بأن حرية التعبير مضمونة، وبأن الجهاز الأمني مؤسسة في خدمة التونسيين، وليس من صلاحياته اتخاذ قرارات من مشمولات مؤسسات أخرى في الدولة أو المس من قيم الديمقراطية وحرية التعبير.
ولا يمنع الدستور العمل النقابي على أجهزة الأمن، ولكنه يحظر الإضرابات في هذا القطاع.
حالة من التوتر بين النقابات الأمنية والداخلية التي أصدرت قرارات من أبرزها وقف اقتطاع المساهمات المالية لفائدة النقابات
وامتثلت المؤسسة الأمنية لقرار الرئيس إعلان التدابير الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو عام 2021 وحل البرلمان وإلغاء دستور 2014، ولكن النقابات ترفض فرض قيود على العمل النقابي.
وقال العياري “وزارة الداخلية لا تريد العمل بالقانون، تريد العمل بالتعليمات ونحن نرفض العمل بالتعليمات”.
ويرى مراقبون أن النقابات الأمنية دخلت في معركة كسر عظم مع الداخلية والسلطة التنفيذية، حيث سعت إلى توجيه سهام من الانتقادات لشخص وزير الداخلية توفيق شرف الدين، والعمل على مقاضاته في ملف “الاعتداء بالعنف والإضرار بملك الغير”.
وتؤكد وزارة الداخلية التونسية أنها لا تستهدف النقابات الأمنية، ولكنها تسعى لفرض القانون، حيث أشارت الناطقة الرسمية باسم وزارة الداخلية فضيلة خليفي، في مؤتمر صحافي للوزارة، بداية الشهر الجاري إلى أن ممارسة العمل النقابي يكون دون المساس بثوابت العمل الأمني، وخاصة في ظل تسارع التحديات على غرار محاربة الإرهاب.
ويرى مراقبون أن الخلافات بين وزارة الداخلية والنقابات الأمنية ستكون لها تداعيات على الوضع العام، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية تمر بها البلاد.