تصاعد معدلات الجريمة يؤرق السلطات الأمنية في الأردن

عمان - يشكل تصاعد معدلات الجريمة في صفوف الأردنيين مصدر قلق للسلطات الأمنية، خصوصا الجرائم الأسرية، التي باتت تشكل نحو 25 في المئة من إجمالي جرائم القتل في الأردن، وسط ترجيحات الخبراء بأن ترتفع إلى خمسين في المئة.
ويربط الخبراء تنامي الجرائم في المملكة بالتحولات التي يشهدها المجتمع الأردني، نتيجة الوضع الاقتصادي الضاغط والذي أدى إلى زيادة نسبة الفقر وعمّق التفاوتات الاجتماعية، وساهم بشكل كبير في تفكك النسيج الأسري، فضلا عن انتشار المخدرات لاسيما في أوساط الشباب.
وألقت قوة أمنية الأربعاء القبض في لواء الرمثا التابع لمحافظة إربد القريبة من الحدود السورية، على أحد الأشخاص المشبوهين، إثر قيامه بضرب شخص آخر أمام عائلته، في حادثة ظهرت بمقطع فيديو مصوّر تم تداوله على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
المعايطة يؤكد أن مديرية الأمن العام ستضرب بيد العدالة والقانون للحفاظ على الطمأنينة العامة
وذكرت مديرية الأمن العام أنه وفور ورود بلاغ عن الحادثة، تابع فريق تحقيقي الواقعة، وتمكن من تحديد مكان الشخص الذي توارى عن الأنظار منذ الليلة الماضية، وتمت مداهمته وإلقاء القبض عليه، وضُبط بحوزته سلاح ناري، وسيتم تحويله للجهات القضائية والإدارية المختصة.
وأوعز مدير الأمن العام إلى كافة قادة الأقاليم والمدراء بالبدء بتنفيذ خطة أمنية حازمة لإنفاذ القانون والقبض على المشبوهين ومكرري الجرائم والمطلوبين، والتصدي لكل من تسول له نفسه التعدي على الأرواح والممتلكات وترهيب المواطنين.
ووجه اللواء عبيد الله المعايطة، الذي جرى تعيينه حديثا خلفا للفريق الركن حسين الحواتمة، قوات الدرك بمساندة الإدارات المختصة في البحث الجنائي ومكافحة المخدرات والأمن الوقائي وباقي الوحدات المختصة بمكافحة الجريمة، ودعم جهودهم ضمن إجراءات مشددة في البحث والقبض على المشتبه بهم من مكرري الجريمة وذوي السوابق الذين يشكلون تهديدا لأمن المجتمع وسلامته.
وأكد المعايطة، وفق وسائل إعلام محلية، “أن مديرية الأمن العام ستضرب بيد العدالة والقانون للحفاظ على الطمأنينة العامة، وسيعلم حزمنا كل معتد وخارج عن القانون”.
وكانت العاصمة عمان شهدت قبل نحو أسبوع جريمة قتل تعرض لها شاب في الثلاثينات من عمره بعيار ناري، وهو مشهد أصبح متكررا في السنوات الأخيرة.
ويرى الخبراء أن تفاقم ظاهرة الاعتداء بالعنف في الأردن يستوجب إعادة النظر في أسلوب احتواء هذه الظاهرة، حيث أن الجانب الردعي يبقى غير كاف، فضلا عن كونه يشكل عبئا إضافيا على الدولة.
وكشفت إدارة السجون الأردنية مؤخرا أن عدد نزلاء السجون تجاوز السعة الاستيعابية ليصل إلى 20 ألفا، مشيرة إلى أن السعة الاستيعابية لها تبلغ 13 ألفا و282 نزيلا.
20
في المئة من المتعاطين للمخدرات داخل بيوتهم، مما يدفعهم لارتكاب جرائم أسرية
وأوضح الخبير في علم الاجتماع حسين الخزاعي في تصريحات صحافية أنه “منذ أكثر من سنة لم ينخفض مجموع النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل الأردنية عن 19 ألفا، جراء زيادة نمط الجرائم، خصوصا المتعلقة بالاحتيال والمخدرات”. وحذر الخزعلي أيضا من تنامي الجرائم الأسرية التي قال إنها من المتوقع أن تزداد بوتيرة متسارعة خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن ما يبرر هذا الاستنتاج هو الزيادة الملحوظة في عدد القضايا المسجلة بالمحاكم الشرعية الابتدائية ومحاكم الاستئناف والمحكمة العليا الشرعية في عام 2022 مقارنة بعام 2021.
وأشار إلى أن عدد القضايا بلغ 88258 حالة في عام 2020 وارتفع إلى 107561 حالة في عام 2021، تضاف لها 33968 حالة مدورة من سنوات سابقة ليصبح العدد 141529 حالة، وهذا الارتفاع المتزايد مؤشر خطير جدا على وجود خلافات ومشاكل أسرية داخل المجتمع الأردني.
وكشف أن من أهم الأسباب المؤدية للجريمة هو وجود 22 في المئة من الأسر الأردنية الأرباب فيها عاطلون عن العمل، مؤكدا أن البطالة والفقر يعتبران من الأسباب المؤدية إلى ارتكاب الجرائم هربا من عدم القدرة على سداد الديون أو دفع التزامات الأسرة وتكاليف المعيشة ما يؤدي إلى ارتكاب جرائم القتل.
وأكد أن تعاطي المخدرات داخل المنازل من مسببات ارتكاب الجرائم، إذ أن 20 في المئة من المتعاطين للمخدرات في الأردن يتعاطونها داخل بيوتهم، وفي حال فقدان السيطرة على أنفسهم أو تعرضهم للضغوط قد يدفعهم لارتكاب الجرائم الأسرية.
ونشطت تجارة المخدرات بشكل لافت في السنوات الأخيرة، والتي يجري تهريبها إلى الداخل الأردني من الحدود السورية، عن طريق مافيات تديرها ميليشيات موالية لإيران على غرار حزب الله اللبناني في الجنوب السوري. ويكثف الجيش الأردني من دورياته على الحدود السورية، لكن ذلك لا يحول دون تسريب هذه المواد القاتلة.