الاحتجاجات في إيران تتمدد في 15 مدينة تنديدا بوفاة الشابة مهسا أميني

طهران - توسّعت رقعة الاحتجاجات في إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها على يد "شرطة الأخلاق"، لتمتد إلى 15 مدينة، فيما أفادت مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان الأربعاء عن مقتل شخصين إضافيين من المحتجين الليلة الماضية، ما يرفع حصيلة ضحايا قمع التظاهرات إلى ستة.
جاء ذلك فيما نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية، عن وزير الاتصالات عيسى زارع بور، قوله إن الوصول إلى الإنترنت في إيران قد يتعطل "لأسباب أمنية" وسط تصاعد الاحتجاجات واسعة النطاق.
وأضاف الوزير الإيراني أن "بسبب القضايا الأمنية والمناقشات الجارية حاليا في البلاد، قد يقرر الجهاز الأمني فرض قيود على الإنترنت ويطبقها، لكن بشكل عام لم يحدث أي تخفيض في النطاق الترددي".
وانفجر الغضب الشعبي في الشارع منذ أعلنت السلطات الجمعة وفاة الشابة البالغة من العمر 22 عاما، وهي من منطقة كردستان في شمال غرب إيران، والتي كانت أوقفت في الثالث عشر من سبتمبر في طهران بحجة ارتداء "ملابس غير محتشمة".
ويقول ناشطون إن مهسا، واسمها الكردي زينة، تعرّضت لضربة على الرأس أثناء احتجازها، وهو أمر تنفيه السلطات الإيرانية التي أعلنت فتح تحقيق في الحادثة.
وأظهرت أشرطة فيديو تم تداولها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي أن بين المحتجين نساء خلعن الأوشحة عن رؤوسهن وعمدن إلى إلقائها في نيران أشعلت في الطريق، بينما عمدت أخريات إلى قص شعورهن بشكل قصير في إجراء رمزي.
وتحدثت وسائل إعلام إيرانية رسمية الأربعاء عن ليلة خامسة من الاحتجاجات في الطرق في 15 مدينة، مشيرة إلى أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وفرّقت حشودا جمعت قرابة ألف شخص.
وذكرت وكالة الأنباء "إرنا" أن المتظاهرين عطلوا حركة المرور في بعض المناطق وأشعلوا النار بمستوعبات النفايات ومركبات الشرطة، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة وردّدوا شعارات مناهضة للنظام.
وعبّرت الأمم المتحدة ومجموعات حقوقية عن قلقها الثلاثاء حيال ما وصفه ناشطون بحملة أمنية "قاتلة" في إيران.
وشملت الاحتجاجات الليلة الماضية طهران ومدنا أخرى، بما فيها مشهد في شمال شرق البلاد، وتبريز في الشمال الغربي، وأصفهان في الوسط وشيراز في الجنوب، وفق إرنا.
وهتف المتظاهرون، وفق أشرطة الفيديو المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حتى خارج إيران، على الرغم من القيود التي فرضت على الإنترنت، وفق مرصد مراقبة الشبكة "نيتبلوكس"، "الموت للدكتاتور"، و"نساء، حياة، حرية".
وألقى المرشد العام للجمهورية الإسلامية علي خامنئي الأربعاء خطابا لم يذكر فيه الاحتجاجات. وسيتحدث الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في وقت لاحق الأربعاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك.
وأعلن محافظ كردستان الإيرانية إسماعيل زاري كوشا الثلاثاء أن ثلاثة أشخاص قتلوا خلال تظاهرات في المحافظة التي كانت تقيم فيها أميني.
وأضاف، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء "فارس"، أنهم "قتلوا في ظروف مشبوهة" في إطار "مخطط للعدو" من دون تحديد تاريخ الوفيات.
وأشار إلى أن "أحد أبناء مدينة ديفاندره قتل بنوع من الأسلحة العسكرية التي لا تستخدمها القوات المسلحة"، مضيفا أن شخصا آخر قتل في مدينة صاغيز و"تُرك في سيارة بالقرب من مستشفى".
وأفادت منظمة "هنكاو" لحقوق الإنسان الكردية، والتي تتخذ من النرويج مقرا، وكانت أول من أفاد بمقتل الثلاثة، الأربعاء بأن قتيلين آخرين سقطا ليلا.
وأحد القتيلين في السادسة عشرة، وقد قتل في مدينة بيرانشهر حيث سجّلت مواجهات عنيفة. والثاني في الثالثة والعشرين، وقد قتل في مدينة أورميا، وفق هنكاو.
وقالت المنظمة إن محتجا آخر كان جرح في ديفاندره في السابع عشر من سبتمبر، وتوفي في المستشفى متأثرا بجروحه.
ويمكن في أحد أشرطة الفيديو المتداولة رؤية عناصر أمن تطلق النار على محتجين في مدينة شيراز في الجنوب، حيث استمرت الاحتجاجات حتى الصباح الباكر.
واستنكرت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ودول أخرى وفاة أميني وتعامل القوات الإيرانية مع التظاهرات.
وهي الاحتجاجات الأخطر في إيران منذ تظاهرات نوفمبر 2019 احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود.
وندّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الثلاثاء بما اعتبره "تدخلا أجنبيا". وقال "من المؤسف أن بعض الدول تحاول الاستفادة من حادث يتم التحقيق بشأنه لبلوغ أهدافها ورغباتها السياسية ضد حكومة إيران وشعبها".
ونقلت وكالة "إرنا" الأربعاء عن وزير الاتصالات الإيراني عيسى زارع بور تحذيره من أن قيودا قد تفرض على الإنترنت "لاعتبارات أمنية".
ويرى الباحث في مركز "إيريس" دافيد ريغوليه روز المتخصص في الشأن الإيراني، أن التظاهرات "تشكل خضة مهمة" في إيران، مضيفا أن "من الصعب التكهن بكيفية انتهائها، لكن هناك عزلة تامة بين السلطات العالقة عند (...) الثورة الإسلامية ومجتمع أكثر علمانية".
ويضيف "كل المشروع المجتمعي يعاد النظر فيه، وهناك تردّد لدى السلطات حول الطريق الذي يجب اتباعه إزاء الحراك الحاصل".