باشاغا يستسلم بعد زيارة تركيا: سنعمل من بنغازي وسرت

رئيس الحكومة المكلف من البرلمان يؤكد وجود وضع إقليمي ودولي لا يريد تقارب الليبيين أو المصالحة وإنما استخدام البلاد كورقة للتفاوض في مصالح أخرى.
الأربعاء 2022/09/21
باشاغا يبدو أنه فشل في حشد الدعم لحكومته

بنغازي – يبدو أن رئيس الحكومة الليبية المكلّف من البرلمان فتحي باشاغا فشل في إقناع تركيا بدعم حكومته لتسلم مهامها بالعاصمة طرابلس، بعد ثلاث محاولات فاشلة لدخولها من أجل ممارسة مهامه، ليستسلم إلى الأمر الواقع، ويعلن مساء الثلاثاء أن حكومته ستعمل من مدينتي سرت وبنغازي.

وتأتي تصريحات باشاغا خلال كلمة ألقاها بمطار بنينا فور وصوله إلى مدينة بنغازي قادما من تركيا، بعد جولة خارجية لحشد الدعم لحكومته، استمرت ثلاثة أسابيع، يبدو أنها لم تفض إلى أي نتائج ملموسة.

وقال باشاغا "هناك بعض الليبيين يريدون استمرار الفوضى والانقسام في البلاد ويرون في ذلك مصلحة لهم"، مضيفا "كما أن هناك وضعا إقليميا ودوليا لا يريد تقارب الليبيين أو المصالحة، بل استخدام ليبيا كورقة للتفاوض في مصالح أخرى".

وتابع أن عمل حكومته "سيكون لصالح كل الليبيين"، مشيرا إلى أنّها ستعمل على حل المشاكل في كافة القطاعات تحت شعار "الشفافية والعمل".

إلى ذلك، أقرّ بفشل حكومته في ممارسة مهامها من العاصمة طرابلس، بعد تعثّر محاولات دخوله إليها، محمّلا حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة التي وصفها بـ"العصابة"، مسؤولية الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة قبل أسابيع، والتي أودت بحياة العشرات وأدت إلى خسائر مادية في المنشآت العامة.

واتهم حكومة الدبيبة بأنها "أثارت الفتنة وأطلقت النار"، مضيفا أنها "تسيطر على طرابلس بالقوّة والترهيب"، مشددا على أنّ حكومته "لن تستسلم لهذا الوضع وستعمل على فكّ أسر المنطقة الغربية وتخليص أهالي العاصمة من المعاناة".

أما لتحقيق ذلك، فطلب باشاغا دعم البرلمان من خلال توفير ميزانية لحكومته وسنّ قوانين تساعدها على أداء عملها بكل أريحية خلال الفترة القادمة.

وشهدت طرابلس أواخر الشهر الماضي معارك واشتباكات عنيفة تفجرت بين الميليشيات الداعمة لطرفي الصراع على السلطة في البلاد، موقعة 32 قتيلا وإصابة 159 آخرين، في أسوأ قتال تشهده العاصمة منذ سنتين.

وتأتي زيارة باشاغا إلى تركيا تزامنا مع وصول الدبيبة إلى مدينة إسطنبول ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأيضا بعد نحو شهر على لقاء جمع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي، المحسوب على الإخوان المسلمين، ورئيس البرلمان عقيلة صالح بأردوغان في الثاني من أغسطس الماضي، لبحث الوساطة التركية في الملف الليبي.

وكشفت زيارتا الدبيبة وباشاغا أن تركيا صارت تمسك بملف الحل السياسي في ليبيا، وأن الملعب مفتوح أمامها لضبط توليفة لحل يراعي مصالحها، خاصة أن طرفي الأزمة محسوبان عليها.

ويرى مراقبون أن تركيا استفادت من انسحاب مختلف الدول المؤثرة في الملف الليبي، وخاصة انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا وعدم تحمّس الولايات المتحدة لرعاية حل ليبي – ليبي، إذ تحوّلت إلى قبلة لزيارات المسؤولين الليبيين الباحثين عن جهة دولية قادرة على جمعهم والاستماع إليهم وفرض تسوية عليهم.

وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن تركيا تسعى من خلال تركيز حوار بين فرقاء عرفوا بأنهم حلفاء لأنقرة قبل أن يكونوا خصوما في الملف الليبي، إلى الإبقاء على سيطرتها على الملف ضمن توجه نحو وجودها الموسع في شمال أفريقيا.

وبدأ باشاغا في الحادي والثلاثين من أغسطس الماضي زيارة رسمية إلى تركيا بدعوة من الجانب التركي، لبحث "المسار السياسي وسبل التعاون بين البلدين"، وفق تصريح نشره مكتبه الإعلامي عبر صفحته على فيسبوك.

وفي الثالث من سبتمبر الجاري، أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب أن باشاغا أبلغ نواب رئيس الحكومة علي القطراني وسالم الزادمة وخالد الأسطى، وعددا من وزراء المنطقة الغربية بأن سلسلة اللقاءات التي تعقد في زيارته لتركيا تحقق "نتائج إيجابية"، مؤكدا أن الاجتماعات لا تزال مستمرة.

وأضافت الحكومة في بيان أن باشاغا عقد اجتماعا مع نوابه والوزراء عبر الدائرة المغلقة، لإطلاعهم على نتائج زيارته لتركيا.

وحسب البيان، فقد دعا باشاغا إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود للتهدئة وتفويت الفرصة على محاولات جرّ البلاد إلى عودة الصراع المسلح والفوضى، مع ضرورة الاستمرار في العمل السياسي والعمل مباشرة مع كل الأجسام والقوى السياسية الداخلية.

 كما طالب بالتواصل مع المبعوث الأممي الجديد عبدالله باتيلي والأطراف الدولية "من أجل استكمال تمكين الحكومة الليبية من مباشرة مهامها، لتهيئة الأوضاع الملائمة للوصول بليبيا إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال"، وفق البيان.

ويستعد باشاغا للإعلان عن خطة حكومته للفترة المقبلة، التي قال الاثنين إنها "ستركّز على ما يحقق الاستقرار والسلام والازدهار لليبيا وشعبها، ويضمن الوصول إلى انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة حرة ونزيهة".

وأضاف باشاغا، عبر صفحته على فيسبوك، أنه عقد "اجتماعات مثمرة وبناءة مع الدول الصديقة والشقيقة"، متابعا "أثمن عاليا ما لمسناه من إيجابية واستعداد للتعاون والعمل المشترك" مع تلك الدول، و"سننهض بليبيا على أسس من الديمقراطية، وانطلاقا من إرادة الشعب الليبي الذي يستحق العيش بسلام وطمأنينة اقتصادية واجتماعية".

وتشهد ليبيا خلافا وانقساما سياسيا كبيرا، حيث تحكم العاصمة طرابلس والمدن المجاورة حكومة عبدالحميد الدبيبة، وتسيطر الحكومة المكلفة من مجلس النواب على شرق ليبيا وجنوبها، ووسط هذا الانقسام المؤسساتي عجزت بعثة الأمم المتحدة والشركاء الدوليون عن إجراء انتخابات في ليبيا، رغم كل جلسات الحوار بين الفرقاء التي رعتها الأمم المتحدة.