الغنوشي أمام قطب مكافحة الإرهاب بحالة سراح في قضية التسفير

تونس – يمثل رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي بحالة سراح الأربعاء أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، للتحقيق معه في قضية تتعلق بتهم "تسفير جهاديين" من تونس إلى سوريا والعراق.
وأكد القيادي في حركة النهضة المحامي سمير ديلو، عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي، أنّ رئيس الحركة راشد الغنوشي غادر فجر الأربعاء مقرّ فرقة بوشوشة بعد التحقيق معه لساعات من قبل الوحدة الوطنية، للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم الماسة بالتراب الوطني.
وفي وقت سابق، قال عضو هيئة الدفاع مختار الجماعي إنّ الغنوشي يُنتظر إحالته صحبة علي العريض وجميع المشتبه بهم في الملف المقدم بمقتضى شكاية من النائبة السابقة فاطمة المسدي، صباح الأربعاء على النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
وأصدرت النيابة العامة بالوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب مساء الثلاثاء حكما بالإبقاء على القيادي التاريخي ورئيس جمعية الدعوة والإصلاح الحبيب اللوز في حالة سراح، بعد استكمال استنطاقه والاستماع له في ملف التسفير إلى بؤر التوتر، فيما ذكرت وحدة البحث في جرائم الإرهاب ببوشوشة إنه سيتم إحالته في حالة تقديم الأربعاء أمام قطب مكافحة الإرهاب.
وكان الغنوشي قد خضع للتحقيق الثلاثاء لليوم الثاني في قضية تسفير الآلاف من الشباب التونسيين للقتال في مناطق النزاع من سوريا إلى العراق فليبيا وغيرها.
وتواصل استنطاق الغنوشي الذي وصل إلى مقر الوحدة ببوشوشة في حدود الساعة الخامسة بعد ظهر الثلاثاء بالتوقيت المحلي حتى فجر الأربعاء .
وكان الغنوشي ونائبه رئيس الحكومة الأسبق علي العريّض قد قدما الاثنين للتحقيق في الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الارهاب بالعاصمة، غير أنه لم يتم التحقيق معه وغادر في ساعة متأخرة، بينما تم "الاحتفاظ برئيس الحكومة الأسبق علي العريّض وسيعرض على البحث الأربعاء أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب"، على ما أفاد محاميه سمير ديلو في وقت سابق.
وقال المتحدث الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري إن "الاحتفاظ بالعريّض نعتبره قرارا ظالما".
وخلال الشهر الماضي ألقت السلطات القبض على عدد من المسؤولين الأمنيين السابقين وعضوين من حركة النهضة بتهم تتعلق بتسفير تونسيين من أجل الجهاد، كما حُبس محمد فريخة القيادي السابق بالنهضة وصاحب شركة طيران خاصة في ما أصبح يعرف في تونس بقضية "تسفير الجهاديين إلى سوريا".
ورجّح سمير ديلو، في تصريح لإذاعة محلية خاصة، الثلاثاء أن تشمل الأبحاث عدّة أطراف أخرى لم يسمها، لكنه أوضح أنه "سيتم استدعاؤها قبل غلق الملف أو عند إحالة الملف على قاضي التحقيق، الذي سيقوم باستدعائها بناء على الاستماعات والاستنطاقات التي يقوم بها".
وبخصوص استدعاء وزير العدل الأسبق نورالدين البحيري، قال ديلو إنه "لم يصله استدعاء رسمي، ولكن وردت على فرع المحامين معلومات بأنه سيتم استنطاقه رفقة عبدالرؤوف العيادي و أنور أولاد علي".
وندّدت حركة النهضة في بيان نُشر ليل الاثنين - الثلاثاء بظروف التحقيق الذي قالت إنها "تعتبره انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان".
وتزامنت التحقيقات مع قيادات حركة النهضة مع تلقي فاطمة المسدي، البرلمانية السابقة عن حركة نداء تونس وعضو اللجنة البرلمانية للتحقيق في الشبكات المتورطة بتجنيد وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، لتهديدات بالقتل والتصفية من حسابات وصفحات محسوبة على الإسلاميين في تونس.
وقالت المسدي عبر حسابها على فيسبوك مساء الثلاثاء إنها تلقت تهديدات بالتصفية الجسدية، جاء نصها "القيادي الحبيب اللوز سراح.. أما بالنسبة لفاطمة المسدي، قولوا لها أن تصبر، فبعد عودة كل أولادنا ستكون هديتك حاضرة، حبل بلاستيكي أزرق ليس بغليظ سيلتف حول رقبتها، وليس بخسارة فيك يا غالية".
وأضافت المسدي، محملة الحكومة مسؤولية سلامتها، "تهديد آخر يصلني ويحكي على قطع الرقبة... مرة أخرى أحمّل الدولة مسؤولية حمايتي".
وكانت المسدي قد تقدمت في ديسمبر 2021 بشكوى لدى القضاء العسكري للكشف عن ملابسات ملف التسفير والأطراف المتورطة فيه، والذي يعدّ من أكثر الملفات الشائكة والغامضة في تونس.
وترتبط القضية بشبكات التسفير إلى سوريا للقتال هناك، والتي نشطت خلال السنوات الأولى غداة الحرب الأهلية في سوريا. وتنفي الحركة، التي صعدت إلى الحكم بعد انتخابات 2011 التي أعقبت الثورة، أي صلات لها بتلك الشبكات.
وقدرت مصادر أمنية ورسمية في السنوات الماضية أن نحو 6000 تونسي توجهوا إلى سوريا والعراق في العقد الماضي، للانضمام إلى جماعات جهادية، ومنها تنظيم داعش.
واتهمت أحزاب تونسية حركة النهضة بالتساهل مع إسلاميين متشددين أثناء فترة حكمها بعد الثورة، وحثّ الشبان في المساجد والاجتماعات الخاصة على الجهاد في سوريا، وهو أمر تنفيه الحركة باستمرار.
وبدأت التحقيقات في هذه القضية بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021، لكن القضاء أصدر الأسبوع الفائت قرارات بتوقيف قيادات أمنية وسياسيين كانوا منتمين إلى حزب النهضة في القضية ذاتها.
وكانت السلطات التونسية أعلنت أنّ قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشر شخصيات، من بينها الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
واستُدعي الغنوشي (81 عاما) في التاسع عشر من يوليو الفائت للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، ونفى حزب النهضة التّهم الموجّهة لزعيمه.
وكان القضاء التونسي أصدر في السابع والعشرين من يونيو قرارا بمنع سفر الغنوشي، في إطار تحقيق باغتيالات سياسية حدثت في 2013.