مشروع الإسكان الاجتماعي كارثة اقتصادية جديدة في تركيا

"أكبر مشروع إسكان اجتماعي في تاريخ الجمهورية" سيكون عبئا على الاقتصاد التركي في ارتفاع التضخم إلى 80 في المئة وارتفاع أسعار البناء.
الاثنين 2022/09/19
"مشروع إسكان القرن" مفلس

أنقرة- يتوقع محللون اقتصاديون في تركيا أن يواجه الاقتصاد أزمة جديدة خلال الفترة القليلة المقبلة بسبب مشروع الإسكان الذي أطلقه الرئيس رجب طيب أردوغان سنة 2019، والذي من المتوقع أن يتجاوز بكثير تكلفته المقدرة بمليارَيْ دولار.

ويتساءل هؤلاء المحللون عن مصدر تمويل المشروع في ظل ارتفاع التضخم إلى 80 في المئة وارتفاع أسعار البناء، ما اضطر الحكومة إلى إلغاء العديد من مناقصات بناء وتجديد المستشفيات والمدارس التي فتحتها وزارتا الصحة والتعليم الوطني.

ذو الفقار دوغان: هل سيكون من الممكن إيجاد مقاول يمنح تخفيضا بـ40 في المئة خلال المناقصات؟

وإلى حدّ الآن لم يتم توفير سوى 60 في المئة من تكلفة المشروع الذي من المتوقع أن يتم تسليمه سنة 2025.

ويضع المحللون خيارين لسداد بقية التكلفة، يتمثل الأول في حث المقاولين الذين سيشاركون في مناقصات إدارة تنمية الإسكان في تركيا (توكي) على تقديم عروض مخفضة للوفاء بدفع الأسعار المعلنة.

أما الخيار الثاني فيتمثل في دعم 40 في المئة من تكلفة المنازل من الميزانية.

ويقول المحلل السياسي التركي ذو الفقار دوغان، في مقال نشره ضمن موقع “أحوال تركية”، “في كلتا الحالتين هناك معضلات خطيرة؛ هل سيكون من الممكن إيجاد مقاول يمنح تخفيضا بـ40 في المئة خلال المناقصات؟”.

وتابع “أو كيف سيتم تحويل دعم الإسكان بمليارات الليرات إلى توكي، بينما لم تتمكن الخزانة من تحويل الموارد حتى إلى بوتاش للغاز الطبيعي لمدة شهرين، واقترضت بوتاش مليار يورو من دويتشه بنك لتوريد غاز البترول المسال؟”.

وقبل الانتخابات المحلية في 31 مارس 2019 أطلق الرئيس أردوغان حملة من 100.000 سكن اجتماعي سيتم بناؤها بواسطة مؤسسة توكي الحكومية في 81 مقاطعة.

وتم استلام الطلبات وسحْب القرعة، ولكن نُسِي المشروع عندما خسر أردوغان الانتخابات في المدن الكبرى، وخاصة في إسطنبول. وتم تذكر الحملة مرة أخرى عندما أعلن أردوغان في 13 سبتمبر عن المشروع، والذي جرى تعريفه على أنه “مشروع إسكان القرن” أو “أكبر مشروع إسكان اجتماعي في تاريخ الجمهورية”، بإجمالي 500 ألف مسكن وبمعدل 250 ألف وحدة كل سنتين.

وأكد الكثير من المستفيدين أن المنازل التي وعدوا بها قبل ثلاث سنوات في إسطنبول والمحافظات الأخرى لا تزال غير موجودة.

وفي الحملة التي ستُطلق بالتزامن مع المشروع، والتي سيضع أردوغان الأساس الأول لها في أكتوبر، في 81 مقاطعة، سيتم بناء نوعين من المساكن (2 + 1 و3 + 1) من قبل المقاولين، مع مئات المناقصات التي ستفتحها توكي.

◙ تساؤلات بشأن مصدر تمويل المشروع في ظل ارتفاع التضخم إلى 80 في المئة وارتفاع أسعار البناء

وبلغ مؤشر تكلفة البناء في يوليو، الذي أعلنه مكتب الإحصاء التركي (توركستات) الأسبوع الماضي، 115 في المئة سنويّا.

ووفقًا لتصريح أردوغان الأخير أنتجت توكي مليونا و170 ألف سكن اجتماعي في 20 عامًا. ويقول دوغان “بعبارة أخرى، في الحملة التي أعلنت عنها الحكومة ستقوم توكي، التي تنتج ما معدله 58 ألفا و500 منزل في السنة، بتسليم 250 ألف منزل في عامين، أي خمسة أضعاف المتوسط ​​السنوي”.

وأضاف “لذلك من المحتمل أن تتحول هذه الحملة المعدة بالكامل للانتخابات إلى إخفاق تام، وأن تكون الإنشاءات غير مكتملة، وستظهر مقابر مواقع البناء في 81 محافظة، وإذا استمرت التكاليف الباهظة وزيادة التضخم فسوف يتحول ذلك إلى خراب اقتصادي ومالي”.

وتابع “إذا تغيرت السلطة في عام 2023 فيجب أن تكون الحكومة الجديدة التي ستصل إلى السلطة جاهزة لمواجهة مئات الآلاف من ‘ضحايا الإقامة’ بمقابر سكنية جماعية في 81 مقاطعة ومنطقة”.

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات العامة في تركيا عام 2023. وسينتخب الأتراك رئيسا جديدا بالإضافة إلى 600 عضو في البرلمان لمدة خمس سنوات.

1