التحقيقات بشأن التسفير تطال القيادات الأولى في النهضة

راشد الغنوشي وعلي العريض ضمن قائمة الشخصيات المعنية بالتحقيق في الملف.
الاثنين 2022/09/19
التحقيق مع الغنوشي ونائبه بات ممكنا

يعكس التحقيق مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبه علي العريض، وفق مراقبين، سعي الجهات القضائية وجديتها في الكشف عن ملابسات ملف تسفير الشباب التونسيين إلى بؤر التوتر، فيما يتمسك قادة النهضة ببراءة الحركة من التورط في التسفير ويعتبرون إثارة الملف في المرحلة الحالية جزءا من الصراع السياسي مع الرئيس قيس سعيد.

تونس - قال مصدر من حزب حركة النهضة الإسلامية في تونس الأحد إن زعيم الحركة راشد الغنوشي ونائبه ووزير الداخلية الأسبق علي العريض سيمثلان للتحقيق الاثنين من قبل السلطات القضائية بشأن القضية المرتبطة بشبكات التسفير للقتال في سوريا، ما يشير إلى أن التحقيقات في الملف باتت تطال قيادات الصف الأول في الحركة الإسلامية.

وأوضح مصدر من مكتب رئيس الحزب لوكالة الأنباء الألمانية أن الغنوشي والعريض سيمثلان للتحقيق في نفس الملف وذلك بعد فترة من تصريح مسؤول بوزارة الداخلية في وقت سابق بأنه يتوقع صدور إيقافات أخرى من قبل القضاء بشأن ملف التسفير بعد أن تم العمل عليه أمنيا.

ويرى مراقبون أن التحقيق مع الشخصيتين الأبرز في الحركة الإسلامية يبين جدية السلطات في الكشف عن ملابسات ملف التسفير دون استثناء بعد أن كان التحقيق مع قيادات الصف الأول في الحركة الإسلامية صعبا أو مستحيلا في العشرية الماضية.

ويجري التحقيق مع القيادي في النهضة الحبيب اللوز ورجل الأعمال محمد فريخة مدير شركة “سيفاكس” الخاصة للطيران والنائب السابق عن الحركة ومسؤولين سابقين بوزارة الداخلية.

كما أشارت بعض المصادر إلى أن القيادي في النهضة ووزير العدل الأسبق نورالدين البحيري تلقى استدعاء من قبل إحدى الفرق الأمنية للبحث في الملف، لكن البحيري نفى ذلك في تدوينة عبر صفحته في فيسبوك السبت.

ورغم أن فريخة نفى صلته بملف التسفير إلا أن إذاعة موزاييك عرضت الأحد بعض الشهادات لمضيفين في الشركة تحدثوا عن بعض التجاوزات والسلوكات الغريبة لمسافرين إلى مطارات في تركيا في الفترة الزمنية بين 2012 و2014.

وقال مضيفون في الشركة إنهم منعوا من إعداد تقارير الطيران التي يتم إعدادها في حال ملاحظة سلوك غريب على مسافرين، كما فرض على المضيفات عدم ارتداء السراويل أو وضع الماكياج وترديد أدعية السفر، كما قام مسافرون بالتكبير عند الوصول إلى مطار أتاتورك، فيما منعت تركيا أحد المسافرين من النزول ليتضح أنه عنصر داعشي.

وكان للحبيب اللوز بدوره تصريح مثير للجدل نشر في جريدة الصباح التونسية بتاريخ الثالث مايو 2013 يقول فيه بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا “أنا الحبيب اللوز عمري 60 سنة.. ولو كنت شابا لا أمانع في الذهاب للجهاد في سوريا، ثمّ إني لا أستنكف من الجهاد ولكن لا أقوم بحملات لذهاب الشباب للجهاد”.

ويرى مراقبون أن التصريح السابق يمكن أن يكون سببا في إيقافه في إطار البحث عن الجهات المسؤولة عن إرسال الشباب التونسيين إلى سوريا وإلى عدد من بؤر التوتر وساحات القتال.

وقالت مصادر إن من بين الموقوفين الأمنيين محافظ سابق لمطار تونس قرطاج الدولي يدعى فتحي بوصيدة حيث تم الاحتفاظ به لمدة 5 أيام قابلة للتمديد، والتمديد في الاحتفاظ بالمسؤولين الأمنيين السابقين فتحي البلدي وعبدالكريم العبيدي، حيث يشير مراقبون إلى أنهما مقربان من التيار الإسلامي.

كما كشفت مصادر إعلامية أن الأجهزة الأمنية المختصة أوقفت قبل أيام القيادي في ائتلاف الكرامة والنائب السابق محمد العفاس، وكذلك النائب السابق والإمام المعزول رضا الجوادي حيث تم اطلاق سراح العفاس على ذمة القضية، فيما تم التمديد في الاحتفاظ بالجوادي وفق ما نشره موقع “حقائق أونلاين”.

معارضو النهضة يؤكدون أن التحقيق مع قيادات الصف الأول في الحركة كان صعبا أو مستحيلا في العشرية الماضية

وكانت فاطمة المسدي النائبة السابقة والعضو في لجنة التحقيق في شبكات التسفير التي أعلن عنها برلمان 2014 تقدمت بشكاية في ديسمبر 2021 لدى القضاء العسكري، للكشف عن حقيقة ملف التسفير ليتم تعهيد الملف إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

وقالت فاطمة المسدي في تصريح إعلامي بعد الانطلاق في عمليات الإيقاف الأولى إنها قدمت شكاية بعد أشهر على التغييرات التي حصلت على المشهد السياسي عقب الخامس والعشرين من يوليو، وجهود الرئيس قيس سعيّد لتحرير القضاء من سيطرة الأحزاب.

وأشارت في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية إلى أنه تم الاستماع إليها لتسليم الوثائق اللازمة التي تحصلت عليها من لجنة التسفير في برلمان 2014 وأخرى توصلت لها كنائبة شعب، متّهمة نواب حركة النهضة بتعطيل عمل لجنة التحقيق حول شبكات التسفير خلال تلك الفترة.

وتنفي قيادات حركة النهضة التهم الموجهة للحركة الإسلامية بالتورط في عمليات التسفير وتعتبرها محاولة لتشويه الحزب وربطه بالإرهاب في خضم الصراع السياسي مع الرئيس قيس سعيد والقوى الداعمة له.

الحبيب اللوز: لو كنت شابا لا أمانع في الذهاب للجهاد في سوريا، لكن لا أقوم بحملات لذهاب الشباب

وقالت القيادية في الحركة فريدة العبيدي الجمعة إن اتهامات المسدي سياسية ولا علاقة لها بالواقع، مشيرة إلى أنها تتحدى المسدي لعرض وثائقها بشأن تعطيل نواب النهضة لعمل لجنة التحقيق في التسفير.

ويرى مراقبون أن التحقيق مع الغنوشي وعلي العريض، الذي تولى وزارة الداخلية في فترة حكومة الترويكا الأولى وهي الفترة التي شهدت تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة، يمثل سابقة في الملف رغم أن رئيس النهضة استمع له في ملف التمويل الأجنبي وبالتحديد ملف جمعية نماء المتهمة بغسيل الأموال وتلقي مبالغ مالية من الخارج بشكل غير قانوني، وكذلك في ملف الجهاز السري.

ومع اندلاع الحرب في سوريا ضد نظام بشار الأسد في 2011 ضمن انتفاضات الربيع العربي في المنطقة، توجه الآلاف من التونسيين للقتال في صفوف كتائب إسلامية، ومن ثم تحولت أعداد منهم إلى تنظيمات أخرى متطرفة، من بينها جبهة النصرة وتنظيم داعش.

واتهم نواب في البرلمان أحزابا بعينها، من بينها حركة النهضة الإسلامية بشكل أساسي، بتيسير عمليات التسفير نحو تركيا ومنها إلى سوريا للقتال عندما تولت السلطة بعد انتخابات2011، لكن الحركة مستمرة بالتمسك بموقفها الرافض لحشرها في الملف.

وفي 2017 قدرت الحكومة التونسية أعداد من سافروا للقتال في الخارج بنحو ثلاثة آلاف، توجه معظمهم إلى سوريا، فيما قدر عدد العائدين إلى تونس آنذاك بنحو 800.

وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب حققت قبل أشهر في ملف تدليس مضامين ولادة واستخراج بطاقات هوية وطنية وجوازات سفر تونسية واستخراج شهادات جنسية لفائدة بعض الأجانب من جنسيات مختلفة وذلك خلال الفترة بين سنة 2015 وسنة 2019 مقابل مبالغ مالية.

وألقت قوات الأمن التونسية حينها القبض على قنصل تونسي سابق في سوريا وبعض الموظفين في وزارات الداخلية والخارجية والعدل.

4