"رياح الصعوبات الاقتصادية" تعصف بصحيفة الأنوار التونسية

مؤسسة "دار الأنوار" التونسية تحجب الصحيفة بعد عقود من الصدور.
السبت 2022/09/17
خط النهاية

تونس - توقفت صحيفة “الأنوار” التونسية عن الصدور بسبب صعوبات مالية بعد أكثر من أربعة عقود من تأسيسها.

وأعلنت مؤسسة “دار الأنوار” التي تنشر الصحيفة منذ عام 1981 قرارها بوقف إصدار جريدة “الأنوار” الأسبوعية. وقالت إن هذا هو الأمل في أن “يوقظ الضمير الوطني، وتعود الصحف بمظهر ورؤية جديدين”.

وأوضحت المؤسسة في بيان نشرته جريدة “الشروق” (الصادرة عن المؤسسة نفسها) في عددها الجمعة، أن قرار احتجاب صحيفة “الأنوار” عن الصدور راجع إلى “رياح الصعوبات الاقتصادية التي هبت بقوة وما رافقها من ارتفاع صاروخي لأسعار مواد صناعة الصحيفة من ورق ومن صفائح ومن مستلزمات، هذا فضلا عن ارتفاع سعر صرف الدولار واليورو في الأسواق الدولية وما قابله من هبوط حاد لقيمة الدينار”.

جمعية مديري الصحف تطالب بتدخل السلطات لانتشال الصحافة الورقية من أزمتها، غير أن تعدد أوجه الأزمات في البلاد دفع إلى تفاقم الوضع دون تدخل من الدولة

وأضاف البيان أن “الحرب الروسية - الأوكرانية عمقت الأزمة وزادت من حجم النزيف المالي الذي تحملته الصحيفة والدار لتدفع إلى انفلات الأسعار بشكل لا يطاق، حيث ارتفع سعر الورق 3 مرات في بضعة أشهر في وقت دعمت فيه العديد من الدول العربية والأوروبية الصحافة المكتوبة خصوصا لرمزيتها باعتبارها تعاني أزمة مضاعفة مجسدة في منافسة الوسائط الإلكترونية وهجرة القراء للمكتوب ومن الارتفاع الجنوني لأسعار مكونات صناعة الصحيفة”.

واشتكت الصحيفة مما سمته “لامبالاة أصحاب القرار رغم أنّ الصحافة الورقية مثل الراية الوطنية عنوان لهوية البلاد ورمز ينطق باسمها وباسم حضارتها وثقافة شعبها”.

ووفق البيان، فإنّ قرار توقيف صدور هذه الصحيفة “مؤقت (…) على أن تعود في ثوب جديد وبرؤية جديدة” في حال تدخّل السلطات ودعم قطاع الصحافة المكتوبة لمواجهة الأزمة التي تمر بها.

ويشار إلى أن صحيفة الأنوار أسسها الصحافي الراحل صلاح الدين العامري سنة 1981 والتي أعطت اسمها لـ”دار الأنوار” التي تواصل إصدار صحيفتي “الشروق” و”لوكوتيديان” اليوميتين.

وكتب مدير تحرير صحيفة “الأنوار” محمد الماطري صميدة في فيسبوك “هذا هو العدد الأخير قبل الاحتجاب المؤقت، بسبب ارتفاع سعر الورق والمواد الأولية للطباعة والصعوبات المالية (…) تجدونه اليوم الجمعة في الأكشاك (…) نعول على القراء الأوفياء في أن يقتنوه ويحتفظوا به عربون محبة ووفاء، وعسى أن نعود إليكم في أسرع وقت ممكن في ثوب جديد ورؤية جديدة، وفي منتهى الثقة والأمل، ولتواصل الدولة النوم في العسل!”.

وقالت الكاتبة بلقيس خليفة “صحيفة أخرى تحجب بعد عقود من الصدور (…) جزء من ذاكرة هذا الشعب تسحقه الأزمة الاقتصادية والتكنولوجيا الغبية”.

وتواجه الصحافة المكتوبة في تونس أزمة حادة. وطالبت جمعية مديري الصحف مرارا بتدخل السلطات لانتشال الصحافة الورقية من أزمتها، غير أن تعدد أوجه الأزمات في البلاد دفع إلى تفاقم الوضع دون تدخل من الدولة للإنقاذ.

وفقدت الساحة الإعلامية في تونس عدداً من الصحف المهمة في السنوات العشر الأخيرة. وتراجع عدد المنشورات الورقية من 255 سنة 2010 إلى أقل من 50 بسبب منافسة المواقع الإلكترونية، وتراجع مبيعات الصحف الورقية، والانخفاض الحادّ في العائدات المالية من الإعلانات التجارية التي كانت تعتبر أبرز مصادر إيراداتها.

ولا تقتصر الأزمة على الصحف الخاصة فقط، بل تشمل العمومية التابعة للدولة التي تمر هي الأخرى بأزمات مادية بالأساس قد ينتهي بها الحال إلى الإغلاق، فصحيفتا “لابراس” الناطقة بالفرنسية و”الصحافة” الناطقة بالعربية التابعتان للدولة تشكوان أيضًا من صعوبات مالية أثرت فيهما بشكل كبير.

16