بوتين وشي يشكلان ثقلا موازنا للنفوذ الغربي

سمرقند (أوزبكستان) – شكّل الرئيسان الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين الجمعة ثقلا موازنا للنفوذ الغربي، خلال قمة إقليمية جمعت دولا عدة تشهد علاقاتها توترا مع الولايات المتحدة.
ويترأس الزعيمان، في سمرقند عاصمة أوزبكستان، قمة منظمة شنغهاي للتعاون "SCO"، وهي مجموعة تطرح نفسها كمنظمة منافسة للمؤسسات الغربية.
وتأتي هذه القمة في وقت تأزمت فيه العلاقات بين موسكو وبكين من جهة، والولايات المتحدة من جهة ثانية، بسبب العملية الروسية في أوكرانيا والدعم الأميركي لتايوان.
وخلال الجلسة الرئيسية للقمة، دعا شي القادة المجتمعين إلى "العمل معا لتعزيز نظام دولي يتحرك في اتجاه أكثر عدلا وعقلانية".
وقال شي "يجدر تعزيز قيم البشرية المشتركة والتخلي عن السياسة القائمة على تشكيل كتل"، من دون أن يأتي على ذكر أي بلد بعينه، لكن بكين تستخدم عادة هذه العبارات للتنديد بالولايات المتحدة وحلفائها.
وأكد شي "علينا الدفاع بحزم عن النظام العالمي الذي يضع الأمم المتحدة في صميمه، فضلا عن نظام عالمي يستند إلى القانون الدولي".
وأكد بوتين في كلمته أن "الدور المتعاظم لمراكز النفوذ الجديدة... يتضح بشكل متزايد"، مشددا على أن التعاون بين بلدان منظمة شنغهاي للتعاون يستند، خلافا للدول الغربية، إلى مبادئ "مجردة من أي أنانية".
وأضاف أن هناك "استعدادا للعمل من أجل حل الكثير من المشاكل في العالم، أهمها الطاقة والغذاء"، داعيا الأمم المتحدة إلى التأثير على قرار المفوضية الأوروبية لرفع القيود التمييزية ضد الدول النامية، لضمان وصول الأسمدة الروسية إلى هذه الأسواق، مشيرا إلى أن 90 في المئة من الصادرات الغذائية الروسية تذهب إلى آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
ولفت إلى أنّه "من المهم وصول الأسمدة الروسية إلى الدول النامية"، مشيرا إلى أنّ "300 ألف طن من الأسمدة الروسية موجودة في الموانئ الأوروبية، ومستعدون لإيصالها للدول النامية".
كما كشف أنّ "أوروبا ألغت جزئيا العقوبات المفروضة على الأسمدة الروسية فقط"، ودعا الدول إلى التوقف عن استخدام الأنانية الاقتصادية والعقوبات غير القانونية في سياساتها، مشيرا إلى الأخطاء المنهجية للاقتصادات الرائدة في العالم، ومشددا على أنّ "تحولات جوهرية تبلورت في السياسة والاقتصاد العالميين، ولا رجعة فيها".
وتأسست منظمة شانغهاي للتعاون، التي تضم الصين وروسيا والهند وباكستان وأربع جمهوريات سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى، في العام 2001 كمنصة للتعاون في موقع ندِّي منافس للمؤسسات التي أنشأها الغرب.
وتعكس تصريحات شي وبوتين الاضطرابات التي تشهدها العلاقات الدولية منذ عدة أشهر، لاسيما منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا نهاية فبراير. فمنذ ذلك الحين، استهدفت روسيا عقوبات اقتصادية غربية شديدة، وهي تتجه بشكل متزايد إلى آسيا للحصول على الدعم الاقتصادي والدبلوماسي.
ومن ثم، ضاعف بوتين منذ الخميس الاجتماعات الثنائية على هامش القمة. وخلال اجتماع الخميس مع شي، شكر بوتين نظيره الصيني على "موقفه المتوازن" من الحرب في أوكرانيا، ووعده بتقديم "تفسيرات" ردا على "مخاوفه".
ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الروسي الجمعة مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي تشتري بلاده كميات متزايدة من الوقود من موسكو، على الرغم من العقوبات الغربية.
ثم سيلتقي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يريد أن يناقش معه الاتفاق الذي فتح الباب أمام تصدير الحبوب الأوكرانية بعدما جمدتها الحرب. كذلك يلتقي الرئيس الأذري إلهام علييف بعد اشتباكات بين أذربيجان وأرمينيا خلفت أكثر من 200 قتيل وأثارت مخاوف من تجدد الحرب في القوقاز، وهي منطقة نفوذ موسكو التقليدية.
ويأمل شي، الذي اختار زيارة آسيا الوسطى خلال أول رحلة له إلى الخارج منذ بداية جائحة كوفيد، في تعزيز مكانته كزعيم عالمي قبل مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر، والذي يسعى للحصول خلاله على تجديد ولايته.
فاختيار آسيا الوسطى كأول وجهة أجنبية بعد عامين يوضح قبل كل شيء الأهمية التي توليها بكين لهذه المنطقة التي تعبرها "طرق الحرير الجديدة"، وهو مشروع عملاق حرص شي على تنفيذه لتعزيز التبادلات التجارية مع العالم.
ولكن عانت الكثير من دول آسيا الوسطى من مشكلات هذا العام، بدءا من أعمال الشغب الدامية في كازاخستان أو الاشتباكات التي اندلعت الجمعة بين قرغيزستان وطاجيكستان، فيما زعيماهما موجودان في سمرقند قبل إعلان وقف لإطلاق النار.
وقبل القمة، زار شي كازاخستان الأربعاء وتعهد بمساعدتها على "حماية سيادتها"، لأن الدولة المتحالفة مع موسكو تقليديا قلقة بشأن الطموحات الروسية بعد غزو أوكرانيا.
كذلك التقى شي مع أردوغان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الجمعة، في حين تراجع زخم المفاوضات الدولية حول اتفاق نووي مع إيران.
ولم يُعلَن عن أي اجتماع بين شي ومودي، وقد شهدت العلاقات بين القوتين النوويتين توترا منذ الاشتباكات الحدودية الدامية في عام 2020.