الضغوط الاقتصادية تقلص زخم إصدار السندات في الأسواق الناشئة

ألقت أحدث التقييمات حول سوق السندات في الاقتصادات النامية بظلالة قاتمة على وضعية تلك الأسواق التي تضررت جراء التقلبات الراهنة، على الرغم من أن الكثير من الخبراء يرجحون استبعاد دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود.
لندن - يبدد انطفاء زخم إصدار السندات من قبل الحكومات والشركات في الأسواق الناشئة بالنظر إلى الضغوط التي تعتري الاقتصاد العالمي الكثير من التفاؤل خاصة وأن ثمة قلق من المجازفة بالاستثمار إلى أن تنقشع غيوم الأزمة الراهنة.
وقلص بنك الاستثمار جي.بي مورغان توقعاته لإصدار ديون الشركات في العالم النامي بنسبة الثلث، في أحدث علامة على الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الآن الدول الأكثر فقرا.
وهوى حجم السندات الحكومية وسندات الشركات في الاقتصادات الناشئة التي بيعت هذا العام بينما جعلت قفزة في تكاليف الاقتراض العالمية الكثير منها إما غير راغبة أو غير قادرة على طرق الأسواق الدولية.
وذكر فريق من الخبراء بالبنك الأميركي يضم ماركو كولانوفيتش ونيكولاوس بانيجيرتزوجلو في مذكرة بحثية أنهم خفضوا تقديراتهم لإصدار سندات الشركات في الاقتصادات الناشئة للعام 2022 إلى 260 مليار دولار من 400 مليار دولار.
ماركو كولانوفيتش: لا نتوقع انتعاشا قويا بالإصدارات في المستقبل القريب
وأضافوا “لا نتوقع انتعاشا قويا في الإصدار في المستقبل القريب”. وأشاروا إلى أن ما إجمالية 260 مليار دولار ستكون أدنى حجم لإصدارات سندات الشركات في الأسواق الناشئة في عام منذ 2015.
وعانت الأسواق الناشئة هذا العام مع تضرر المعنويات من قفزة في التضخم العالمي والحرب بين أوكرانيا وروسيا وتباطؤ حاد في الاقتصاد الصيني.
وخفض جي.بي مورغان توقعاته لإصدار سندات الشركات في آسيا، حيث ما زال القطاع العقاري في الصين في ركود عميق، بنسبة 34 في المئة إلى 177 مليار دولار.
وخفض أيضا تقديراته لأمريكا اللاتينية بنسبة 34 في المئة إلى 41 مليار دولار في حين قلص توقعاته لمنطقة وسط أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة 39 في المئة لكل منهما إلى 15 مليار دولار و27 مليار دولار على الترتيب.
ويقدر محللون في بنك الاستثمار مورغان ستانلي أن حكومات الاقتصادات الناشئة باعت ديونا قيمتها الإجمالية 67.5 مليار دولار حتى الآن هذا العام بانخفاض قدره 60.4 مليار دولار عن مجمل مبيعات العام الماضي.
ووفقا لخبراء جي.بي مورغان أصبح الهبوط الناعم هو السيناريو الأكثر ترجيحا للاقتصاد العالمي، والذي سيستمر في توفير عوامل دافعة للأصول التي تتسم بالخطورة.
وكتبوا في مذكرتهم يقولون أن “البيانات الأخيرة التي تشير إلى اعتدال وتيرة التضخم وضغوط الأجور وانتعاش النمو واستقرار ثقة المستهلك، توضح أن العالم سيتجنب حدوث ركود”.
ويمكن أن تستفيد الأسواق من الحوافز المالية في الصين وخطط دعم الطاقة في أوروبا ومعنويات المستثمرين المنخفضة للغاية.
وأشار الخبراء إلى أن “البيانات الاقتصادية ووضع المستثمر من العوامل الأكثر أهمية لأداء الأصول المحفوفة بالمخاطر من خطاب البنك المركزي، مع تأييدنا للإبقاء على سياسة مواجهة المخاطر”.
وعادت المعنويات الإيجابية إلى الأسواق في الأيام الأخيرة وسط آمال في أن التضخم قد يكون قد بلغ ذروته، على الأقل في الولايات المتحدة.
260
مليار دولار حجم السندات في 2022 قياسا بتقديرات سابقة عند نحو 400 مليار دولار
وأكمل مؤشرأم.أس.سي.ىي العالمي الاثنين الماضي أفضل ارتفاع له خلال أربعة أيام منذ مايو 2022، إذ أصبح المتداولون جاهزين لمعرفة بيانات أسعار المستهلك الرئيسية في الولايات المتحدة التي تم الإعلان عنها الثلاثاء.
ويبدو أن التراجع التدريجي للتضخم سيكون إيجابياً للأسهم الدورية وأسماء الشركات الصغيرة، الأمر الذي تفضله أسواق الأسهم الناشئة والأسهم الصينية على الأسهم الدفاعية مرتفعة الثمن.
ويؤيد بنك جي.بي مورغان شراء أسهم شركات الطاقة عند الانخفاض والإبقاء بجرأة على زيادة الوزن من السلع.
وكتب الفريق “نعتقد أن التضخم سوف يتراجع من تلقاء نفسه مع تلاشي التشوهات وأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد بالغ في رد فعله برفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس”.
ورجح الخبراء في الوقت ذاته رؤية حدوث تحول في تركيز بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو أمر إيجابي للأصول الدورية.
وينظر خبراء البنك، وهو ليس بنك الاستثمار الوحيد الذي يتبنى هذه التوقعات، بشكل إيجابي تجاه الدولار الأميركي ويتوقعون أن تتسطح منحنيات عائد السندات الأميركية والأوروبية.
كارمن رينهارت: مخاطر التعثر في سداد الديون وأزمات الاستدانة في الدول منخفضة الدخل ليست افتراضية
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى إسحاق بول، كبير مسؤولي الاستثمار في أوريانا فاينانشال سيرفيسز إن “البيانات الحالية تشير إلى أن الهبوط الناعم هو الاتجاه الذي يتجه إليه الاقتصاد العالمي”.
وأضاف “بموجب تحقق هذا السيناريو، نعتقد في الواقع أن الأرباح قد تكون جيدة نسبياً العام المقبل في الولايات المتحدة، ونمو الأرباح يمكن أن يكون مفاجئاً في الاتجاه الصعودي بعد تراكم الكثير من التشاؤم”.
وفي يونيو الماضي، أعطت تقييمات أحد كبار المسؤولين في البنك الدولي صورة متشائمة بشأن مدى التعقيدات، التي ستواجهها بعض حكومات الدول النامية في تجنب التخلف عن سداد قروضها في موعدها.
وحذرت كارمن رينهارت كبيرة الاقتصاديين في البنك من أن قائمة دول الأسواق الناشئة التي تواجه مخاطر التعثر عن سداد الديون تطول بسرعة كبيرة في ظل موجة رفع أسعار الفائدة عالمياً.
وقالت في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ حينها إن “مخاطر التعثر في سداد الديون وأزمات الاستدانة في الدول منخفضة الدخل ليست افتراضية”. وأضافت “نواجه هذا الواقع حاليا بالفعل وبكل تأكيد”.
وشددت رينهارت على أنه يجب حل أزمات الديون من خلال تقليصها بشكل مؤثر وأنه لو لم يحدث ذلك فسيكون أي حل آخر مجرد مسكنات من النوع الذي يزول مفعوله بسرعة.
وهذا الموقف يأتي في أعقاب تحذير مماثل من بنك غولدمان ساكس حول دخول الدول الناشئة في دورة جديدة من التخلف عن السداد.