مقال عن سحب التمور الجزائرية يخلف أزمة إعلامية

أثار توقيف السلطات الجزائرية الصحافي بلقاسم حوام، على خلفية نشر مقال حول قرار توقيف تصدير التمور الجزائرية إلى الخارج بسبب مشكلات في المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة، جدلا إعلاميا واسعا.
الجزائر - أصدرت السلطات الجزائرية توجيهات مشدّدة إلى وسائل الإعلام المحلية، تقضي بعدم نشر وتناول معلومات غير مؤكّدة من شأنها المساس بالاقتصاد والمنتَج الزراعي الجزائري، متوعدة “المخالفين” باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. يأتي ذلك إثر نشر صحيفة “الشروق” مقالا عن توقيف تصدير التمور الجزائرية إلى الخارج بسبب تضرّر المُنتَج من المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة.
وقررت النيابة الجزائرية إيداع كاتب المقال بلقاسم حوام، الصحافي في جريدة “الشروق” (غير حكومية)، الحبس المؤقت. وذكر حوام، في مقاله الذي نشر يوم 7 سبتمبر الحالي على لسان مصادر، أن وزير التجارة الجزائري كمال رزيق قرر الوقف الفوري لتصدير تمور دقلة النور الجزائرية إلى الخارج، بعد أن سُحبت من عدد من الأسواق الأوروبية نتيجة معالجتها بمواد كيميائية غير مرخصة في أوروبا.
قرار حبس الصحافي بلقاسم حوام مخالف لنص الدستور الذي منع العقوبة السالبة للحرية بحق الصحافيين
وأضاف التقرير أن هذا القرار اتخذ للحفاظ على سمعة التمور الجزائرية، ومعالجة المشاكل المرتبطة بتصديرها، مشيرا إلى الخسائر التي تعرض لها المنتجون بسبب سحب التمور الجزائرية من الأسواق الخارجية.
وعقب نشر التقرير قدمت وزارة التجارة بلاغا قضائيا تتهم فيه جريدة “الشروق” والصحافي بالإضرار بالاقتصاد الوطني، وتبع ذلك استدعاء حوام للمثول أمام وكيل الجمهورية (النيابة العامة)، ثم قاضي التحقيق الذي أمر بإيداعه الحبس المؤقت، بعد توجيه التهمة إليه رسميا، كما تقرر منع جريدة “الشروق” من الطبع في المطابع التابعة للحكومة لمدة 10 أيام، مما أدى إلى توقف صدورها ورقيا، رغم سحبها المقال من موقعها.
وأصدرت وزارة التجارة الجزائرية بيانا نفت فيه ما ورد في التقرير الصُّحفي، معتبرة أن كل ما جاء فيه “مبني على معلومات لا أساس لها من الصحة، وغير مبررة وبها مساس بالاقتصاد الوطني والثروة التي تزخر بها الجزائر”، مضيفة أن “جودة التمور الجزائرية مطلوبة”.
ودخلت وزارة الزراعة الجزائرية على الخط ببيان أصدرته ونفت فيه وجود أي مشاكل في تصدير التمور الجزائرية إلى الأسواق الخارجية. وقالت الوزارة إن “المبيدات المستعملة لمكافحة الآفات الزراعية هي مبيدات مصادق عليها، وهي مسجلة في سجل مواد الصحة النباتية ذات الاستعمال الفلاحي المعتمدة من قبل السلطات”.
وأضافت أن “الجزائر بصفتها عضوا في الاتفاقية الدولية للصحة النباتية لم تتلق أي إبلاغ أو إشعار رسمي من طرف الممثلين الرسميين للصحة النباتية للدول المستوردة برفض تمورنا”.
وتشتهر الجزائر بإنتاج تمور دقلة النور، خاصة في محافظاتها الشرقية، والتي تكتسب سمعة طيبة في الأسواق الأوروبية.
وأعلن مجمّع الشروق للإعلام الذي يضمّ الصحيفة وعدّة قنوات تلفزيونية، في بيان، عن “صدمة كبيرة” إزاء “قرار إيداع الصحافي بلقاسم حوام الحبس المؤقت، على خلفية محتوى المقال”.
وعبّرت “الشروق” عن “ثقتها الكاملة في العدالة الجزائرية”، وأعلنت “تكليف هيئة محامين للمرافعة عن حوام”.
ورأت أنّ الصحافي “لم يقم سوى بتحرير مقال في سياق واضح جداً، وهو تنوير السلطات العمومية بمشكلة ميدانية، على لسان المتعاملين أنفسهم، بعيداً عن أيّ تأويلات تعسّفية لا صلة لها بمقاصد واتجاه الموضوع”.

بلقاسم حوام: وزير التجارة الجزائري كمال رزيق قرر الوقف الفوري لتصدير تمور دقلة النور الجزائرية إلى الخارج
وأصدر المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين بياناً قال فيه إنه “فوجئ بتوقيف بلقاسم حوام” وأعرب عن تضامنه معه، مشيراً إلى أن “هناك عقوبات أخرى يمكن أن تسلط على الصحافي في حال ثبوت ارتكابه خطأً مهنياً”.
وأكد المجلس معارضته سجن أي صحافي بسبب كتابته، انطلاقاً من النصوص القانونية الناظمة لقطاع الإعلام وعلى رأسها قانون الإعلام، ودعا إلى “الإفراج الفوري عن حوام، مع ترك القضية تأخذ مجراها وفق الطرق التي يكفلها القانون”. كما دعا وزير التجارة إلى “استخدام حق الرد في الصحيفة وتنوير الرأي العام حول القضية، وحل أي مشكلة مع الإعلام بالحوار بعيداً عن المتابعات القضائية”.
وقال المجلس إن قرار حبس الصحافي مخالف لنص الدستور الذي منع العقوبة السالبة للحرية بحق الصحافيين.
وتنص المادة 54 من الدستور الجزائري على أنه “لا يمكن أن تخضع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية. ولا يمكن توقيف نشاط الصحـف والنشريات والقنوات التلفزيونية والإذاعية والمواقع والصحف الإلكترونية إلاّ بمقتضى قرار قضائي”.
واستغربت اتحادات صحافية ومنظمات حقوقية وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية قرار حبس الصحافي بلقاسم حوام بعد فتح تحقيق من النيابة العامة في حق المعني، على خلفية مقال خبري، مطالبة العدالة بالإفراج الفوري عنه باعتبار أن القانون الجزائري يمنع إخضاع جنحة الصحافة لعقوبة سالبة للحرية.
كما أثار الخبر جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. واستخدم السياسي الجزائري المعارض وليد كبير كلمات أغنية “روحي يا وهران روحي بالسلامة” وغرد:
@oualido
روحي (اذهبي) يا حرية الصحافة روحي بالسلامة! ويقول لك “علاش (لماذا) تنتقد النظام؟”… سؤال يطرحه العبيد الذين لا يعرفون معنى الحرية! على العموم…ربي يطلق سراحه ويطلق سراح دزاير (الجزائر) من حكم الاستبداد.
وقال الناشط حبيب براهمية:
وأكد المحامي كمال رشيد لوح:
وأكدت الصحافية في قناة فرانس24 كريمة زيادة صحة المعلومات في مقال حوام: