استثمار الأجانب حل لارتباك سوق السجائر في مصر

تعدد الشركات يزيد المنافسة ويكبح استمرار ارتفاع الأسعار.
السبت 2022/09/10
الكيف طار!

يرى خبراء اقتصاد أن حل أزمة ارتباك سوق السجائر في مصر يتطلب دخول المزيد من المستثمرين لإنهاء احتكار شركة الشرقية للدخان للسوق، إذ تهيمن الشركة المملوكة للدولة على إنتاج الأصناف التي تقبل عليها الطبقة الشعبية، وتمثل نسبة كبيرة من المبيعات.

القاهرة - أتاحت أزمة ارتفاع أسعار السجائر بمصر الفرصة للمسؤولين لتأكيد صواب رؤيتهم بشأن تعدد مظاهر المنافسة لضبط الأسعار، ومنع تعكير مزاج الناس الذين يعتقدون أن قدرتهم على تحمل الأعباء الاقتصادية يرتهن بالتدخين كوسيلة يمكن أن تخفف عنهم الضغوط المعيشية.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أعلنت شركة الشرقية للدخان الحكومية رفع أسعار عشرة أصناف من السجائر، التي تصنعها من 1.5 جنيه وحتى جنيهين للعلبة الواحدة (15 سنتا و20 سنتا).

وتعد هذه الزيادة الثانية في نحو ستة أشهر، حيث رفعت الشركة في مارس الماضي، أسعار العديد من أصناف السجائر بمقدار نصف جنيه إلى جنيه للعلبة.

وقبل ذلك رفعت تسعة أصناف رئيسية في يوليو العام الماضي، وجاءت الزيادات في ضوء تعديلات قانون الضريبة على القيمة المضافة التي جرى إقرارها منذ عامين.

وعبّر صبري الفخراني، وهو عامل يومية من إحدى قرى محافظة القليوبية بشمال القاهرة، عن غضبه بسبب استمرار ارتفاع أسعار السجائر.

وقال لـ"العرب" "احنا (نحن) هنتحمل إيه (ماذا نفعل)، مش عارفين يتركوا الحاجة التي أُخرج همومي وتعبي النفسي فيها، نَفس السيجارة بيهديني.. يا ترى ماذا سيفعلوا بنا أكثر من هذا".

وتسببت التعديلات في رفع الضريبة الثابتة على منتجات السجائر بمقدار نصف جنيه للشريحتين الأولى والثالثة، وجنيه واحد للشريحة الثانية.

إبراهيم إمبابي: السجائر الشعبية لن تتضرر في حال دخول استثمارات جديدة

كما خضعت لضريبة الجدول بنسبة 50 في المئة المنصوص عليها في قانون ضريبة القيمة المضافة وتحسب على السعر النهائي للمستهلك.

وشملت التعديلات ضريبة جدول قدرها جنيهان على كل مليلتر من السوائل الإلكترونية، بغض النظر عن احتوائها على النيكوتين من عدمه.

أما التبغ المسخن مثل المستخدم في جهاز “أيكوس” فتبلغ ضريبة الجدول عليه 1400 جنيه (57 دولارا) للكيلوغرام الصافي.

ويخضع المعسل المحلي لضريبة جدول 165 في المئة ارتفاعا من 150 في المئة، والمستورد بمقدار مئتين في المئة بعد أن كانت الضريبة عليه 175 في المئة.

وقال إبراهيم إمبابي، رئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات المصرية، إن “سوق السجائر تشهد ارتباكا بسبب الارتفاعات المتتالية. وقد قام البعض من التجار الفترة الماضية بتخزين كميات في انتظار تغير الأسعار".

وأضاف لـ"العرب" أن "قرار رفع سعر السجائر تصدره الشركات دون تدخل من السلطات، ويوجه نصفه إلى خزينة الدولة، وحصة الشرقية لن تتأثر سلبا بعد الاستثمارات الجديدة للشركة المتحدة للتبغ".

وبرر إمبابي ذلك لأنها تستهدف الطبقات المحدودة ومتوسطة الدخل، بينما الشركة الحديثة تستهدف الأصناف الأخرى الأعلى سعرا.

وسعت السلطات إلى إنهاء احتكار تلك الصناعة عبر طرح رخص جديدة في مارس العام الماضي، ولم تجد إقبالا إلا من شركة فيليب موريس الأميركية.

واعترضت الشركات الأخرى العاملة في القطاع آنذاك وهي جي.تي.آي وبريتش أميركان توباكو والمنصور الدولية للتوزيع قبل تخارج الثانية من السوق المصرية في يونيو الماضي.

وشملت بنود الطرح، التي تسببت في عزوف الشركات عن الإقبال على الرخصة السابقة، إتاحة الخيار لشركة الشرقية للدخان للمشاركة في رأسمال الشركة الجديدة بنسبة 24 في المئة (المتحدة) دون تحمل جزء من تكلفة الرخصة.

وتضمن الشروط كذلك عدم أحقية الشركة الجديدة في إنتاج أصناف من الفئة السعرية الشعبية، التي تسيطر عليها الشرقية عبر سجائر كليوباترا وتمثل 98 في المئة من مبيعاتها.

واشترطت أيضا أن تبيع الشركة الجديدة “المتحدة” السجائر بسعر أعلى 50 في المئة من سعر الشرقية للدخان، لضمان عدم وجود تهديد تنافسي لمنتجات الشرقية للدخان.

وهذا يؤكد عدم انتهاء الاحتكار بالقطاع، رغم كل المحاولات السابقة، وفق ما أعلنه رئيس الشركة هاني أمان في إفصاح للبورصة.

وقال إن "حصة مجموعته من السوق المحلية تبلغ سبعين في المئة مقابل 30 في المئة لبقية الشركات، وأن حصة الشرقية بالشركة الجديدة تصل إلى 24 في المئة، ما يشير إلى عدم تأثر الأرباح على الإطلاق".

وأعلنت فيليب موريس مصر منذ أيام تغيير اسم المُصنع المطبوع على كافة منتجاتها من السجائر إلى "صنع في مصر بالشركة المتحدة للتبغ"، بعد حصول وحدتها التابعة لها على رخصة لإنتاج السجائر التقليدية والإلكترونية بالبلاد.

الكيف يعيد فينا الروح
الكيف يعيد فينا الروح 

ويعد هذا أول إعلان رسمي من المتحدة، وهي شركة إماراتية، بحصولها على الرخصة الجديدة التي طرحتها الحكومة العام الماضي وتقدمت لها وحدها.

وتصنع فيليب موريس سجائر مارلبورو بأنواعها، وميريت بأنواعها، وأل.أم بأنواعها، وهي الأصناف المتفق على تصنيعها وفقا للرخصة التي تم طرحها.

وأوضح إمبابي لـ"العرب" أن الدخان من القطاعات الجاذبة للشركات الأجنبية في حال طرح رخص جديدة تتوافق عليها، وتعدد الاستثمارات ودخول أجانب يؤديان إلى تنوع الأصناف والمنافسة السعرية بين الشركات، وهذا في صالح المستهلك.

وأكد أنه ينبغي جذب العديد من المستثمرين في هذا القطاع، لأن كل مدخلات إنتاج السجائر يتم استيرادها من الخارج، فالتبغ وهو المادة الخام الرئيسية يحظر زراعته في مصر، ويمكن للشركات الأجنبية أن تجد سهولة في التعامل مع مورديها في الخارج.

ياسر عمارة: قطاع رائج وينبغي طرح رخص تضمن عدالة المنافسة

وصناعة الدخان في مصر من القطاعات الإستراتجية التي تعد ثاني مصدر للإيراد لخزينة الدولة، بعد الضرائب بنحو 4.5 مليار دولار تقريبا.

ويحتكر هذا النشاط في مصر شركة الشرقية للدخان المملوكة للحكومة، ورغم دخول المتحدة للتبغ للاستثمار بالبلاد، إلا أنها لن تنهي حالة الاحتكار حتى الآن.

وأشار الخبير الاقتصادي ياسر عمارة إلى أن فتح رخص جديدة للاستثمار ضروري لاستقرار الأسعار، ويمكن أن تجد إقبالا بشرط أن تسمح بالمنافسة العادلة، مع إمكانية استقطاب أموال خليجية.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن الاستثمار في هذا القطاع بات مباحا مع تغير النظريات الاقتصادية واتساع نطاق الحرية ومسؤولية كل فرد عن صحته.

ورغم ارتفاع أرباح الاستثمار، غير أنه محاط بمخاطر تؤكد أنه لا يقوى على الاستثمار فيه إلا الشركات الكبرى القادرة على تحمل الصدمات التي يمكن التعرض لها.

ومن المخاطر هو محاربته من قبل منظمة الصحة العالمية وبعض منظمات المجتمع المدني، لذلك تخشى الشركات انخفاض الإقبال على التدخين وتراجع الإيرادات.

وبلغ استهلاك المصريين من السجائر المنتجة في مصانع الشرقية للدخان نحو 32 مليار سيجارة في نصف عام، بقيمة تصل إلى نحو 7 مليارات جنيه (365 مليون دولار).

وتقدر شعبة المستوردين قيمة استهلاك المصريين من السجائر شاملة الاستيراد وخامات التصنيع وغيرهما بنحو 10 مليارات دولار سنويا.

11