إسرائيل تتوقع اندلاع انتفاضة ثالثة بالضفة الغربية

الإحباط الفلسطيني في الضفة الغربية يزداد بشكل كبير.
الاثنين 2022/09/05
تصعيد متواصل

رام الله - تتوقع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، تبدأ من الضفة الغربية، في ظل التصعيد المتواصل مؤخرا في مدن الضفة وخصوصا نابلس وجنين، فيما فرضت تل أبيب قيودًا جديدة لدخول الضفة الغربية.

وقال المحلل العسكري عاموس هرئيل، إن “أجهزة المخابرات في إسرائيل لا تعرف كيف تتنبأ بشأن موعد حدوث نقطة تحول لجر الضفة الغربية إلى تصعيد كبير، خاصة مع التحذير الإستراتيجي الذي قدمته شعبة الاستخبارات قبل 6 سنوات، بخصوص مثل هذا السيناريو”.

وأشار إلى أنه طوال الفترة الماضية، ازداد الإحباط الفلسطيني في الضفة الغربية بشكل كبير، والانتقاد الداخلي للسلطة الفلسطينية، مشيرا إلى ارتفاع أعداد المستوطنين في الضفة إلى 450 ألف مستوطن و300 ألف آخرين في مستوطنات القدس.

وأوضح المحلل الإسرائيلي، أن الخطورة تكمن في أن اشتعال الأوضاع وتنفيذ المزيد من الهجمات واتساعها تتطلب صراعا آخر يتمثل في حماية أكبر وفرض أمن شديد لحماية المستوطنين مع تزايد أعدادهم.

عاموس هرئيل: هناك مخاوف حقيقية من فترة تصعيد طويلة تمتد لانتفاضة

وأشار إلى أن غياب اتفاق سياسي، يعني استمرار الصراع وإدارته إلى الأبد دون تحمل أي عواقب، مبينا أن الوصول إلى مثل هذا الحل يبدو وهما، والوضع على وشك الانهيار على أرض الواقع.

ولم يخف هرئيل أن مخاطر التصعيد المحتمل حاليا في الضفة الغربية أعلى من غيره في المناطق الثانية، مبينا أن الصعوبة الرئيسية التي ظهرت هذا العام تتمثل في عدم القدرة على وقف دخول الإرهابيين بشكل كامل عبر خط التماس، والقيام بعمليات إطلاق نار وطعن في مناطق الخط الأخضر.

ولفت إلى ارتفاع كبير وملحوظ في أعداد عمليات إطلاق النار وخاصة أثناء عمليات الاعتقال، وكذلك محاولات شن هجمات في الضفة ضد معسكرات ومستوطنات.

وأرجع هرئيل، ما يجري إلى عدة أسباب من ضمنها ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية، وظهور الخلايا المحلية بعد أن تركت السلطة فراغا في بعض مناطق شمال الضفة الغربية، إلى جانب الركود السياسي من قبل إسرائيل والالتزام فقط ببعض الإيماءات الاقتصادية.

وأكد أن هناك مخاوف إسرائيلية حقيقية من فترة تصعيد طويلة تمتد لانتفاضة ثالثة أو نسخة قريبة منها، وهذا ما يظهر في محادثات كبار المسؤولين الأمنيين في الشاباك وأمان وقيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة.

ووصف ما يجري بالانزلاق البطيء إلى أسفر منحدر، خاصة في ظل امتناع السلطة عن الدخول إلى تلك المناطق، وتأجيج حماس للوضع رغم أنها لا تسيطر عليها، مبينا أن هذا يدفع الجيش الإسرائيلي إلى تعميق نشاطاته ضمن خطة “جز العشب” والتي أدت إلى اعتقال العشرات.

ووفقا لتقديرات الجيش الإسرائيلي، فإن هناك 200 ناشط فلسطيني قد شاركوا مؤخرا في الاشتباكات في نابلس وحدها، معتبرا أن هذه أرقام لم يشهدها في الضفة منذ سنوات.

وفي الأشهر الأخيرة، توافد على مكتب المحامي راسم كمال في رام الله عدد من الأجانب القلقين من إجراءات جديدة سيبدأ تطبيقها اعتبارا من الاثنين للحد من الدخول إلى الضفة الغربية والإقامة فيها.

وتستهدف هذه الإجراءات التي نشرت في فبراير، الأجانب الراغبين في الإقامة أو العمل أو الدراسة أو ممارسة نشاط تطوعي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، كما ستؤثر على عدد كبير من الطلاب في إطار برنامج “إيراسموس”.

وتأجل تطبيق هذه الإجراءات مرتين بسبب اعتراض 19 مدعيا أمام المحكمة العليا الإسرائيلية. ومن بين الذين طعنوا فيها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “هاموكيد” التي تصفها بأنها “مقيدة إلى أقصى حد” وتفرض “معايير تدخلية ومبهمة”.

ماريا غابريال: القيود تتعارض مع أهداف برنامج التبادل إيراسموس

ومن ثم، لن يتمكن أي أجنبي يرغب في دخول الضفة الغربية من الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى إسرائيل وسيتعين عليه طلبها قبل 45 يوما، وتحديد ما إذا كانت لديه عائلة من الدرجة الأولى في الضفة الغربية، وما إذا كان يمتلك أرضًا أو قد يرث أرضا.

ولن يتمكن الأجانب بعد الآن من الدخول عبر مطار تل أبيب إلا في حالات استثنائية، وعليهم الدخول عن طريق جسر الملك حسين بين الأردن والضفة الغربية والمعبر الذي تسيطر عليه إسرائيل.

وتفرض الإجراءات الجديدة التي تقع في 97 صفحة في بعض الحالات كفالة قد تصل إلى سبعين ألف شيكل (نحو 20 ألف يورو) وكذلك أن يمضي صاحب التأشيرة عدة أشهر خارج الضفة الغربية قبل الحصول على تأشيرة ثانية.

وتقول منظمة “هاموكيد” الإسرائيلية لحقوق الإنسان إن الإجراءات الجديدة وضعت “قيودًا صارمة أمام تمديد التأشيرات وفي معظم الحالات يتعين على الشخص المغادرة والبقاء في الخارج وقد تكون المدة في بعض الأحيان سنة قبل أن يتمكن من التقدم للحصول على تأشيرة جديدة”.

وأضافت “سيكون لهذا تأثير مباشر على زوجات وأزواج الفلسطينيين الأجانب الذين سيضطرون إلى المغادرة عند انتهاء صلاحية تأشيراتهم، مما يحرم آلاف العائلات الفلسطينية من الحق في العيش معا دون انقطاع ومن أن يعيشوا حياة أسرية طبيعية”.

وتدين المنظمة الإسرائيلية هذه الإجراءات مشيرة إلى “أن طلبات الحصول على تأشيرة قد يتم رفضها من دون تبرير”.

ويقول الطبيب الكندي بنجامين تومسون مدير المشروع الإنساني “مفاتيح الصحة” وهو أحد الذين تقدموا بالطعن إلى المحكمة العليا “سيكون لهذه الإجراءات الوحشية أيضًا تأثير خطير على العمل الإنساني”.

وأضاف أن “القوانين الجديدة ستمنع العديد من المهنيين الصحيين من دخول الضفة الغربية”، مستنكرا حالة من “عدم اليقين” تلوح بشأن منح تأشيرات لمنظمته التي تدرب أطباء فلسطينيين وتجديد تلك التأشيرات.

عدد من الأجانب قلقين من إجراءات جديدة سيبدأ تطبيقها اعتبارا من الاثنين للحد من الدخول إلى الضفة الغربية والإقامة فيها

وأوضحت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية أن إجراءاتها يجب أن تجعل من الممكن إدارة طلبات التأشيرات “بطريقة أكثر فاعلية وأكثر تكيفًا مع الظروف المتغيرة في الوقت الحالي”.

وقالت “كوغات” إنه “للمرة الأولى” تم بشكل واضح تفسير شروط دخول الأساتذة والطلاب وغيرهم من المقيمين، مشيرة إلى أنه سيتم اختبار هذه الإجراءات مدة عامين.

ولقيت السياسة الجديدة انتقادات حتى من المفوضية الأوروبية بسبب الحصص المفروضة على أساتذة الجامعات (150 في السنة) والطلاب الأجانب (مئة) الذين يذهبون إلى الجامعات الفلسطينية. وفي 2020، حضر 366 من الطلاب والأساتذة الأوروبيين إلى هذه المؤسسات.

وقالت مفوضة التعليم في الاتحاد الأوروبي ماريا غابريال في يوليو إن القيود تتعارض مع أهداف برنامج التبادل إيراسموس.

وأكدت أنه “بينما تستفيد إسرائيل بشكل كبير من برنامج إيراسموس+، ترى المفوضية، أنه ينبغي عليها أن تسهل لا أن تعيق وصول الطلاب إلى الجامعات الفلسطينية” بينما توجه 1803 طلاب وأساتذة إسرائيليين إلى جامعات أوروبية في 2020.

2