هل يوجه غوتيريش رسالة حادة إلى الدبيبة بتعيين بتيالي مبعوثا أمميا

نيويورك - يشير إصرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على تعيين السنغالي عبدالله بتيالي رئيسا للبعثة الأممية إلى ليبيا خلفا لستيفاني ويليامز، إلى موقف مناهض لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، التي تستند إلى الشرعية الدولية لتبرير بقائها.
وتحدثت مصادر ليبية وعربية عن أن غوتيريش سلم الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن رسالة الأسبوع الجاري، تؤكد تعيينه بتيالي مبعوثا أمميا إلى ليبيا، سيتم الإعلان عنها رسميا في وقت قريب.
ويأتي الحديث عن تعيين بتيالي رغم رفض حكومة الدبيبة هذا التوجه، حيث أفاد المندوب الليبي لدى الأمم المتحدة طاهر السني قبل أسابيع بأن رفض بتيالي يعود أساسا إلى عدم استشارة غوتيريش حكومة الوحدة بشأن الاسم المقترح لرئاسة البعثة الأممية، قبل عرضه على أعضاء مجلس الأمن الـ15، وأيضا لأن الشخص المقترح “يجب أن يكون مؤهلا أكثر".
في المقابل يرى مراقبون أن دوافع رفض حكومة الدبيبة لبتيالي غير واقعية، خاصة وأنه محسوب على معسكر المنطقة الشرقية المناوئ لحكومة الوحدة، باعتبار أن السنغال إحدى الدول التي تملك فرنسا فيها نفوذا بارزا.
◙ إصرار غوتيريش على تسمية بتيالي يمثل رسالة قوية من الأمم المتحدة وبعض القوى الدولية تجاه حكومة الدبيبة
واعترض مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح على ترشيح الجزائري صبري بوقادوم، لأن بلاده تعترف بحكومة الوحدة، لذلك فإن اعتراض الأخيرة على المرشح السنغالي من المرجح أن يكون لنفس الأسباب باعتباره يحظى بثقة الطرف الآخر، أي حكومة فتحي باشاغا وداعميها.
ويرى متابعون للمشهد الليبي أن إصرار غوتيريش على تسمية عبدالله بتيالي يمثل رسالة شديدة اللهجة من الأمم المتحدة وبعض القوى الدولية تجاه حكومة الدبيبة، التي تصر على البقاء في السلطة حتى إجراء الانتخابات.
وأثارت الأمم المتحدة الكثير من الجدل في أحد بياناتها السابقة بعد أن دعت إلى التهدئة في العاصمة طرابلس، التي تشهد حالة من التوتر العسكري بين ميليشيات تابعة لحكومة الدبيبة وأخرى تابعة لحكومة فتحي باشاغا.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في البيان الذي صدر في الثاني والعشرين من أغسطس الماضي، إنها تتابع ببالغ القلق ما يجري من تحشيد للقوات وتهديدات باللجوء إلى القوة لتسوية "مزاعم الشرعية في ليبيا"، في إشارة إلى حكومة الدبيبة.
وقد أثارت تلك العبارة الكثير من التساؤلات حول إمكانية سحب صفة "الشرعية" من حكومة الوحدة الوطنية، التي تشكلت وفق توافقات داخلية وخارجية والتزاما بالشرعية الدولية، وهو ما يؤكده عبدالحميد الدبيبة دائما في خطاباته.
واستغرب الناطق باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري من عبارات البيان، داعيا الأمم المتحدة إلى توضيح موقفها من شرعية حكومة الدبيبة.
◙ رفض حكومة الدبيبة لبتيالي غير واقعية خاصة أنه محسوب على معسكر المنطقة الشرقية المناوئ لحكومة الوحدة
ويرى مراقبون أن تراخي القوى الدولية في الضغط على الميليشيات لوقف الاقتتال في طرابلس، يأتي لخلط الأوراق وإعادة ترتيب الأوضاع وللضغط على حكومة الدبيبة.
وعاشت العاصمة الليبية طرابلس على مدى ليلتين حالة من الرعب والصدمة، بعدما تحولت مسرحا لاقتتال عنيف بين جماعات مسلحة أسفر عن مقتل 32 شخصا وجرح 159.
وفي المقابل يعتبر إصرار غوتيريش على تعيين بتيالي مبعوثا أمميا رغم رفض حكومة الدبيبة بداية أزمة جديدة، فرغم أن حكومة الوحدة قد لا تمتلك صلاحية نقض قرار مجلس الأمن في اختيار مبعوث أممي إلى ليبيا، إلا أن من المتعارف عليه أن مثل هذه المناصب تتطلب أن يكون طرفا النزاع غير معترضين على الشخصية المختارة، وإلا ستكون جزءا من الأزمة بدلا من أن تساعد على الحل.
وتحدث المندوب الليبي في الأمم المتحدة عن هذه الجزئية في كلمته بمجلس الأمن الشهر الماضي، حيث أشار إلى "ضرورة أن تكون هناك مفاوضات عميقة وجدية مع الليبيين بخصوص المبعوث الأممي الجديد، حتى نضمن أن العمل مع الوسيط الأممي سيكون ناجحا".
ويرى متابعون للمشهد الليبي أن مسؤولين أمميين على علم بحساسية الموقف، وهو ما دفع ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة يسارع في مرات سابقة إلى نفي إعلان الأمم المتحدة اختيار أي شخص للمهمة بعد، بالنظر إلى كثرة الصعوبات التي تواجهها في ظل انقسام داخلي حاد.
ويبدو أن غويتيريش بات مصرا قبل أي وقت مضى على تسمية عبدالله بتيالي مهما كانت ردود فعل حكومة عبدالحميد الدبيبة.