السعودية تحصن أمنها الغذائي بدعم ركائز صناعة اللحوم

الرياض - وضعت الحكومة السعودية ركيزة جديدة في مسار طويل لتحصين أمنها الغذائي من خلال دعم صناعة اللحوم عبر توسيع مشاريع القطاع باستثمارات نوعية.

وأبرمت هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن) اتفاقية مع شركة سيارا وهي الذراع الاستثمارية لمجموعة جي.بي.إس البرازيلية أحد أكبر الكيانات العالمية لتصنيع منتجات اللحوم ومشتقاتها لبناء منشأة في البلاد.

وبموجب الاتفاقية التي نشرت الهيئة مقتطفات منها على حسابها على تويتر تمنح مدن عقد تخصيص أرض صناعية على مساحة تقدر بأكثر من 25 ألف متر مربع في المدينة الصناعية الثانية بمدينة جدة، لكن لم يتم الكشف عن تكلفة المشروع أو حجم إنتاجه السنوي.

ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز منظومة تصدير المنتجات محلية الصنع، وتلبية احتياجات السوق السعودية من منتجات اللحوم المختلفة بإجمالي 50 ألف طن سنويا.

وترى الحكومة أن تنمية قطاع اللحوم الحمراء ستعزز الأمن الغذائي لأكبر اقتصادات البلد الخليجي البالغ تعداد سكانه أكثر من 30 مليون نسمة.

كما أنه سيعمل على توفير منتجات محلية بجودة عالية وأسعار مناسبة، وذلك انسجاما مع رؤية 2030 التي تستهدف دعم القطاع الخاص، وزيادة مساهمته في التنمية الاقتصادية، ورفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي.

وأكد الرئيس التنفيذي المُكلّف للهيئة أسامة الزامل جاهزية وقدرة مدن على جذب وتوطين الصناعات النوعية ذات القيمة المضافة للاقتصاد المحلي.

وأشار خلال حديثه لوسائل الإعلام المحلية عقب توقيع العقد إلى قطاعات إستراتيجية مهمة مثل الصناعات الغذائية التي تحقق أهداف الإستراتيجية الوطنية للصناعة، في ظل رؤية 2030.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن الزامل، وهو نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية، قوله إن “من شأن المشروع دعم تكاملية سلاسل إمداد صناعة الغذاء، من خلال تسهيل وجذب المستثمرين إلى المناطق المستهدفة بتوطين الصناعات الغذائية”.

وأضاف “سيعمل كذلك على توفير الخدمات اللوجستية الداعمة والخدمات المشتركة التي تعمل على رفع كفاءة المصانع الغذائية ضمن هذه التجمعات وتعزيز إسهامها في منظومة التصدير المحلية”.

وتأتي الخطوة بعد أشهر من إعلان الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك) التابعة لصندوق الثروة السيادية عن استحواذها على مصنعين للحوم في أستراليا.

وقالت الشركة في ديسمبر الماضي إنه “تم إنهاء صفقة الاستحواذ على مصنعين لسلخ ومعالجة اللحوم الحمراء في أستراليا، بالشراكة مع شركة منيرفا فودز البرازيلية”.

وبموجب الصفقة يتم دمج سالك ومنيرفا فودز في المصنعين، بإنشاء شركة تحت اسم “منيرفا فودز الأسترالية”، التي ستمتلك الشركة السعودية 35 في المئة من أسهمها.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمنيرفا فودز الأسترالية أكثر من مليون رأس من الماشية سنويا، وتستهدف إنتاج وتسويق اللحوم الحمراء من الأغنام في الأسواق العالمية، خاصةً منطقة الخليج والشرق الأوسط.

ومنذ إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن برنامج الإصلاح الاقتصادي في أبريل 2016 تمكنت هيئة مدن من مضاعفة عدد المصانع الغذائية والمشروبات في مدنها الصناعية.

وبحسب الإحصائيات المنشورة على منصة الهيئة في الإنترنت، فقد زاد عدد مصانع القطاع في غضون ست سنوات من 318 إلى ألف منشأة إما تنتج أو أنها تحت الإنشاء.

ويوجد أغلب تلك المصانع في غرب البلاد بواقع 482 مصنعا، فيما تستحوذ المنطقة الوسطى على 315 مصنعا أما المنطقة الشرقية فتحتضن قرابة 118 مصنعا.

وبينما حققت السعودية اكتفاءها الذاتي في بعض المنتجات الغذائية وخاصة الأغذية الطازجة رغم التقلبات التي شهدها الاقتصاد العالمي وفي ظل الجفاف، فإنها لم تتمكن من بلوغ الاكتفاء الذاتي من اللحوم إلا بنسبة 41 في المئة وفق بيانات وزارة الزراعة.

وتتوقع شركة المنجم للأغذية، إحدى أكبر شركات الأغذية الخاصة في البلد الخليجي أن يصل إنفاق المستهلكين في قطاع الأغذية إلى 273 مليار ريال (72.8 مليار دولار) بحلول عام 2024.

وفي أواخر الشهر الماضي، كشفت السعودية أنها تعتزم زيادة الاستثمار في قطاع الدواجن في خطوة أخرى نحو تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي من اللحوم وتقليص الاعتماد على التوريد من الخارج.

وجاء ذلك الإعلان بعد أيام من إعطاء الحكومة الضوء الأخضر لشركة بي.آر.أف البرازيلية للصناعات الغذائية لاستئناف صادراتها من الدجاج إلى البلد الخليجي من منشأتها في إمارة أبوظبي بعد ثلاث سنوات من التوقف.

وأكد وزير الزراعة عبدالرحمن الفضلي تعليقا على ذلك أن الخطة تتضمن توسيع قطاع الدجاج اللاحم والخدمات المساندة والهدف هو رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن إلى 80 في المئة بحلول عام 2025 كمرحلة أولى لتحقيق الأمن الغذائي.

وستسهم الخطة في ضخ استثمارات جديدة في القطاع بقيمة تبلغ قرابة 4.53 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة لتحقيق طاقة إنتاجية مستهدفة تقدر بنحو 1.3 مليون طن من الدجاج اللاحم سنويا.

وسيقوم صندوق التنمية الزراعية بتمويل الشركات والمؤسسات الراغبة في التوسع في صناعة إنتاج الدواجن بما يصل إلى حوالي 70 في المئة من التكلفة الاستثمارية عند استخدام التقنيات الحديثة.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن مساهمة قطاع الدواجن ارتفعت من نحو 45 في المئة منذ العام 2016 إلى قرابة 68 في المئة بنهاية النصف الأول من العام الحالي.