"حرب دبلوماسية" إسرائيلية لإجهاض إحياء الاتفاق النووي مع إيران

رئيس الموساد يجري لقاءات مغلقة في الكونغرس الأميركي مطلع سبتمبر.
الاثنين 2022/08/29
الدبلوماسية لا تبعد الخيار العسكري

القدس - أكد مسؤول إسرائيلي الأحد أن رئيس جهاز الاستخبارات (الموساد) سيتوجه إلى الولايات المتحدة أوائل سبتمبر لإجراء محادثات تتعلق بإحياء الاتفاق النووي الإيراني.

وستكون هذه الزيارة أحدث المحاولات الإسرائيلية لثني القوى الغربية عن العودة إلى الاتفاق المبرم مع طهران في العام 2015.

وترى الدولة العبرية أن الاتفاق سيسهل تمويل المسلحين المدعومين من عدوها اللدود إيران، ولن يمنع طهران من تطوير سلاحها النووي، وهو ما تنفي الجمهورية الإسلامية السعي إلى تحقيقه.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير، فضل عدم الكشف عن هويته، إن رئيس الموساد ديفيد بارنياع “سيزور واشنطن في غضون أسبوع للمشاركة في اجتماعات مغلقة في الكونغرس بشأن الاتفاق الإيراني”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد قد أشار في وقت سابق الأحد إلى أن “الحرب الدبلوماسية” الإسرائيلية ضد الاتفاق تضمنت عقد كل من مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع اجتماعات مؤخرا في الولايات المتحدة.

يائير لبيد: نبذل جهودا متضافرة للتأكد من فهم حلفائنا لمخاطر الاتفاق

وأضاف لبيد “نبذل جهودا متضافرة للتأكد من فهم الأميركيين والأوروبيين للمخاطر التي تترتب على الاتفاق”. وشدد على أن اتفاق العام 2015 “ليس صفقة جيدة”، وأن الصيغة التي تتمّ مناقشتها حاليًا تنطوي على “مخاطر أكبر”.

وأتاح اتفاق العام 2015 بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين وألمانيا)، رفع عقوبات دولية كانت مفروضة على طهران، مقابل خفض أنشطتها النووية.

إلا أن مفاعيله باتت في حكم اللاغية مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه في 2018، معيدا فرض عقوبات قاسية على طهران. ولقيت الخطوة ترحيب إسرائيل.

لكن جو بايدن الذي خلف ترامب في الرئاسة الأميركية، أبدى عزمه على إعادة بلاده إلى متن الاتفاق، بشرط عودة إيران إلى التزاماتها. وبعد مباحثات متقطعة بدأت منذ أبريل 2021، بلغت المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين مرحلة حاسمة، فقد طرح الاتحاد الأوروبي، منسق المباحثات، مسودة تسوية “نهائية”، علّقت عليها إيران الأسبوع الماضي، وتنتظر رد الولايات المتحدة بشأن ذلك، في حين أثار ذلك قلق إسرائيل.

ووفقا لرئيس الوزراء، فإن الاتفاق الجديد يجب أن يتضمن تاريخ انتهاء صلاحية وأن يخضع لإشراف أكثر إحكاما وأن يساهم في “معالجة برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية وتورطها في الإرهاب في كافة أنحاء الشرق الأوسط”.

وأضاف لبيد “يمكننا التوصل إلى مثل هذا الاتفاق إذا تم طرح التهديد العسكري الإيراني المؤكد على الطاولة، وإذا أدرك الإيرانيون أن تحديهم وخداعهم سيكلفان ثمنا باهظا”.

ونوّه لبيد إلى أن الجيش الإسرائيلي وجهاز الاستخبارات “تلقيا تعليمات منا للاستعداد لأي سيناريو”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أكد الأربعاء أن النسخة الجديدة من الاتفاق النووي ستمنح إيران 100 مليار دولار سنويًا تستخدمها الجماعات المسلحة المدعومة من إيران مثل حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي، مشيرا إلى أنه يجري محادثات مع قادة كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن الملف.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا إن سلاح الجو الإسرائيلي طوّر طائرات إف – 35 لتكون قادرة على ضرب أهداف إيرانية، دون الحاجة إلى التزود بالوقود في الجو، فيما تخيّر تل أبيب الدبلوماسية لردع برنامج طهران النووي، لكن الخيار العسكري مطروح بقوة أيضا.

وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست “في مواجهة تطوير إيران المستمر لقدراتها النووية طوّر سلاح الجو الإسرائيلي قدرة جديدة تُمكّن طائراتها المقاتلة من طراز إف – 35 من الطيران من إسرائيل إلى إيران دون الحاجة إلى التزود بالوقود في الجو”.

العودة للاتفاق يرعب إسرائيل
العودة للاتفاق يرعب إسرائيل

وأضافت “يعتبر هذا التطوّر دفعة لقدرات سلاح الجو الإسرائيلي، ويأتي في الوقت الذي زاد فيه الجيش الإسرائيلي استعداداته لضربة مستقبلية ضد القدرات النووية الإيرانية”.

ولم تدلِ الصحيفة بتفاصيل عن التطوير الجديد للطائرة التي استلمت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة العشرات منها. وحتى الآن لم تسمح الولايات المتحدة ببيع هذا النوع من الطائرات لأي دولة في الشرق الأوسط ما عدا إسرائيل.

وكانت إسرائيل قد حذرت مرارا من أنها “لن تسمح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية، حتى لو استدعى ذلك استخدام القوة العسكرية”.

ومنذ انسحاب واشنطن من الاتفاق عززت إيران التي تقول إن أنشطتها النووية سلمية تخصيب اليورانيوم، وهي عملية يمكن أن تنتج وقودا للقنابل. وأعطى الجيش الإسرائيلي الذي يملك إمكانات متقدمة مؤشرات على قدرته على الوصول إلى مناطق إستراتيجية داخل إيران.

لكن بعض المحللين الأمنيين يتساءلون عما إذا كانت إسرائيل تمتلك قدرات عسكرية تمكنها من إلحاق ضرر دائم بمواقع تبعد عنها بُعد المنشآت النووية المتفرقة والمحمية بدفاعات قوية تمتلكها طهران، أو ما إذا كان بوسعها مواجهة قتال متعدد الجبهات مع القوات الإيرانية وجماعات مسلحة متحالفة معها يمكن أن يلي أي خطوة عدائية من جانبها.

ولا يستبعد مراقبون، بناء على تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، أن تبادر تل أبيب إلى عملية هجوم جوي تستهدف من خلالها نقاطا محددة داخل إيران، ومنها أهداف محضرة لمواقع ومنشآت نووية تشترك أو اشتركت سابقا مع الولايات المتحدة في كشفها، فتدمر بهذه الضربة المنشآت النووية الإيرانية الأقرب قدرة في الإمكانية وفي التوقيت على تصنيع قنبلة نووية، وبعد ذلك، ستجد أن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي لن تكون مزعجة لها، على الأقل في المدى المنظور.

5