الروهينغا محرومون من المستقبل بعد خمس سنوات من حملة القمع الدامية

عودة الجيش إلى السلطة في بورما تضعف آمال تخفيف القيود.
الجمعة 2022/08/26
معاناة لا أفق لنهايتها

رانغون - بعدما توسّلته والدته للبقاء، قرر ماونغ سوي ناينغ عدم الفرار إلى بنغلاديش مع رفاقه الروهينغا هربا من حملة قمع دامية نفذها الجيش البورمي واستهدفت هذه الأقلية المسلمة قبل خمس سنوات.

ولا يندم ماونغ على خياره، فهو يشعر بأنه في دياره في بورما رغم ظروفه المعيشية الكارثية والقيود المفروضة على تحركاته.

ودفعت الحملة العسكرية في العام 2017 بأكثر من 740 ألف شخص إلى بنغلاديش، كما تم الإبلاغ عن عمليات قتل وحرق واغتصاب في حملة قمع تقول الولايات المتحدة إنها ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

ويعيش حوالى 600 ألف من الروهينغا الذين بقوا في بورما في مخيمات بعدما نزحوا خلال موجات العنف السابقة، أو يسكنون في قراهم تحت رحمة الجيش وحرس الحدود.

ومعظمهم محروم من الجنسية ويخضع لقيود على الحركة والوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والعلاج، في ما تقول منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية إن ذلك يرقى إلى مستوى “الفصل العنصري”.

معظمهم محروم من الجنسية ويخضع لقيود على حركة التنقل والوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والعلاج

وكان ماونغ يعمل بعيدا عن منزله عندما بدأ جنود وبوذيون من إتنية راخين يعيثون فسادا في قرى الروهينغا عقب هجمات شنها متمردون من الروهينغا في الخامس والعشرين من أغسطس 2017.

وقال ماونغ مستخدما اسما مستعارا خوفا من الانتقام “كنت خائفا جدا إلى درجة أنني لم أستطع الوقوف بثبات”.

واختبأ لدى أحد أصدقائه من الراخين وانتظر انتهاء أعمال العنف ورحيل الحشود الهائجة قبل أن يجتمع مجددا مع والدته بعد شهر.

وروى ماونغ “بقيت من أجل أمي لأنها كانت تبكي على الهاتف خوفا من عدم رؤيتي مجددا إذا هربت إلى بنغلاديش”.

وأضاف مستدركا “لكن كل الآمال في تحسّن الحياة بعد أعمال العنف تبددت فالسلطات قيدت تحرّكاتنا أكثر من قبل وقطعت فرص العمل والاتصالات”.

وأوضح “ما زلنا نتساءل إذا كانت ستكون هناك حملة قمع أخرى. ليس لدينا مستقبل”.

وعلى غراره، تحدى زارني سوي (22 عاما) وهو أيضا من الروهينغا من شمال ولاية راخين (غرب) أعمال العنف على أمل استعادة بعض مظاهر الحياة الطبيعية لبلاده عند انتهاء الحملة.

وأكمل دراسته الثانوية لكنه منع لاحقا من الالتحاق بالجامعة. وقال “نحن مقيدون في كل جوانب حياتنا”.

وأوضحت مارجان بيسويجن رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في بورما أن الوصول “محدود للغاية” إلى الرعاية المتخصصة والرعاية الطارئة للروهينغا الذين يعيشون في مخيمات في وسط ولاية راخين.

وأضافت “يتردد بعض المرضى في القدوم للحصول على علاج بعد سماع قصص عن التمييز وسوء معاملة الروهينغا في المؤسسات”.

600

ألف من الروهينغا الذين بقوا في بورما تحت رحمة الجيش وحرس الحدود

ومنذ انقلاب الأول من فبراير 2021، أوقفت قوات الأمن حوالى ألفين من الروهينغا، من بينهم مئات الأطفال، بتهمة “تنقل غير مصرح به”.

وحاليا، تعتبر ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة الوجهة المفضلة للذين يحاولون مغادرة بورما، أكان بمساعدة مهربين برا أو برحلات قوارب محفوفة بالأخطار تستمر أشهرا في البحار المدارية.

وتسببت عودة الجيش إلى السلطة في العام الماضي في إضعاف الآمال في الحصول على الجنسية أو حتى تخفيف القيود الحالية.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء إن “حملة المجموعة العسكرية ضد المعارضة زادت من تدهور الوضع الإنساني خصوصا بالنسبة إلى الأقليات الإتنية والدينية، بما فيها الروهينغا”. وأضاف أن “هذه الفئة ما زالت من بين الفئات السكانية الأكثر ضعفا وتهميشا في البلاد”.

ووصف زعيم المجموعة العسكرية مين أونغ هلاينغ الذي قاد القوات المسلحة خلال حملة القمع في عام 2017 هوية الروهينغا بأنها “خيالية”.

وقالت بيسويجن إن العودة إلى الوطن أمر غير مرجح بالنسبة إلى الذين يعيشون في المخيمات. وأوضحت “حتى لو تمكنوا من التنقل، فإن العديد من القرى والمجتمعات التي كانوا يعيشون فيها لم تعد موجودة”.

وأكد ماونغ “ليس لدينا مستقبل ولا أمل في هذا البلد حيث توجد كراهية عنصرية عميقة تجاهنا”. وقال زارني سوي “نريد أن نعيش بكرامة”.

5