تعديل وزاري في الأردن: ضرورة ملحة أم إرباك للخصاونة

مذكرة نيابية بسحب الثقة من وزير المياه والوزارات الخدمية تشكو نقائص.
الجمعة 2022/08/26
أزمة مستعصية تتجاوز شخص الوزير

تواجه حكومة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة ضغوطا لتعديل تركيبتها واستبدال قيادات الوزارات الخدمية التي يصفها عدد من النواب كما المواطنين بالفشلة، إلا أن مشاكل الأردن المستفحلة والمتفاقمة أكبر من شخص وزير لحلها، في ظل وضع اقتصادي مترد عمقته أزمة كورونا وانحسار المساعدات الدولية للمملكة.

عمّان - عادت المطالب بضرورة إجراء تعديل وزاري على حكومة بشر الخصاونة إلى الواجهة، مع تقديم مجموعة من النواب الأردنيين الأربعاء مذكرة سحب ثقة من وزير المياه والري محمد النجار “لتقصيره في أداء مهامه”، في حين تتواتر الانتقادات للوزارت الخدمية، ما يفاقم الضغوط على رئيس الوزراء الأردني.

وقالت مصادر أردنية قريبة من الدوائر الحكومية إن الخصاونة متمسك بعدم إجراء أي تعديل وزاري على حكومته، بالرغم من الانتقادات الموجهة لفريقه الوزاري.

وأضافت المصادر أن فيتو الخصاونة يأتي لإدراكه بأن أي تعديل وزاري لن يأتي بجديد أو يشكل مخرجا للأزمة الاقتصادية التي يعانيها الأردن، والمرتبطة في الأصل بالمتغييرات الإقليمية والدولية.

وأشارت المصادر إلى أن الدعوات إلى إجراء تعديل وزاري تندرج ضمن المناكفات السياسية لرئيس الحكومة الأردني وليست مبنية على حقائق، إذ إن مشكلة المياه في الأردن على سبيل المثال أزمة مستعصية فشلت جميع الحكومات السابقة في معالجتها نظرا لتداخل السياسي بالمناخي فيها.

ويرى محللون أن تعامل حكومة الخصاونة مع أزمة شح المياه في الأردن أفضل من تعامل الحكومات السابقة، إذ إن توقيع حكومته إعلان نوايا مع إسرائيل لتبادل الطاقة مقابل المياه قد يمثل حلا جذريا لأزمة المياه في المملكة، إلا أن تشويش الإسلاميين على المعاهدة المحتملة أربك الحكومة الأردنية، التي قالت إنها لا تزال تناقش التفاصيل والجدوى الاقتصادية والاجتماعية.

محمد الظهراوي: إن ثرنا فإن استهتار وزير المياه والري هو السبب

وترغب السلطات الأردنية في تفعيل الاتفاقية التي تحل بشكل كبير أزمة شح المياه. وسيكون ذلك من خلال بناء الأردن مزارع للطاقة الشمسية في صحرائه، على أن تحول الطاقة الناتجة إلى إسرائيل، في وقت تقوم الأخيرة بتحلية مياه البحر المتوسط وتحويلها إلى الأردن لسد احتياجاته.

ويقول محللون إن القيادة الأردنية قد تتأخر في المضي قدما في توقيع الاتفاقية مع تل أبيب حتى تهيئة المناخ العام السياسي والاجتماعي الملائم لمثل هذه الخطوة.

ووقّعت مجموعة من أعضاء مجلس النواب الأربعاء مذكرة لطرح الثقة بوزير المياه والري، قبل أن تتراجع الخميس عنها لأسباب مجهولة، ما يعزز ما ذهب إليه محللون بأن المذكرة كانت مناكفة سياسية ولا جدية في طرحها.

وبحسب ما جاء في المذكرة، طالب النواب الموقعون عليها بطرح الثقة بالوزير لوجود اختلالات في أغلب محافظات المملكة، الناتجة عن سوء الإدارة.

وصرح النائب محمد الظهراوي الذي تبنى المذكرة، بأن “وزير المياه يزور الرصيفة لا ليتفقد واقعها المزري والعطش الذي أتى على الزرع والبشر، وإنما ليزهو بدروع ونياشين تزيده رفعة وعلوا، وهو من نكب الرصيفة في مائها وهي أرض الينابيع”، مبينا أن “الرصيفة بفقرائها وبسطائها ورجالها وأطفالها يستنكرون زيارة وزير المياه وفرش البسط الحمر له، وهو الذي لا يستحق إلا سحب الثقة منه لأنه للأسف ليس أهلا لإدارة عصب الحياة في الوطن”.

وأضاف “في الحكومة السابقة عقدنا النية على جمع التواقيع لطرح الثقة في هذا الوزير العابر للوزارات رغم فشله، ولكن وعودا قطعت ونكثت فيما بعد من قبل الوزير هي من كانت سببا في تراجعنا عن طرح الثقة، على أمل أن ينعدل الإعوجاج”.

الدعوات إلى إجراء تعديل وزاري تندرج ضمن المناكفات السياسية لرئيس الحكومة الأردني وليست مبنية على حقائق

وبيّن النائب الظهراوي أن “الرصيفة وصلت إلى حدود لا يتقبلها العقل من الاستهتار من قبل وزارة المياه والري وسلطتها والعاملين عليها، وعلى رأسهم الوزير، مياه تقطع بالأشهر ومشاريع أممية لحلول مائية لا تغني ولا تسمن من جوع، وحصص مائية لا تكفي دورات المياه الأسبوعية، وتسويف وكذب سئمه المواطن في الرصيفة. وإذا قدر للرصيفة أن تنتفض وتثور فهذا الوزير هو السبب، والعتب مرفوع عن الوزير إن كان التأزيم صفة عامة لهذه الحكومة”.

ويجبر نقص المياه في الأردن منذ فترة طويلة السلطات على تطبيق نظام توزيع خاص، عن طريق ضخ المياه إلى مناطق مختلفة مرة واحدة في الأسبوع، بحيث يتمكن السكان من ملء الخزانات الخاصة بهم.

وفي بعض الأحيان، تحدث اضطرابات في جدول التوزيع ولا يحصل الناس حتى على حصتهم الأسبوعية. ويجبرهم ذلك على شراء المياه من الصهاريج المتنقلة، وهو بديل مكلف حيث يبلغ سعر الستة أمتار مكعبة 25 دينارا (35 دولارا).

وخلال العامين الماضي والحالي، شهد الأردن جفافا للسدود في محافظات الجنوب طال سدود الوالة والموجب والتنور وشعيب وغيرها، ومع قدوم الصيف ارتفع الطلب على المياه ووصل إلى معدل 3 ملايين متر مكعب يوميا، في حين لا تتجاوز الكميات الموجودة بالسدود حاليا 75 مليون متر مكعب من أصل 285 مليون متر مكعب (قدرتها التخزينية).

وأفاد مركز أبحاث “سينتشري” الأميركي في تقرير في ديسمبر بأن “الأردن هو الآن ثاني أكثر بلد يعاني من انعدام الأمن المائي في العالم، بحسب بعض الإحصائيات”. وأضاف “من المتوقع أن تتجاوز الاحتياجات المائية الموارد المتوفرة بأكثر من 26 في المئة بحلول عام 2025”.

2