نهاية الاهتمام.. الحرب الأوكرانية الروسية تدخل مرحلة "الإرهاق الإخباري"

صحف العالم تلغي أخبار الحرب الأوكرانية من صفحاتها الرئيسية.
الخميس 2022/08/25
الحرب الأوكرانية تفقد زخمها الإعلامي

لندن - بعد مرور أكثر من ستة أشهر على اندلاعها، لم تعد الحرب الأوكرانية - الروسية تتصدر نشرات الأخبار.

ولأسابيع بعد الغزو الروسي لأوكرانيا شاهد الملايين من الأشخاص حول العالم مذيعي الأخبار المألوفين الذين اعتادوا على رؤيتهم في استوديوهات مريحة ينقلون الأحداث مباشرة من كييف أو لفيف أولا بأوّل.

وبعد فترة، انتقل هؤلاء المقدمون إلى بلدانهم الأصلية، وقدم المراسلون على الشرفات أو أسطح المنازل آخر التحديثات، معرضين أنفسهم لخطر شديد في ظروف قاسية للتأكد من أن العالم على علم بما يحدث في الحرب.

ولكن بعد ذلك تغيرت الأمور. وجاءت انتخابات في بعض البلدان وفضائح مشاهير أو أزمات في الميزانية أو كوارث طبيعية في بلدان أخرى. ومهما كان الأمر، فقد أزيلت الحرب في أوكرانيا من الصفحات الأولى للصحف، ونقلت مقاطع الفيديو الخاصة بها إلى فترة زمنية لاحقة في نشرة الأخبار. وهي الطريقة التقليدية التي يبدأ بها الإرهاق الإخباري.

شتاينر إلينجسن: إن الشعور بالإرهاق في أي قصة إخبارية هو طريق ذو اتجاهين

ونقلت شبكة  “يورونيوز” عن شتاينر إلينجسن النرويجي وهو أستاذ محاضر في الصحافة بجامعة ولونغونغ في أستراليا، والذي درس ظاهرة الإرهاق الإخباري “يحدث ذلك مع أي تغطية إخبارية لأحداث كبرى، لاسيما الأخبار المتفجرة والأشياء المؤلمة”. ويرى المحاضر في الصحافة أنه “كلما كنت بعيدا جغرافيا عن الصراع، كلما تضاءل الاهتمام بشكل أسرع”.

ومع ذلك “فإن الشعور بالإرهاق في أي قصة إخبارية هو طريق ذو اتجاهين. في حين أن الجمهور قد يتعب من رؤية نفس الموضوع ليلة بعد ليلة في الأخبار المسائية، أو رؤيته مُلصقا على الصفحة الأولى من صحفهم كل يوم، يمكن أن تتورط غرف الأخبار نفسها في موضوع واحد، فبالنسبة إلى معظم المؤسسات الإعلامية التي أرسلت صحافيين إلى أوكرانيا، كانت هذه نفقات لم يتم رصدها في الميزانية، ويمكن أن تؤثر أيضًا على قرارات التغطية الإخبارية الأخرى، مثل احتمال تقليص تغطية الأحداث المحلية المهمة لأن الأموال أصبحت شحيحة”.

وتابع إلينجسن “أعتقد أن الجمهور ووسائل الإعلام لديهم مساحة لقصة واحدة كبيرة فقط في كل مرة. لذا، قبل أربع أو خمس سنوات كان الناس يتحدثون عن المهاجرين، ثم غريتا تونبرغ وأزمة المناخ، ثم فايروس كورونا، وبعد ذلك غزو أوكرانيا”. وأضاف “مع الثورة الرقمية، فإن مدى انتباه الجمهور قصير جدًا ومكثف للغاية”.

وأكد إعلامي في صحيفة سويدية مثلا “كان لدينا تواجد مستمر منذ أن بدأت الحرب حتى الصيف. كان لدينا فريقان لإعداد التقارير، وأحيانًا ثلاثة فرق في المنطقة للأسابيع والأشهر الأولى. لقد كانت التغطية الإخبارية مكثفة للغاية، بالنسبة إلينا وللصحف الأخرى أيضًا، كان جهدا هائلا”.

وأضاف ‘لقد تغير ذلك في الوقت الحالي، مع تحول انتباه وسائل الإعلام السويدية بقوة منذ منتصف الصيف إلى الانتخابات العامة في سبتمبر القادم”.

ورغم ذلك يقول الصحافي إن الجماهير الأكبر سنًا لا تزال مهتمة جدًا بالتطورات في أوكرانيا، لذلك يظهر الصراع بشكل بارز في الإصدارات المطبوعة للصحف. لكن بالنسبة إلى الجماهير الرقمية، تضاءل الاهتمام.

ربط القضايا المحلية بالحرب في أوكرانيا يعد إستراتيجية إعلامية شائعة لإعادة القصة الرئيسية إلى الواجهة

لكن بمجرد أن يبدأ الإرهاق الإخباري في أي موضوع، هل من الممكن بعد ذلك عكس الاتجاه؟

يقول خبراء إن ذلك يمكن أن يحدث إذا وردت أحداث جديدة مهمة، وفي حالة الحرب، قد يتطلب الأمر تطوراً مذهلاً أو فظاعة أو تقدمًا كبيرًا أو عندما تسقط مدينة رئيسية أو تستعاد السيطرة عليها.

لكن شتاينر إلينجسن أوضح أن هناك بحثًا يُظهر كيف يميل الجمهور إلى “الإفراط في تناول الطعام/الأخبار” في التغطية الأولية، لكنهم يتعودون بعد ذلك مع استمرارها.

ويقول “يعتبر الانخفاض ملحوظًا. وفي بعض الأحيان، تتمثل إستراتيجية وسائل الإعلام، عندما يبدأ شيء ما في التلاشي، في منحه مزيدًا من التغطية والمزيد من التفاصيل، ولكن هذا ليس دائما ناجحا”.

وتتمثل إحدى الإستراتيجيات الشائعة في البدء في ربط القضايا بالحرب في أوكرانيا، على سبيل المثال، في القضايا المحلية التي تواجه قراء الصحيفة أو مشاهدي القناة التلفزيونية مثل سبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية أو زيادة تكاليف الوقود، وكيف يمكن إرجاع كل ذلك إلى القصة الرئيسية التي تحدث في أوكرانيا.

16