المعنويات الهابطة تتحكم في أسواق النفط

أثارت المخاوف بشأن الركود في الأسواق الرئيسية المستهلكة للنفط حيال أسعاره في الأسابيع الأخيرة. وقد انخفض النفط الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى في ستة أشهر، وهو مستوى سجل آخر مرة قبل الغزو الروسي لأوكرانيا. ونتج هذا الانخفاض عن المخاوف بشأن النمو الاقتصادي في الصين التي تعدّ أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، ومخاوف في أوروبا والولايات المتحدة وسط ارتفاع التضخم والارتفاعات المتتالية في سعر الفائدة.
وتحولت سوق النفط إلى اتجاه الهبوط هذا الصيف بسبب مخاوف من تباطؤ الطلب على النفط في حالة الركود. أضف إلى ذلك المعروض الروسي الذي لا يزال صامدا على عكس التوقعات الأولية بخسائر كبيرة، وإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي إيراني يمكن أن يعيد ما يصل إلى مليون برميل يوميا إلى السوق. ويقول بعض المحللين إن المخاطر بشأن أسعار النفط تميل إلى اتجاه الهبوط.
وقالت شركة الأبحاث الدولية فيتش سوليوشنز في تقرير اطلعت عليه شركة ريغزون لخدمات النفط والغاز والطاقة إن “توازن المخاطر على التوقعات الآن يكمن إلى حد كبير في الجانب السلبي”. وأبقت شركة فيتش سوليوشنز توقعاتها لخام برنت عند 105 دولارات للبرميل هذا العام وبمعدل 100 دولار للبرميل العام المقبل.

هيثم الغيص: الخوف والقلق هما السبب الرئيسي وراء انخفاض الأسعار
كما قالت فيتش سوليوشنز خلال الأسبوع الماضي إن التوقعات لاقتصاد منطقة اليورو لا تزال “مقلقة” على الرغم من بيانات الناتج المحلي الإجمالي القوية للربع الثاني.
وقالت في تقرير صدر في 15 أغسطس “نواصل توقع نمو بنسبة 1.0 في المئة فقط خلال العام المقبل، على افتراض أن النشاط سيفقد توجها نحو الركود الشامل”.
كما أشارت فيتش سوليوشنز إلى أن الاقتصادات ذات القطاعات التصنيعية الكبيرة التي تعتمد أكثر على الغاز الطبيعي كمصدر لاستهلاك الطاقة كألمانيا وإيطاليا ستشهد تراجعات متواضعة هذا الشتاء.
وخفضت العديد من البنوك، بما في ذلك بنك غولدمان ساكس، توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي الصيني هذا العام بسبب بيانات أضعف من المتوقع لشهر يوليو ونقص إمدادات الطاقة.
ففي وقت سابق من الشهر الحالي، عدّل بنك غولدمان ساكس توقعاته لسعر خام برنت لهذا الربع إلى 110 دولارات للبرميل، فيما شكّل انخفاضا من التوقعات السابقة البالغة 140 دولارا للبرميل، لكنه قال إنه يعتقد أن ارتفاع أسعار النفط لا يزال قويا.
وقال غولدمان في مذكرة نقلتها بلومبرغ إن أسعار النفط تراجعت في الأسابيع الأخيرة بسبب تدني السيولة التجارية و”تصاعد جدار المخاوف”. وأشار الخبراء الإستراتيجيون في البنك إلى أن هذه المخاوف تشمل مخاوف من الركود، واستعمال احتياطي البترول الإستراتيجي في الولايات المتحدة، وانتعاش إنتاج النفط الخام الروسي، وعمليات الإغلاق المفاجئة للصين بسبب الوباء.
105
دولارات السعر المتوقع لبرميل خام برنت هذا العام و100 دولار للبرميل العام المقبل
وقال المحللون الإستراتيجيون في بنك غولدمان ساكس “نعتقد أن حجة ارتفاع أسعار النفط لا تزال قوية، حتى مع افتراض حدوث كل هذه الصدمات السلبية، مع توقع استمرار عجز في السوق أكبر مما كنا نتوقعه في الأشهر الأخيرة”.
وفي حين أن أسعار النفط حاليا تحت طائلة مخاوف الركود، لا تزال أوبك متفائلة بشأن العوامل الأساسية، بما في ذلك الطلب، على المدى القريب. كما تشهد وكالة الطاقة الدولية طلبا قويا هذا العام بسبب زيادة التحول من الغاز إلى النفط في توليد الطاقة والصناعة بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي. ورفعت، في أحدث تقرير لها لشهر أغسطس، توقعاتها لنمو الطلب في 2022 بمقدار 380 ألف برميل يوميا.
وقال الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص لرويترز الأسبوع الماضي إن الطلب العالمي على النفط لا يزال قويا وسيظل كذلك حتى نهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن عمليات البيع المكثفة الأخيرة للنفط لا تعكس الأساسيات مدفوعة بالخوف.
وصرّح في مقابلة لرويترز إن”هناك الكثير من الخوف…الكثير من التكهنات والقلق، وهذا هو السبب الرئيسي وراء انخفاض الأسعار… بينما نرى في السوق الفعلية الأمور بشكل مختلف جدا. الطلب لا يزال قويا. لا نزال نشعر بتفاؤل شديد إزاء الطلب ومتفائلون جدا بشأن الطلب لبقية هذا العام”.
وستظل مخاوف الركود تتصدر العوامل التي تشكل اتجاه أسعار النفط، لكن حظر الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الروسية في نهاية هذا العام ونهاية إصدار احتياطي البترول الإستراتيجي الأميركي في أكتوبر قد يمثلان المحفزات الصعودية التالية للنفط.