طبول الحرب تدق في طرابلس مع إعلان باشاغا حالة التأهب لدخولها

الجيش الليبي ينأى بنفسه عن المشاركة في الحرب، معتبرا بيان الحكومة المكلفة من مجلس النواب هو النداء الأخير لحملة السلاح في العاصمة الليبية.
الأربعاء 2022/08/24
حكومة باشاغا: لا قتال مع من اتبع الشرعية

طرابلس - على وقع التحشيدات المسلحة التي تشهدها العاصمة الليبية، صعّدت حكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب من لهجتها من خلال دعوة وزارة داخليتها كافة منتسبيها إلى رفع حالة التأهب لفرض الأمن داخل طرابلس، فيما أكدت قيادات عسكرية وأمنية أخرى أنها جاهزة لردع كل من يهدد العاصمة.

فبعد سويعات على تحذير أصدرته حكومة باشاغا لمن يحمل السلاح في وجهها، في إشارة إلى عزمها دخول طرابلس، طالبت وزارة داخليتها في بيان العناصر الأمنية التابعة للوزارة في العاصمة الليبية عدم الانخراط في أي أعمال قد تهدد الأمن العام.

وقالت داخلية باشاغا في بيانها إنها تحذر عناصر الوزارة من الالتحاق بأي تشكيلات مسلحة تقف أمام شرعية الحكومة الليبية وحقها في ممارسة مهامها من داخل مدينة طرابلس.

وأهابت وزارة الداخلية، بكافة منتسبيها ومكوناتها رفع أقصى درجات الاستعداد والتأهب لحماية الممتلكات العامة والخاصة والمرافق والأهداف الحيوية من أي عبث أو تخريب، والمحافظة على أمن وسلامة المواطنين، والعمل على فرض الأمن واستتبابه داخل العاصمـة طرابلس وكافة المدن والمناطق على التراب الليبي، في إشارة إلى أي أعمال قد تنجم عن محاولتها دخول العاصمة طرابلس.

وشددت الوزارة على أن "القانون فوق الجميع، وأنه سيكون الرادع لكل من يحمل السلاح لترهيب وترويع الآمنين، مع التأكيد على أن العفو والصفح والمصالحة هو شعار الحكومة الليبية".

وقوبل بيان داخلية باشاغا، ببيان لقوى أمنية وعسكرية في العاصمة طرابلس، لم تكشف عن هويتها، أعلنت فيه "النأي بنفسها عن الصراعات السياسية، والاقتتال بكل أشكاله، وتأكيدها على السلم الأهلي"، في إشارة إلى تبرؤها من تحشيدات حكومتي فتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة.

وقالت هذه القوى، عقب اجتماع مع رئيس الأركان العامة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الفريق أول ركن محمد الحداد في بيانها إنها تواصلت مع كافة الأطراف لمنع وقوع الحرب، والوصول إلى حلول سلمية لإنهاء الصراع القائم بين الأطراف السياسية، مشيرة إلى أن هناك أطرافا أخرى، لم تحددها، تسعى إلى وقوع الحرب ومصرة عليها لأغراض مختلفة.

وشددت على مواصلة التواصل بين جميع الأطراف بهدف الوصول إلى حلول بعيدة عن الحرب والقتال، داعية إلى العودة لتحكيم العقل، ووضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار، وإلى تحمل مجالس (النواب والدولة والرئاسي) مسؤولياتها في ذلك.

وحذرت القوى العسكرية والأمنية في ختام بيانها هذه الأطراف من أن تكون سببا في إشعال الفتنة، ووقوع القتال بين الليبيين، لافتة إلى أنها ستكون جاهزة للدفاع ولردع أي قوة تهدد أمن وسلامة العاصمة.

وأمام هذا التصعيد الكلامي، أكد الجيش الوطني الليبي أنه لن يكون طرفا في الحرب القادمة على طرابلس، مشددا على أنه غير معني بالصراع على السلطة بين الحكومتين المتنافستين.

وقال الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري في تصريحات لقناة "العربية" السعودية مساء الثلاثاء "إن "طبول الحرب تدق في طرابلس"، مضيفا "أعتقد أن بيان حكومة باشاغا هو النداء الأخير لحملة السلاح في طرابلس. وهذا البيان ما بعده إلا إعلان عملية اجتياح العاصمة طرابلس".

وكانت حكومة باشاغا قد نبهت في بيان إلى أنه "لا ظلم ولا قتال مع من اتبع الشرعية واختار الوطن دون سواه"، وأنها تمد يدها بـ"السلام وتسعى لحقن الدماء".

وردا على سؤال حول مشاركة الجيش الليبي في إدخال حكومة باشاغا إلى طرابلس، قال المسماري "لا، هذه ليست من مهام القوات المسلحة وليس لدينا أي دعم لفتحي باشاغا أو لغير باشاغا".

ولفت المسماري إلى أن "هذا صراع في طرابلس على السلطة، وكلا الرجلين لديه قوة مسلحة وحلفاء على الأرض هناك، ومن سيتمركز في العاصمة، سواء قبل القتال أو بعده، هو من سيستطيع تمثيل الحكومة الليبية. نحن نؤكد أن القوات المسلحة ليست لها أي يد وليست طرفا في هذا النزاع على الإطلاق".

واستدرك المسماري قائلا "القوات المسلحة لديها مهام محددة وفق القانون. نحن ذهبنا إلى طرابلس لطرد هذه الميليشيات والمرتزقة الأجانب، ولفك مؤسسات الدولة من سيطرة أمراء الميليشيات والجماعات المسلحة، ولكن العالم بالكامل جاء ضدنا في هذه العملية".

وأضاف "اليوم نحن نتابع هذه الأحداث عن قرب، ولا توجد لدينا قوات ولا توجد لدينا نوايا لدعم أي طرف في مواجهة طرف آخر".

وتابع "لكن لو خرج الشعب يطالب القوات المسلحة بتنفيذ مهامه على أي بقعة من ليبيا الغالية ستكون وحداتنا جاهزة، وهي الآن على أعلى تدريب ومستوى من الإمكانيات والقدرات القتالية والكفاءة، وسنكون في الموعد لتنفيذ أي واجبات في هذا الإطار".

وتأتي هذه البيانات في وقت يحتدم الصراع السياسي بين حكومة باشاغا التي تطالب باستلام السلطة ودخول عاصمة البلاد، وحكومة الدبيبة، التي ترفض تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، وتتمركز في العاصمة، حيث تسيطر على المؤسسات الحيوية بالبلاد، وفي مقدمتها مؤسسة النفط، والمصرف المركزي.

ويشهد الغرب الليبي عامة هذه الأيام تحشيدا عسكريا ظاهرا للفصائل المسلحة المنقسمة في تأييدها بين الحكومتين، في مشهد قد ينذر بتحول الصراع السياسي إلى مواجهة مسلحة، قد تكون العاصمة طرابلس ساحتها.

وأصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الثلاثاء بيانا أشارت فيه إلى متابعتها ببالغ القلق "ما يجري من تحشيد للقوات وتهديدات باللجوء إلى القوة لتسوية مزاعم الشرعية في ليبيا".

وأكدت البعثة أن "الانسداد السياسي الحالي وجميع أوجه الأزمة التي تحيق بليبيا لا يمكن حلها بالمواجهة المسلحة"، وأن حل هذه القضايا لا يأتي إلا من خلال "ممارسة الشعب الليبي حقه في اختيار قادته وتجديد شرعية مؤسسات الدولة عبر انتخابات ديمقراطية".

ودعت البعثة إلى "وقف التصعيد فورا"، وجددت التأكيد أن "استخدام القوة من جانب أي طرف غير مقبول، ولن يؤدي إلى أي نتيجة من شأنها ضمان اعتراف المجتمع الدولي".

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد حثت قادة ‎ليبيا على إعادة الالتزام بتحديد أساس دستوري للانتخابات، ودون تأخير.

وعلى لسان المتحدث باسمها نيد برايس، الذي أصدر بيانا الاثنين، عبرت الخارجية عن "قلق الإدارة الأميركية العميق من التهديدات المتكررة باحتمال نشوب مواجهات في طرابلس"، داعية جميع الأطراف إلى "وقف التصعيد".

كما دعا برايس من يخاطرون بالانجرار إلى العنف في ليبيا إلى إلقاء أسلحتهم، لافتا إلى أن "عدم الاستقرار في ليبيا يذكر بالحاجة الملحة إلى تعيين ممثل أممي خاص، لاستئناف جهود الوساطة".

ولم تتفق الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن حتى الآن على اختيار مبعوث أممي يشغل المنصب الشاغر منذ نوفمبر من العام الماضي، فيما لم يتفق مجلسا النواب والدولة حتى الآن على قاعدة دستورية تنظم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ العام الماضي.