إيران ترى التعاون مع السعودية مهما لاستعادة الهدوء والأمن

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية يؤكد أن الحوار مع الرياض كان إيجابيا وأن عودة العلاقات الدبلوماسية تحتاج إلى وقت.
الاثنين 2022/08/22
إيران: مباحثاتنا مع السعودية ثنائية ولا علاقة لها بالنووي

طهران - أكدت وزارة الخارجية الإيرانية الاثنين أن التعاون بين طهران والرياض يمكن أن يساعد في استعادة الهدوء والأمن في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن المحادثات مع السعودية مسألة منفصلة عن محادثات إحياء اتفاق طهران النووي لعام 2015.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الاثنين إن الحوار مع الرياض قطع "خطوات إيجابية والأجواء في المنطقة إيجابية".

وأضاف أن "عملية إعادة العلاقات الدبلوماسية تحتاج إلى وقت ولا تتم بين يوم وليلة".

ونوه بأن "المحادثات مع السعودية مسألة منفصلة عن محادثات إحياء اتفاق طهران النووي لعام 2015"، فيما شدد على أن "التعاون بين طهران والرياض يمكن أن يساعد في استعادة الهدوء والأمن في الشرق الأوسط".

والشهر الماضي أعلن المسؤول الإيراني نفسه عن جولة جديدة من المفاوضات بين طهران والسعودية "قريبا"، وهو ما لم تؤكده السعودية وقتها.

وسبق وأن أعربت السعودية على لسان وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، عن أملها في مواصلة المحادثات مع إيران بهدف التوصل إلى خفض التصعيد في المنطقة.

وقال وزير الخارجية السعودي في فبراير الماضي "نتطلع إلى جولة خامسة من المحادثات مع إيران، رغم عدم إحراز تقدم جوهري في الجولات السابقة".

وأضاف الوزير خلال مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن "هناك عدة أمور يمكن مناقشتها مع إيران إذا كانت لديها رغبة في خفض التصعيد بالمنطقة".

وخلال الأشهر القليلة الماضية، عقدت عدة جولات من المحادثات بين إيران والسعودية في العراق.

وفي أواخر يوليو الماضي، كشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن الاجتماع المقبل بين السعودية وإيران سيعقد في بغداد بشكل علني، على مستوى وزراء الخارجية.

وقال حسين في تصريحات أوردتها شبكة "رووداو" الكردية أن "ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) طلب منا استضافة لقاء وزير الخارجية السعودي مع نظيره الإيراني في بغداد".

وأضاف حسين "سنحدد موعدا للقاء علني بين وزيري خارجية البلدين في بغداد"، مشيرا إلى أن "الاجتماعات التي كانت سرية وعلى المستوى الأمني ستصبح علنية بوساطة عراقية".

وجاءت تصريحات فؤاد حسين حينها بعد يوم واحد على تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وقال فيها إن بلاده تبلغت بموافقة السعودية على انتقال الحوار الهادف إلى إعادة العلاقات المقطوعة منذ أعوام من المستوى الأمني إلى السياسي.

وأضاف في حوار مع التلفزيون الرسمي أن طهران تلقت رسالة من وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين "بأن الجانب السعودي مستعد لنقل المباحثات إلى المستوى السياسي والعلني، ونحن أبدينا استعدادنا لدخول المباحثات المرحلة السياسية".

وبدأت جلسات الحوار بين البلدين في أبريل 2021 بتسهيل من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي تربطه علاقات جيدة بالجانبين.

وزار الكاظمي الرياض وطهران في يونيو، ضمن جهود تسهيل الحوار، وشدد على أهمية "استقرار المنطقة".

وتعد إيران والسعودية أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الإقليمية، وأبرزها النزاع في اليمن، حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا، وتتهم طهران بدعم الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.

وكذلك، تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتهمها بـ"التدخل" في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان، وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.

وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران في يناير 2016، بعد تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد، لاعتداءات من قبل محتجين على إعدام الرياض رجل الدين السعودي الشيعي المعارض نمر النمر.

وبشأن المباحثات النووية، انتقدت إيران الاثنين على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، "التسويف" الأميركي في الرد على مقترحات إحياء الاتفاق النووي، بعد مرور زهاء أسبوع على رد طهران.

وأعلنت الجمهورية الإسلامية مطلع الأسبوع الماضي أنها ردت على "النص النهائي" المقترح من الاتحاد الأوروبي، منسّق المباحثات الهادفة إلى إحياء اتفاق العام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018.

وأكدت بروكسل وواشنطن في السادس عشر من أغسطس أنهما تقومان بدراسة الرد.

وقال كنعاني في مؤتمر صحافي "إن ردنا على المقترح الأوروبي في ما يتعلق بإحياء الاتفاق النووي جرى في وقته وبشكل جدي"، مضيفا "لم نحصل على الرد الأميركي حتى الآن".

وشدد على أن "التسويف الأميركي والصمت الأوروبي" جعلا المباحثات "استنزافية"، مؤكدا أن ذلك لن يدفع طهران "إلى التراجع عن خطوطنا الحمراء، ولن نقبل بالمفاوضات الاستنزافية".

وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجيا عن معظم التزاماتها.

وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في أبريل 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو من العام ذاته. وبعد استئنافها في نوفمبر، علّقت مجددا منذ منتصف مارس مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.

وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو، لم تفض إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية "نهائية".

وأكدت إيران أنها أرسلت بحلول منتصف ليل الخامس عشر - السادس عشر من أغسطس "الرد الخطي" على المقترح الأوروبي الأخير، معتبرة أنه "سيتم التوصل إلى اتفاق إذا كان الرد الأميركي يتسم بالواقعية والمرونة"، وفق ما أفادت في حينه وكالة الأنباء الرسمية "إرنا".

واعتبر كنعاني في مؤتمره الاثنين أنه "يمكن الانتقال إلى المرحلة المقبلة من المفاوضات إذا تصرفت واشنطن بمسؤولية واتخذت قرارها".

وشكلت مباحثات إحياء الاتفاق النووي أحد محاور اتصال جرى ليل الأحد بين كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسي الوزراء البريطاني بوريس جونسون والألماني أولاف شولتس.

وأفاد البيت الأبيض في بيان بأن الزعماء "بحثوا المفاوضات الجارية بشأن برنامج إيران النووي، والحاجة إلى تعزيز الدعم للشركاء في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المشتركة من أجل ردع واحتواء النشاطات الإيرانية المزعزعة للاستقرار إقليميا".