أردوغان يهلل لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل

تركيا وإسرائيل تعيدان تعيين السفراء بعد جفوة 4 سنوات.
السبت 2022/08/20
المصالح قبل الشعارات

يعكس تهليل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعودة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل أن القضية الفلسطينية ليست سوى ورقة لتحصيل مكاسب سياسية يتخلى عنها بمجرد الحصول على منافع اقتصادية.

إسطنبول - هلل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة خلال مكالمة هاتفية جمعته بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتصوغ بإعادة تعيين سفير لكل منهما في عاصمة الأخرى بعد مرور أكثر من أربع سنوات على استدعاء كل منهما لسفيرها لدى الأخرى، وهو ما يمثل علامة فارقة أخرى بعد شهور من التحسن المطرد في العلاقات.

ونقلت دائرة الإعلام بالرئاسة التركية عن أردوغان قوله “العلاقات ستكتسب زخما جديدا مع تعيين السفراء”، معربا عن أمله في تقدم العلاقات في جميع المجالات.

وأكد أن العلاقات ستكتسب زخما جديدا مع تعيين السفراء، بحسب البيان.

وأعرب الرئيس التركي عن تأييده لتطوير التعاون والحوار بين الجانبين على أساس احترام الطرفين القضايا الحساسة بالنسبة إلى الآخر.

ويجمع خبراء على أن الاتفاق التركي - الإسرائيلي على استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين بعد سنوات من العلاقات المتوترة يهدف إلى تحسين مواقفهما الإقليمية والدولية ومن أجل مصالحهما المشتركة.

أنقرة تأمل الآن في أن تكون لإصلاح العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل تداعيات إيجابية على اقتصادها المتعثر

ومرت العلاقات الإسرائيلية – التركية بسلسلة من الأزمات بداية في عام 2010 عندما قطعت تركيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بعد أن هاجمت القوات الخاصة الإسرائيلية أسطولا تركيا بقيادة سفينة “مافي مرمرة” لكسر الحصار عن قطاع غزة مما أسفر عن مقتل 10 نشطاء أتراك.

وتمت استعادة العلاقات الثنائية في عام 2016 بعد أن وافقت إسرائيل على دفع 20 مليون دولار أميركي لعائلات ضحايا السفينة “مافي مرمرة”.

ومع ذلك، طردت تركيا وإسرائيل كبار دبلوماسيي بعضهما البعض في عام 2018 وسط خلاف حول مقتل 60 فلسطينيا في غزة خلال احتجاجاتهم على افتتاح السفارة الأميركية في القدس.

ومن ثم أدان أردوغان بشدة سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ورغم أن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين لم تتغير، يرى مراقبون أن الورقة الفلسطينية لم تعد ذات جدوى بالنسبة إلى أردوغان الذي يبحث عن فك عزلته الإقليمية وتراجع بلاده الاقتصادي عبر الانفتاح على دول المنطقة مثل مصر والإمارات والسعودية.

ويشير هؤلاء إلى أن الرئيس التركي يوظف الورقة الفلسطينية لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، إلا أن الوضع الاقتصادي المتعثر في تركيا منذ سنوات دفع أردوغان إلى انتهاج سياسة تصفير المشاكل.

ولا يستبعد مراقبون عودة أردوغان إلى “المتاجرة” بالقضية الفلسطينية عقب تصويب العلاقات مع تل أبيب وأن ذلك مفهوم في الاستهلاك الداخلي لا غير.

وفي علامة رئيسية على تحسن العلاقات الثنائية، توجه الرئيس الإسرائيلي هرتصوغ إلى تركيا في مارس الماضي في أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى منذ عام 2008.

وأشاد هرتصوغ بإعلان تبادل السفراء بين البلدين، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي إلى تعزيز الشراكة وحسن الجوار وتنمية الاقتصاد والسياحة والعلاقات الودية.

وكان أردوغان قد أشار إلى استعداده لتخفيف التوترات مع إسرائيل بعد أن أدى نفتالي بينيت اليمين الدستورية كرئيس لوزراء إسرائيل في يونيو 2021 ليحل محل بنيامين نتنياهو أطول زعماء إسرائيل خدمة.

ويواجه الزعيم التركي إطارا زمنيا قصيرا للاستعادة الكاملة للعلاقات مع إسرائيل قبل إجراء الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الجديدة في الأول من نوفمبرالمقبل، حيث توقعت استطلاعات الرأي الأخيرة عودة نتنياهو إلى السلطة.

الدبلوماسية التركية تعبد الطريق مع إسرائيل
الدبلوماسية التركية تعبد الطريق مع إسرائيل

وجاءت الخطوة الأخيرة في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لبناء تحالفات أوثق مع القوى الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وهو اتجاه عززته اتفاقيات أبراهام، وهي سلسلة من اتفاقيات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.

وقال خين كيرتشر المحاضر في حل النزاعات في جامعة أرئيل في إسرائيل إن لإسرائيل مصلحة واضحة في استعادة علاقاتها الدبلوماسية بشكل كامل مع تركيا، التي كانت أقرب حليف لها في العالم الإسلامي وشريكا تجاريا مهما.

وأضاف كيرتشر “ما نراه هنا هو حساب دقيق للمنافع المشتركة، ليس نتيجة رؤية أيديولوجية مشتركة ولكن نتيجة ضرورة ملحة لكلا البلدين”. وقال إن إسرائيل وتركيا تشعران بأنه يجب عليهما التعاون.

وبالنسبة إلى تركيا، فإن استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل هي جزء من تحرك أوسع نحو إعادة العلاقات مع دول في الشرق الأوسط، حسبما قالت جاليا ليندنشتراوس زميلة أبحاث أولى في معهد دراسات الأمن القومي ومتخصصة في السياسة الخارجية التركية المعاصرة.

وقالت ليندنشتراوس إن تركيا تبنت “سياسة خارجية حازمة للغاية، وحتى استفزازية” على مدى السنوات الماضية، مما تسبب في استياء الدول المجاورة لها.

وأضافت “إن أنقرة تأمل الآن في أن تكون لإصلاح العلاقات مع إسرائيل تداعيات إيجابية على علاقاتها مع واشنطن”، موضحة أنه علاوة على ذلك فإن تركيا تأثرت بأزمة اقتصادية وهي في حاجة ماسة للاستثمارات الأجنبية.

وتابعت “بهذا المعنى، يمكن أن يكون إظهار الاعتدال في الساحة الدبلوماسية أفضل لجذب المستثمرين للعودة إلى تركيا”.

5