البحرين تستبق حملة ضغوط منتظرة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية

المنامة تفرض قيودا على لقاءات الجمعيات السياسية بأي جهات أجنبية.
السبت 2022/08/20
المعارضة البحرينية تستثمر في موسم الانتخابات

أصدرت وزارة العدل والشؤون الإسلامية البحرينية تعميما على الجمعيات السياسية يحظر عليها عقد لقاءات مع أي جهات أجنبية من دون ممثل عن الحكومة، فيما يبدو أن الهدف من ذلك قطع الطريق على استثمار الجمعيات المعارضة للاستحقاقات الانتخابية المنتظرة، لتسليط الضوء على القيود المفروضة عليها.

المنامة - تقول أوساط سياسية بحرينية إن التوجيهات الصادرة عن الحكومة للجمعيات السياسية بشأن ضرورة التنسيق مع وزارة الخارجية، قبل أي اتصال تجريه مع المنظمات الأجنبية أو البعثات الدبلوماسية، أو أي جهة خارجية كانت، تعبر عن خشية من إثارة حملة انتقادات ضد المملكة قبيل الانتخابات العامة.

وترى هذه الأوساط أن مثل هذه التوجيهات تعكس المناخ السياسي السائد في المملكة منذ سنوات، وتنسف التفاؤل النسبي الذي ساد خلال الفترة الماضية بشأن وجود نفس يميل للانفتاح على المعارضة الوطنية.

وتعتبر الأوساط أن التوجيهات الجديدة من شأنها أن تعزز الصورة السلبية عن الأوضاع العامة داخل المملكة، وتمنح المعارضة على تلويناتها المختلفة، مبررا للاستمرار في مهاجمة الحكومة، واتهامها بالتضييق على الحريات السياسية، وهو أمر لطالما فندته القيادة البحرينية.

وتستعد البحرين لإجراء انتخابات تشريعية وبلدية خلال الأشهر القليلة المقبلة، عقب صدور مرسوم ملكي يقضي بتحديد موعد الانتخاب والترشح لعضوية مجلس النواب والمجالس البلدية في أربعين دائرة انتخابية على مستوى المملكة.

وتتعرض البحرين مع كل استحقاق انتخابي لحملة ضغوط، لاسيما من الحلفاء الغربيين، تطالبها بتخفيف القيود السياسية، التي فرضت تباعا منذ العام 2016، وأدت إلى عزوف الجمعيات السياسية عن المشاركة في الانتخابات، مفسحة بذلك المجال لسيطرة المتسلقين والموالين للحكومة على البرلمان وعلى المجالس المحلية.

◙ وزارة العدل تحظر على الجمعيات السياسية لقاء أي جهات أجنبية من دون حضور ممثّل عن وزارة الخارجية

وأصدر مكتب شؤون الجمعيات السياسية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، تعميما للجمعيات السياسية يقضي بالتنسيق مع وزارة الخارجية قبل أي اتصـال بين تلك الجمعيات وبين جهات أجنبية.

وأكّدت الوزارة ضرورة عدم الاتصال بأي جهات كانت دون علم الخارجية، سواء أكانت تلك الجهات بعثات تمثيل دبلوماسي أو قنصلي أجنبية لدى المملكة أو المنظمات والمؤسسات الحكومية الأجنبية أو ممثلي الحكومات الأجنبية وغيرها. وشددت على أن أي اتصال للجمعيات السياسية مع جهات أجنبية يجب أن يكون بحضور ممثّل عن وزارة الخارجية.

وأشار التعميم إلى ضرورة إخطار وزارة العدل والشؤون الإسلامية بأي اجتماع بين ممثلين عن جمعيات سياسية وتنظيمات خارجية، لافت إلى أن إخطار الوزارة يأتي بهدف التنسيق مع وزارة الخارجية، وذلك قبل ميعاد الاتصال بثلاثة أيام عمل على الأقل.

وقالت وزارة العدل إن هذه الخطوة جاءت بمناسبة اقتراب موعد انتخابات الفصـل التشريعي السادس في مملكة البحرين، وحرصا على التطبيق الأمثل لمقاصد ميثاق العمل الوطني ومبادئ دستور المملكة والقواعد القانونية ذات الصلة.

واتخذت البحرين بعد الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها في ما يعرف بـ"ثورات الربيع العربي"، والتي اتهمت إيران بتأجيجها عبر قوى وجمعيات سياسية موالية لها، سلسلة من الخطوات ضيقت بشكل كبير هامش الحرية السياسية في المملكة.

وأثّر حل الجمعيات السياسية الكبرى في البلاد في العام 2016 وما استتبعه من قوانين مثل قانون العزل السياسي، بشكل كبير على المشهد العام في البحرين، ودفع المعارضة بمختلف أطيافها وتلوناتها السياسية والفكرية إلى مقاطعة الاستحقاقات الانتخابية.

وينص قانون العزل السياسي الذي صدر قبيل الانتخابات الماضية (2018)، على منع قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية المعارضة والنشطاء الصادرة بحقهم أحكام قضائية (حتى أولئك المشمولين بالعفو) من المشاركة في الحياة السياسية، بما في ذلك الترشح لمجلس النواب.

ويرى مراقبون أن التعميم الذي وجهته وزارة العدل للجمعيات السياسية، يأتي استباقا منها للقاءات قد تجريها بعض قيادات الجمعيات السياسية مع سفراء أجانب ومنظمات حقوقية دولية سبق وأن انتقدت المملكة مرارا.

◙ رفض الجمعيات السياسية المشاركة في الانتخابات فتح الباب لنوعية معينة من المرشحين تأمل في الحصول على مزايا ذاتية

ويشير المراقبون إلى أن ممثلي الجمعيات عادة ما يتخذون الاستحقاقات الانتخابية مناسبة لتسليط الضوء على القيود التي يواجهونها داخل المملكة، وأن تحرك وزارة العدل يصب في إطار قطع الطريق على هذه المساعي.

وكان لقاء عقده ممثلون عن جمعيات سياسية في فبراير الماضي مع السفير الأميركي لدى المنامة ستيفن كريغ بوندي، أثار استفزاز الحكومة التي سارعت عبر وزارة الخارجية إلى استدعاء السفير، وأبلغته "تحفظ المملكة على اللقاء بما يحمله من دلالات لا تتفق مع القوانين والأعراف الدولية في هذا الشأن".

وهاجم وزير الداخلية البحريني راشد عبدالله الخليفة، حينها، ممثلي الجمعيات الذين التقوا السفير الأميركي، قائلا “إن قيام هؤلاء بالتواصل وبحث الشؤون الداخلية البحرينية مع جهة خارجية وإثارتهم مغالطات وشكاوى فئوية، يمثّل وجهات نظرهم الشخصية، ولا يعكس الإجماع الوطني، فضلا عن كونه إضرارا بمتطلبات السلم الأهلي، ويتيح الفرصة لأطراف خارجية للتدخل في الشؤون الداخلية للمملكة".

وأشار إلى أنّه كان "أحرى بهؤلاء الالتزام بما تتطلّبه الإجراءات القانونية التي تنظم عمل تلك الجمعيات، والتفاخر بما تمّ إنجازه على امتداد تاريخ البحرين الحديث والمعاصر، في مختلف المجالات التنموية والمعيشية وعلى مختلف المسارات".

وتعيش البحرين هذه الفترة أجواء الاستعداد للانتخابات العامة، مع فتح باب الترشح للاستحقاقين التشريعي والبلدي، وقد سجل ارتفاع لافت في عدد المرشحين، لكن المراقبين لا يرون أن ذلك يعكس بالضرورة "ظاهرة صحية".

ويلفت المراقبون إلى أن رفض الجمعيات السياسية المشاركة في الانتخابات فتح المجال أمام نوعية معينة من المرشحين التي تصبوا للجاهة، وللتقرب أكثر من الحكومة، للحصول على مزايا ذاتية، مشيرين إلى تقدم العديد من رجال الأعمال وأعضاء في الغرف الاقتصادية للمشاركة في الانتخابات.

ويقول المراقبون إن في ضوء المشهد القائم، وفي ظل الحصيلة الهزيلة لمجلس النواب الحالي، من غير المنتظر حدوث إقبال كبير من البحرينيين على التصويت في الاستحقاقين.

3