تحرك دولي لتأمين شحنات الحبوب وتهميش لمسار وقف الحرب في أوكرانيا

رغم مُضيّ مدة نصف سنة على بداية الحرب الروسية - الأوكرانية لا تبدو الضغوط الدولية لوقفها ضغوطا جدية، في الوقت الذي تتركز فيه أغلب الجهود على تأمين النجاح الضروري لاتفاق تصدير الحبوب، وكأن ما يهم المجتمع الدولي هو ما تنتجه أوكرانيا وليس أوكرانيا ذاتها.
كييف - أثار اللقاء الثلاثي الذي جمع الخميس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في لفيف بغرب أوكرانيا بعد نحو ستة أشهر من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا تساؤلات حول تحركات المجتمع الدولي لوقف الحرب، في الوقت الذي يقوم فيه هذا المجتمع بكل ما يلزم لتسهيل عبور شحنات القمح الأوكرانية والروسية ودخول الأسواق العالمية.
يأتي هذا بالتزامن مع تصعيد عسكري بين أوكرانيا وروسيا ومخاوف من حدوث كارثة إذا استهدفت روسيا محطة زابوريجيا النووية.
الأمم المتحدة لا تُدرج وقف الحرب ضمن أولوياتها، وهذا بالتأكيد جزء من أجندة الدول المؤثرة فيها، وخاصة واشنطن
وقال مراقبون إن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بصحبة أردوغان الذي توسط في اتفاق تصدير الحبوب تظهر أن الأمم المتحدة لا تدرج وقف الحرب ضمن أولوياتها، وهذا بالتأكيد جزء من أجندة الدول المؤثرة فيها، وخاصة الولايات المتحدة التي تريد جر روسيا إلى حرب استنزاف.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن القادة الثلاثة ناقشوا الاتفاق الأخير بشأن تصدير الحبوب الأوكرانية وكذلك “الحاجة إلى حل سياسي لهذا النزاع”.
وفي بيانه المسائي الاعتيادي قال زيلينسكي الأربعاء إن غوتيريش “وصل إلى أوكرانيا وسنعمل معًا على تحقيق النتائج الضرورية لأوكرانيا”.
وتقول الأمم المتحدة إنه بين 01 و15 أغسطس سمح لـ21 ناقلة حبوب بالإبحار. وكانت محملة بـ563 ألفا و317 طنا من المواد الخام الزراعية بما في ذلك 451 ألفا و481 طنا من الذرة.
وبفضل الاتفاق الإطاري الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة تمكنت أوكرانيا في أوائل أغسطس من استئناف الصادرات من موانئها على البحر الأسود، والتي كانت متوقفة منذ خمسة أشهر بسبب الغزو الروسي.
وقالت هيئة الموانئ البحرية إن 24 سفينة تحمل مواد غذائية غادرت الموانئ الأوكرانية حتى الآن خلال 17 يوما بعد تشغيل ممر الحبوب في إطار مبادرة النقل الآمن للحبوب والمواد الغذائية.
وأوكرانيا وروسيا من بين أكبر مصدري الحبوب في العالم. وقد شهدت أسعار الحبوب ارتفاعا كبيرا منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير الماضي.
وقال برنامج الغذاء العالمي إن 345 مليون شخص في 82 دولة يواجهون تراجعا حادا للأمن الغذائي بينما هناك ما قد يصل إلى 50 مليون شخص في 45 دولة معرضون لخطر المجاعة دون مساعدات إنسانية.
واعتادت أوكرانيا على تصدير ما يتراوح بين خمسة وستة ملايين طن من المنتجات الزراعية شهريا عبر البحر قبل الغزو الروسي الذي أغلق الموانئ الأوكرانية.
وقالت كييف إنها تأمل في زيادة الحجم الشهري للصادرات البحرية إلى ثلاثة ملايين طن في المستقبل القريب من أجل التخلص من 18 مليون طن من الحبوب المتبقية من حصاد العام الماضي والشروع في بيع المحاصيل الجديدة.
لكن روسيا تتخوف من أن الضغوط الدولية الهادفة إلى تصدير القمح الأوكراني لا تضمن ذهاب الإمدادات إلى المحتاجين.
وأشار ميخائيل أوليانوف مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا إلى أن السفن التي تنقل الحبوب من موانئ البحر الأسود الخاضعة لسيطرة أوكرانيا تتجه إلى دول ليست معرضة لخطر المجاعة.
وكتب أوليانوف رسالة عبر تلغرام، نقلتها الأربعاء وكالة تاس الروسية، جاء فيها “من أصل 21 سفينة محملة بالحبوب غادرت الموانئ الأوكرانية مؤخرا، لم تتجه إلا واحدة فقط إلى أفريقيا (أثيوبيا). وذهبت البقية إلى بلدان ليست مهددة بخطر المجاعة”.
وتساءل أوليانوف “كيف يتوافق هذا مع الخطاب الدعائي الذي تم الترويج له قبل التوصل إلى اتفاقية المرور الآمن للسفن؟” في إشارة إلى تحذيرات أممية وغربية كثيرة من أن غياب الحبوب الأوكرانية عن السوق العالمية ينذر بمجاعة، لاسيما في الشرق الأوسط وأفريقيا، علما بأن 40 في المئة من صادرات القمح والذرة الأوكرانية كانت تذهب إلى تلك المناطق.
وميدانيا تتواصل المعارك وتسبب سقوط ضحايا مدنيين جدد، كما حدث في خاركيف ثانية المدن الأوكرانية، حيث أفادت السلطات بأن صاروخًا أصاب مبنى سكنيا من ثلاثة طوابق الأربعاء خلال قصف روسي أدى إلى نشوب “حريق كبير”.
وما زال الوضع متوترا حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية، وهي الأكبر في أوروبا واحتلها الجيش الروسي منذ بداية مارس وتُستهدف بعمليات قصف متكررة. وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات بعلميات القصف هذه.
وسقطت قذائف مرة بالقرب من مبنى تخزين مشع، ومرة أخرى تسببت في توقف المفاعل تلقائيا.
وأقرّ وزير الداخلية الأوكراني ينيس موناستيرسكي، خلال زيارة إلى مدينة زابوريجيا التي تبعد نحو 50 كيلومترا عن المفاعل، الأربعاء بأن أوكرانيا يجب أن تستعد لـ”كل السيناريوهات المحتملة”.
واتهم روسيا بأنها “دولة إرهابية”، مضيفا “طالما أن روسيا تسيطر على محطة الطاقة النووية في زابوريجيا ، فستظل هناك مخاطر جسيمة”.
من جهته صرح الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ الأربعاء بأن إجراء “تفتيش” للمحطة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمر “ملح”.
وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي في بلجيكا إن احتلال الموقع من قبل الجنود الروس “يشكل تهديدا خطيرا لأمنه ويزيد من مخاطر وقوع حادث أو حادث نووي”.
وأضاف “من الضروري السماح بعملية تفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتوصل إلى انسحاب كل القوات الروسية”.
وتتبادل موسكو وكييف الاتهامات بشأن عمليات القصف التي طالت أكبر محطة نووية في أوروبا تقع تحت سيطرة الجيش الروسي منذ مارس الماضي، ما أثار مخاوف من وقوع كارثة كبرى في أوروبا.
وتؤكد روسيا أن كييف استهدفت بشكل متكرر -وخاصة عبر الهجمات (بما في ذلك الهجمات التي تستخدم فيها المسيّرات)، المحطة النووية مما تسبب في نشوب حرائق.