تغيير منتظر في محافظي مصر على شاكلة التعديل الوزاري

الرهان على الوجوه الشبابية أثبت عدم رجاحته أمام جسامة التحديات.
الجمعة 2022/08/19
واقع صعب تعيشه معظم محافظات مصر

تشهد مصر حركة تغييرات واسعة، ستطال في الأيام المقبلة المحافظين الذين لم يفلحوا في التعاطي مع أوجه القصور في المحافظات، ويتوقع أن يتم استبدال عدد من الوجوه الشبابية التي وجدت نفسها عاجزة عن التعاطي مع ضخامة المسؤولية الموكولة إليها.

القاهرة – ينتظر المصريون تغييرا في محافظي الأقاليم (المحافظات) البالغ عددها 27 محافظة خلال الأيام القليلة المقبلة على الطريقة ذاتها التي جاء بها تغيير تركيبة الحكومة السبت الماضي وشمل ثلاث عشرة  حقيبة حوت غالبيتها وزراء أثاروا جدلا أو فشلا، وبدا التغيير كأنه وسيلة لامتصاص غضب الرأي العام حيال أداء الحكومة.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن “تغيير المحافظين لن يشمل كل المحافظات، ولن يضم وجوها شبابية جديدة من خريجي أكاديمية الشباب والبرنامج الرئاسي التابعين لرئاسة الجمهورية، والهدف من التغيير المتوقع تقديم وجوه تملك خبرة وقادرة على التعامل مع مشاكل المحافظات الثقيلة، ومعظمها تتعلق بتردي الخدمات”.

وأضافت المصادر ذاتها أن “الاتجاه العام لا يميل إلى التضحية بوجوه شبابية لم تنضج بعد من خلال وضعها في منصب المحافظ الذي يتطلب من صاحبه قدرة فائقة على التعامل مع التحديات، وأي إخفاق يمكن أن يواجهه هؤلاء تتحمل وزره الجهات التي رشحتهم والتي لا تزال تدرس تقييم تجارب الشباب في تولي منصب نائب المحافظ، فبعضها حقق نجاحا والبعض الآخر لم يوفق في القيام بالمهام التي أسندت إليه”.

ويوجه التغيير على هذا المنوال ضربة معنوية للهيئات التي شجعت عملية تقديم شباب، وراهنت كثيرا على نجاحهم في التعامل مع المستجدات وفي أن يصبحوا ركيزة جديدة للنظام الحاكم من خارج الصندوق الذي يحكم عملية التغيير، وهي تعتقد أن تأهيلهم من ناحية الولاء السياسي أداة رئيسية يخولها الاعتماد عليهم.

محمد سامي: التقييم في حالة المحافظين ينصب على الأداء العام

وأخفقت حركة المحافظين الماضية عام 2019، والتي ضمت شبابا تولوا منصب نائب المحافظ لأول مرة، في أن تفرز شخصيات جديرة بتصعيدها حيث تحفل الأجهزة المحلية القابعة في المحافظات بجماعات ضغط يحتاج التعامل معها إلى حنكة وخبرة كبيرتين وإيجاد حلول مرنة للمشاكل المتراكمة.

وتعد البيروقراطية الوظيفية في المحافظات المصرية من العوامل التي يمكنها أن تعوق أي مسؤول عن تحقيق تقدم في الملفات التي يديرها، سواء أكان كبيرا أم صغيرا، ولا يتوقف الأمر على عمق الخبرة، بل على مدى قدرة الشخص على اقتحام عش الدبابير في كل محافظة ووحدة محلية تراكمت على مدار سنوات طويلة.

وضاعف تجميد انتخابات المحليات في مصر المسؤوليات الواقعة على عاتق الجهات التنفيذية، ما وضعها في مواجهة مباشرة مع المواطنين دون حلقة وسطى، وهو عبء آخر يقلل فرص تصدير الوجوه الشبابية في حركة تغيير المحافظين.

وأشارت صحيفة “الشروق” المصرية نقلا عن مصدر حكومي إلى أن الحركة تشمل تغيير 16 محافظًا، وسيتم نقل البعض إلى محافظات أخرى والإبقاء على عدد محدود من الحاليين في مناصبهم.

ومن أبرز المغادرين محافظو منطقة القاهرة الكبرى التي تشمل محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، فضلا عن الغربية والشرقية والمنيا، وتعيين محافظ جديد للبحيرة بدلا من محافظها هشام آمنة الذي تم تعيينه وزيرًا للتنمية المحلية أخيرا.

وأشار اختيار آمنة وزيرا للتنمية المحلية قبل أيام، وعدم تعيين محافظ بدلا منه، إلى أن التغيير اقترب، ما يؤكد أن النظام المصري يسير بطريقة متدرجة، بدأت بالوزراء ثم سيأتي الدور على المحافظين، ومن غير المستبعد أن يشمل التغيير هياكل أخرى في مقدمتها المؤسسات الإعلامية.  

ولم يتضمن التغيير الوزاري الأخير أيا من الوجوه الشبابية التي قيل إن أجهزة الدولة تقوم بإعدادها لتتولى مناصب رفيعة، سوى وزير التجارة والصناعة أحمد سمير، وهو عضو في مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب التي تعد الرافد السياسي للكثير من الشباب الذين يتم إعدادهم لتولي مهام مختلفة في دولاب الدولة المصرية.

الحكومة تحتاج إلى امتصاص سريع لغضب مكبوت لدى شريحة من المواطنين نتيجة تصاعد حدة الأزمات الاقتصادية

وكانت هذه إشارة تحمل معنى مزدوجا؛ فهي دليل على أن الدفعة الجديدة من الشباب لم تنضج بعد لتضطلع بدور الوزير وجرى تفضيل الاعتماد على طبقة التكنوقراط التقليدية التي أصبحت المعين الرئيسي الذي تختار منه الحكومة المسؤولين، ودليل على تعاظم الأزمات بما لا يستطيع الشباب تحمل تبعاتها الشعبية.

وأكد الرئيس الشرفي لحزب تيار الكرامة (معارض) محمد سامي أن تغيير المناصب التنفيذية في هذه المرحلة يتطلب الاعتماد على أشخاص يملكون قدرة كبيرة على تنفيذ السياسات العامة بمستويات جودة عالية للتعامل مع الأزمات، لذلك ينصب البحث على أشخاص تتوافر لهم إمكانيات جيدة دون التفات إلى أعمارهم.

وأوضح في تصريحات لـ”العرب” أن “دوائر السلطة الحاكمة في مصر لديها رؤية الآن بعيدة عن فكرة الرفاهية والتجريب واختيار أشخاص يفتقرون إلى الخبرات في العمل التنفيذي، والتقييم في حالة المحافظين ينصب على الأداء العام وانعكاساته على أوضاع المحافظات التي يتولون إدارتها، وتحديد البدائل يتوقف على شرط القدرات التنفيذية”.

وتحتاج الحكومة إلى امتصاص سريع لغضب مكبوت لدى شريحة من المواطنين نتيجة تصاعد حدة الأزمات الاقتصادية، كما أن ضيق دائرة الخيارات المتاحة أمامها يفرض عليها الإحجام عن القيام بتغيير من خارج المنظومة الحالية التي ألفها الناس خوفا مما تحمله من انعكاسات سلبية قد تؤدي إلى قلب الطاولة على أصحابها.

وستكون حركة المحافظين الجديدة مؤشرا على المنهج الذي ستسير عليه الحكومة في الفترة المقبلة، من حيث عدد من يشملهم التغيير، ومن سيتم نقلهم من أماكنهم إلى محافظات أخرى، وعدد الشخصيات العسكرية والمستشارين الذين سيدخلون أو يغادرون.       

2