مؤامرة اغتيال بولتون علامة على زيادة الجسارة الإيرانية

تأكيدات الرئيس الأميركي المتكررة عن رغبته في إحياء الاتفاق النووي وتهاون إدارته في تطبيق العقوبات قوبلت بسوء نية من إيران.
الأحد 2022/08/14
استهداف بولتن يفضح الشر الإيراني

واشنطن- كشفت الولايات المتحدة مؤخرا أن مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون كان هدفا لمخطط اغتيال إيراني أعده أحد أفراد الحرس الثوري الإيراني، بهدف الثأر لمقتل الجنرال قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري.

ويرى الكاتب الأميركي بوبي جوش في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أن النظام الإيراني له تاريخ طويل ومشين من مؤامرات اغتيال معارضيه ومنتقديه بالخارج، ولكن التخطيط لاغتيال مستشار سابق للأمن القومي يكشف عن زيادة بالغة في مستوى الجسارة.

ويقول جوش إن الكشف عن محاولة لاغتيال بولتون على الأراضي الأميركية يجب أن يكون تذكرة قوية للرئيس جو بايدن بما تتسم به طهران من شر، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأميركي للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران “من شأنه أن يثري ويشجع هؤلاء الذين يقفون وراء المؤامرة”.

وأعلنت وزارة العدل الأميركية أن عضو الحرس الثوري الإيراني شهرام بورصافي، الذي يقيم في طهران عرض 300 ألف دولار على “أفراد في الولايات المتحدة لتنفيذ الجريمة في واشنطن، أو ميريلاند”. ويُعتقد بقوة أن الخطة كانت تهدف إلى الانتقام للجنرال سليماني الذي قتل في هجوم نفذته مسيرة أميركية في عام 2020. وكانت واشنطن تصنف سليماني “إرهابيا”، كما فرض عليه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عقوبات شخصية.

وشرع بورصافي في البحث عن شخص ينفذ عملية الاغتيال في الخريف الماضي، رغم أن الرئيس بايدن كان يؤكد تعهده بإحياء الاتفاق النووي (خطة العمل المشتركة الشاملة) الذي وقعته إيران والقوى الغربية صيف عام 2015.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاق منتصف عام 2018، وقال إنه ليس كافيا لمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية، ثم أعاد فرض عقوبات اقتصادية على إيران.

ووضع الرئيس بايدن عودة بلاده إلى الاتفاق النووي ضمن أولويات سياسته الخارجية. وبعد عدة جولات من المفاوضات في فيينا، تقوم الولايات المتحدة وإيران حاليا بالنظر في ما يطلق عليه الوسطاء الأوروبيون “النص النهائي” لاتفاق جديد من شأنه إحياء الاتفاق الأصلي. وحال توصلَ الطرفان إلى اتفاق، سيتم رفع العقوبات، وإعطاء طهران فرصة للحصول على مئات المليارات من الدولارات قيمة الأصول المجمدة وعائدات النفط.

بوبي جوش: النظام الإيراني له تاريخ طويل ومشين من مؤامرات اغتيال معارضيه ومنتقديه بالخارج

وعلى نسق الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الذي توصل إلى الاتفاق النووي في 2015، يبدو أن بايدن يرى أنه إذا ما سمح لزعماء إيران بكسب أموال، فمن شأن ذلك أن يخفف من حدة عدوانيتهم ضد جيرانهم العرب، والولايات المتحدة أيضا، بالإضافة إلى تعزيز التجارة وتراجع الإرهاب.

ويرى جوش أنه من المرجح أن يحدث العكس، حيث يقول إنه في السنوات التي أعقبت تطبيق “خطة العمل المشتركة الشاملة” عززت إيران دعمها المادي لشبكة من الميليشيات والجماعات الإرهابية التي تستخدمها لتهديد الشرق الأوسط والتجارة الدولية.

ويرى أن تأكيدات بايدن المتكررة عن رغبته الصادقة في إحياء الاتفاق النووي، وتهاون إدارته في تطبيق العقوبات التي فرضها ترامب، قوبلت بسوء نية من إيران.

ويؤكد جوش أن سلوكيات إيران صارت أكثر عدوانية، في الوقت الذي كانت تحصل فيه على مليارات من الدولارات من صادرات النفط التي تمت بالمخالفة للعقوبات.

وقامت إيران بتسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم، كما صعدت من عمليات احتجاز الرهائن من خلال استهداف أشخاص يحملون جوازات سفر غربية بصفة خاصة.

كما زاد طموح إيران في تنفيذ عمليات اغتيال دولية، معظمها موجه إلى سائحين ودبلوماسيين إسرائيليين، في ما يبدو ثأرا لاغتيال إسرائيل لأعضاء بارزين في الحرس الثوري الإيراني على صلة ببرنامج طهران النووي. واعتقلت تركيا في شهر يونيو الماضي عدة أشخاص كلفوا بتنفيذ عملية اغتيال سائحين إسرائيليين في مدينة إسطنبول التركية.

وذكر جوش أنه قبل شهرين أحبطت الاستخبارات الإسرائيلية مؤامرة أعدها الحرس الثوري الإيراني لاغتيال دبلوماسي إسرائيلي في تركيا، وجنرال أميركي في ألمانيا، وصحافي فرنسي.

◙ وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس تؤكد أنها ستدفع أموال مقابل حماية وزير الخارجية السابق مايك بومبيو

كما أن إيران صارت أكثر جرأة في التخطيط لهجمات على الأراضي الأميركية. وفي شهر يوليو الماضي، تم إلقاء القبض على رجل يحمل بندقية كلاشنيكوف محشوة بالذخيرة خارج منزل الصحافية معصومة مسيح علي نجاد، المنتقدة البارزة للنظام الإيراني، والذي يقع في بروكلين بمدينة نيويورك.

وحدث ذلك بعد حوالي عام على اتهام محكمة اتحادية أميركية في مانهاتن أربعة عملاء إيرانيين بالتخطيط لاختطاف علي نجاد.

ويشير سعي إيران لاستهداف مستشار الأمن القومي الأميركي إلى أن تهور النظام الإيراني لا حدود له. وربما لم يكن بولتون هو الهدف الأساسي للحرس الثوري الإيراني. ووفقا لوزارة العدل الأميركية، أعلن بورصافي أنه سيدفع مليون دولار مقابل ضربة أخرى، يعتقد أنها ستكون هدفا أعلى مكانة.

وأخطرت وزارة الخارجية الأميركية الكونغرس مؤخرا بأنها تدفع أموالا مقابل حماية وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، والمبعوث الأميركي السابق الخاص بإيران بريان هوك، حيث يواجه الاثنان تهديدات “خطيرة وموثوقة” من طهران.

ويقول جوش في ختام تحليله إن “من قبيل المفارقة، بوجه خاص، أن أحد مطالب إيران التي عطلت مفاوضات إحياء الاتفاق النووي هو أن يشطب بايدن الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب الخاصة بوزارة الخارجية الأميركية. ورفض بايدن، في تصرف حكيم، تقديم هذا التنازل. ولكن يتعين عليه الآن أن يسأل نفسه: هل يمكن الوثوق بنظام أرعن في أي اتفاق على الإطلاق؟”.

5