أي إنجازات سيذكرها اللبنانيون بعد رحيل ميشال عون

مع اقتراب انتهاء العهدة الدستورية للرئيس اللبناني ميشال عون يخيم الإحباط على أنصار حزبه وقيادته (التيار الوطني الحر)، إذ لا إنجازات تذكر للدفع بمرشحهم جبران باسيل لخلافة عون.
بيروت- تشارف ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون على النهاية دون إنجازات تذكر، بل يستعد عون للمغادرة تاركا البلاد في أسوء أزمة اقتصادية واجتماعية منذ عقود، فيما خسر حزبه (التيار الوطني الحر) شعبيته وثقله البرلماني نتيجة الإخفاقات في إدارة الوزارات الموكلة إليه خاصة وزارة الطاقة الموكل إليها ملف الكهرباء.
وقال النائب سليم عون في تصريحات لوسائل إعلام محلية “يتحدّثون عن تراجع كبير للتيار الوطني الحر والكتلة تراجعت من 24 إلى 21 نائباً فقط، ولولا الخطأ الذي حصل في جزين ونتحمل مسؤوليته لكانت الكتلة بقيت كما هي”.
وأوضح عون “إنكم (اللبنانيون) ستبكون دما عندما يغادر رئيس الجمهورية ميشال عون قصر بعبدا”، معتبراً أنه “منذ بداية العهد كانت هناك خطط لضربه، فبعد سنة من ولايته تم خطف رئيس الحكومة، وكان الهدف حصول فتنة داخلية”.
ولفت إلى أن “الجرة مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي انكسرت منذ مدة ولكن ظهرت اليوم، وكان بإمكانه تشكيل الحكومة، فهناك 4 أشهر بين التكليف وانتهاء العهد، وكان بإمكاننا إجراء إصلاحات، فهذا الوقت يذهب من عمر البلد وليس من عمر العهد”. وتساءل “كيف فشلنا في وزارة الطاقة؟ فالكهرباء مسؤولية الحكومة”.

◙ إلياس بوصعب يأمل ألا ينتهي عهد الرئيس ميشال عون قبل إنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية
وقالت أوساط لبنانية إن تصريحات النائب عون تكشف عن حجم الإحباط الذي يمر به الرئيس اللبناني ودوائره الحزبية وهو ما يدفعهم إلى إلقاء فشلهم على الخصوم السياسيين، في تبريرات لم تعد تجد آذانا صاغية لدى الشارع اللبناني المتحفز.
ويشير هؤلاء إلى أن تحميل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مسؤولية تعطل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة مخالف للحقيقة، إذ أن فيتو الرئيس عون يقف وراء ذلك.
وقال عون مؤخرا إن فرص تشكيل الحكومة الجديدة ضئيلة نتيجة الخلافات حول تركيبتها وتوزيع الحقائب الوزارية داخلها، كما أنه بشر اللبنانيين بالفراغ الرئاسي، قائلا “أمل ألّا يكون مصير الانتخابات الرئاسية كمصير تشكيل الحكومة المتعثر”.
وتنتهي ولاية الرئيس عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم. وكان عون قد انتخب رئيسا للبنان لينهي بذلك ثمانية عشر شهرا من الفراغ في قصر بعبدا.
ويراهن العهد على حسم ملفي ترسيم الحدود وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل انتهاء الولاية الدستورية في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم.
ومؤخرا بدا الرئيس اللبناني مستعجلا في سعيه لحلحلة خلافات ترسيم الحدود البحرية، وقدّم عرضا وصفته مصادر سياسية بالتنازل الذي يسهّل عملية استئناف المفاوضات والتعجيل بالتسوية.
وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بوصعب إنه “يأمل ألا ينتهي عهد الرئيس ميشال عون قبل إنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية”، مؤكدًا أنه “في اليوم الذي تنطلق فيه المفاوضات مجدداً فهذا يعني أن الاتفاق بات قريبا”.
ونقل الوسيط الأميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين خلال لقائه بالمسؤولين الإسرائيليين عرضا لبنانيا لحل الخلاف مع إسرائيل بشأن موارد الغاز البحري وصفته مصادر مطلعة بأنه حل وسط، فيما تلقى لبنان الرد الإسرائيلي الذي قالت أوساط إسرائيلية أنه “تنازل” للبنان.
ولم يتضمن العرض اللبناني أي مطالبة بالخط 29 الذي يشمل حقل كاريش المتنازع عليه، حيث طلب بدلا من ذلك الحصول على الخط 23 وحقل قانا في المنطقة المتنازع عليها.

سليم عون: فرص تشكيل الحكومة الجديدة ضئيلة نتيجة الخلافات حول تركيبتها وتوزيع الحقائب الوزارية داخلها
ويستبعد مراقبون أن يتوصل الطرفان الإسرائيلي واللبناني إلى اتفاق تسوية قبل انتهاء العهدة الرئاسية لعون، حيث يمتلك حليفه حزب الله سلطة القرار في السياسات الخارجية اللبنانية.
ولا يزال موقف حزب الله من المقترح الإسرائيلي غير واضح، رغم أن قادة الحزب عبروا عن رفضهم للمقترح الذي قدمته تل أبيب والقاضي بأن يكون حقل قانا بأكمله للبنان مقابل حصول إسرائيل على مساحات قرب حقل كاريش المتنازع عليه.
ويأمل سياسيون لبنانيون أن تساعد الموارد الهيدروكربونية المحتملة قبالة الساحل اللبناني على انتشال البلاد المثقلة بالديون من أعمق أزمة اقتصادية تواجهها.
ومن شأن الاتفاق جلب أرباح للبلدين من مخزونات الغاز الموجودة في المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي سيساعد لبنان على التخلص من أزمته الاقتصادية.
ووفق الاتفاق البحري المحتمل ستحصل شركات طاقة دولية على حقوق البحث واستخراج الغاز الطبيعي، ومن ثمّ يتفق الطرفان على وسيط دولي سيحدد مستوى الأرباح التي ستحصل عليها كل دولة. ومنذ أكثر من عامين يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قيمة العملة المحلية (الليرة) وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، إضافة إلى هبوط حاد في قدرة المواطنين الشرائية.
ويرى الكثير من اللبنانيين أن النخبة التي تحكم البلاد منذ فترة طويلة عاجزة بسبب الفساد والتقاعس عن أداء دورها، ويلقون باللوم عليها في دفع لبنان إلى انهيار مالي واقتصادي تسبب في الزج بثمانية من كل عشرة أشخاص في براثن الفقر.
وفي المقابل، لا يزال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاحات اقتصادية بعيد المنال في ظل تعطل تشكيل حكومة لبنانية جديدة يطالب بها الصندوق عاجلا لبدأ أي مفاوضات مع لبنان.
ولا تزال مشاورات تشكيل الحكومة تراوح مكانها في ظل الخلاف المستمر حول توزيع الوزارات، لاسيما وزارة الطاقة، فيما لا يبدو أن هناك أي بوادر للحل في الأيام المقبلة.
ولفتت مصادر لبنانية إلى أن المشكلة لا تزال عند مطالبة الرئيس عون بإبقاء وزارة الطاقة من حصته وحصة التيار الوطني الحر أو استبدالها بوزارة الداخلية، وهو ما يرفضه ميقاتي الذي منحها لشخصية سنية في التشكيلة التي قدّمها لعون والمؤلفة من 24 وزيرا وأبقى وزارة الداخلية للطائفة السنية.
ويطالب باسيل (صهر عون) بضمانات وتعهدات قبل الإفراج عن الحكومة الجديدة وهو ما يرفضه ميقاتي المتمسك بحكومة إصلاحات.
وأصدر التيار الوطني الحر بزعامة عون الأسبوع الماضي موجة من التصريحات اتهم فيها ميقاتي بتأخير تشكيل الحكومة وحتى بالإثراء غير المشروع من خلال الفساد. ورد مكتب ميقاتي بالقول إن حزب عون بعيد عن الواقع الذي يعيشه لبنان.
العهد يراهن على حسم ملفي ترسيم الحدود وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل انتهاء الولاية الدستورية
ويربط الرئيس عون الإفراج عن الحكومة اللبنانية بضمانات للتيار الوطني الحر استباقا لفراغ رئاسي.
ويقول محللون إن الرئيس اللبناني يسعى لضمان حصة وازنة للتيار في الحكومة الجديدة أو الإبقاء على حكومة تصريف الأعمال التي يتمتع فيها التيار بثقل وزاري. ويعزو هؤلاء ذلك إلى أن عون يفكر منذ الآن في الفراغ الرئاسي أين تعهد فيه مهام إدارة شؤون مؤسسة الرئاسة إلى الحكومة.
وقدم ميقاتي على عجل مسودة لتشكيل الحكومة إلى عون في يونيو وتمسك بها، فيما اقترح الأخير تشكيلا مختلفا.