إيران تنفي تخليها عن رفع الحرس الثوري من لوائح الإرهاب

فيينا – نفى مصدر مطلع في الوفد التفاوضي الإيراني الخميس صحة ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بشأن تخلي إيران عن مطلبها بإزالة "الحرس الثوري" من القائمة الأميركية للإرهاب، وذلك للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
ويأتي هذا النفي فيما يباشر مفاوضون مكلفون بالملف النووي الإيراني لقاءات غير رسمية في فيينا الخميس بعد توقف استمر لأشهر، في محاولة لإحياء الاتفاق النووي ووقف الإجراءات الإيرانية المتخذة في هذا المجال.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن مصدر مطلع في الوفد التفاوضي الإيراني قوله إن "طهران لم تتخل عن مطلب شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية في المفاوضات النووية"، واصفا التقرير الأميركي بأنه "مجرد مزاعم إعلامية".
وأضاف المصدر أن بلاده "أظهرت حسن نيتها في المفاوضات ولديها إرادة جادة للتوصل إلى اتفاق"، مشيرا إلى أن "الكرة الآن في ملعب أميركا وإذا أرادوا الوصول إلى اتفاق مع إيران فعليهم استغلال الفرصة التي منحها لهم أعضاء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) والتصرف بمسؤولية".
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت الأربعاء عن مصادر قولها إن إيران وافقت "في الوقت الحالي على التخلي" عن مطلبها بإزالة الحرس الثوري من القائمة الأميركية للإرهاب، مشيرة إلى أنها "لا تزال تطالب بضمانات أقوى بأنّ واشنطن لن تتخلى عن الاتفاقية مرة أخرى، أو تعيد فرض عقوبات على طهران".
وللمرة الأولى منذ مارس الماضي، تلتقي الأطراف التي لا تزال منضوية في الاتفاق النووي، وهي إيران وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا بمشاركة غير مباشرة للولايات المتحدة، من أجل إحياء اتفاق 2015 الذي من شأنه الحؤول دون امتلاك طهران السلاح الذري.
ورأت إيللي جيرانمايه، المحللة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أن هذه الجولة الجديدة من المفاوضات التي انطلقت في أبريل 2021 "قد تسمح بتصحيح المسار وإعطاء دفع ضروري للوصول إلى خط النهاية".
ووصل السفير الروسي ميخائيل أوليانوف قبل الظهر إلى قصر كوبور، وهو فندق فخم في العاصمة النمساوية تجرى فيه المحادثات برعاية المنسق الأوروبي إنريكي مورا.
وغادره بعد أقل من ساعة، فيما وصله نظيره الصيني وانغ كون.
ولم يعط الاتحاد الأوروبي أي معلومات حول مدة هذه الاجتماعات غير الرسمية، ومن غير المتوقع القيام بأي إعلان صحافي.
وفي طريقه إلى العاصمة النمساوية، كتب كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني في تغريدة الأربعاء "أتوجه إلى فيينا للتقدم في المفاوضات (...) الكرة في ملعب الولايات المتحدة لتبدي نضجا وتتصرف بمسؤولية".
وينزل الموفد الأميركي روبرت مالي الذي توجه إلى فيينا أيضا، في فندق آخر في الحي نفسه، إذ إن طهران لا تريد اتصالا مباشرا مع واشنطن، فيما يلعب ممثل الاتحاد الأوروبي بدور الوسيط.
وفي تغريدة أعلن فيها أنه في طريقه إلى فيينا، سعى مالي إلى التخفيف من التوقعات.
وأوضح "تطلعاتنا متأنية، إلا أن الولايات المتحدة ترحب بجهود الاتحاد الأوروبي، وهي مستعدة لمحاولة التوصل إلى اتفاق بنية حسنة".
وأكد "سيتضح قريبا جدا ما إذا كانت إيران مستعدة للشيء نفسه".
وبدأت إيران والقوى المنضوية في الاتفاق مباحثات لإحيائه في أبريل 2021 في فيينا، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة وبتسهيل من الاتحاد الأوروبي.
ورغم تحقيق تقدم كبير في المفاوضات، فإن المباحثات علّقت في مارس الماضي مع تبقّي نقاط تباين بين طهران وواشنطن لم يتمكن المعنيون من ردم الهوة بشأنها بعد.
وأجرى الجانبان في أواخر يونيو مباحثات غير مباشرة في الدوحة بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، انتهت من دون تحقيق اختراق.
وقدّم مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في السادس والعشرين من يوليو مسودة اقتراح لطهران وواشنطن، في محاولة لإبرام تسوية تتيح إعادة تفعيل التفاهم الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018، ودعا الأطراف إلى قبولها لتجنب "أزمة خطرة".
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني إن إيران درست مقترح بوريل و"عرضت وجهة نظرها"، مشيرا إلى أن بلاده تبقي على "تفاؤلها" بشأن إمكان التوصل إلى تفاهم لإحياء الاتفاق.
وأوضح في بيان أن "في هذه الجولة (المقبلة) من المباحثات التي ستجرى كما في السابق بتنسيق من الاتحاد الأوروبي، سيتم التناقش بشأن الأفكار التي تم تقديمها من الأطراف، بما فيها تلك التي تم تقديمها هذا الأسبوع من قبل إيران للطرف الآخر".
ورحب دبلوماسي أوروبي مقره في فيينا بـ"لقاء يظهر إرادة الجميع للمضي قدما. هذا أمر إيجابي لكن لا شيء مضمونا".
ومن بين العوائق الماثلة، رفع عقوبات عن الحرس الثوري الإيراني، إلا أن جون كيربي الناطق باسم البيت الأبيض للشؤون الإستراتيجية جدد الثلاثاء رفض الرئيس الأميركي جو بايدن سحب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية "في إطار هذه المفاوضات".
وتطالب طهران أيضا بضمانات في حال عاد جو بايدن عن تعهداته، فضلا عن إغلاق تحقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وأتاح الاتفاق المبرم العام 2015 بين طهران وكل من واشنطن وباريس ولندن وبرلين وموسكو وبكين، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض نشاطاتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
لكن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه في 2018 خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران، التي ردت بالتراجع تدريجيا عن غالبية التزاماتها بموجبه.
وقد تخطّت طهران نسبة تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق بواقع 3.67 في المئة، رافعة إيّاها إلى 20 في المئة في مطلع 2021، قبل أن تتجاوز للمرّة الأولى عتبة 60 في المئة مقتربة من 90 في المئة، وهي النسبة اللازمة لتصنيع قنبلة.
وفي إطار هذا التصعيد، بدأت طهران هذا الأسبوع إمداد "المئات" من أجهزة الطرد المركزي الجديدة بالغاز، وهو إجراء جاء بمثابة رد على العقوبات الجديدة لمنع إيران من بيع نفطها.
وأعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الثلاثاء عن قلقه، قائلا "البرنامج يتقدم بسرعة كبيرة جدا (...) يزداد من حيث الطموح والقدرة".
وأضاف "في المجال النووي، الكلمات المنمقة لا تكفي"، داعيا إيران إلى "التحلي بالشفافية".