فاتورة التغيرات المناخية باهظة والعلماء يحذرون من الأسوأ

على العالم أن يستعد لمواجهة تداعيات لم تفكر بها الحكومات بعد.
الخميس 2022/08/04
مخاطر لا رجعة فيها

تبدو فاتورة الخسائر الناجمة عن التغيرات المناخية متواضعة إذا ما قورنت بما يجنيه العالم من الصناعات التي تسببت بتلك التبدلات، هذا في الظاهر، لأن المشكلة بدأت تخرج عن السيطرة وعلى العالم أن يتحضر لمواجهة عواقب اقتصادية نهائية للمناخ.

زوريخ (سويسرا) - تكبّد العالم في النصف الأول من عام 2022 خسائر اقتصادية بسبب الكوارث الطبيعية بلغت 72 مليار دولار، حسبما أعلنت شركة التأمين السويسرية “سويس ري” في تقديرات نشرتها الثلاثاء.

وقال رئيس قسم التأمين ضد الكوارث الطبيعية في الشركة السويسرية مارتين بورتوغ “تتجلى آثار تغير المناخ في الظواهر المناخية الشديدة بشكل متزايد، مثل الفيضانات غير المسبوقة في أستراليا وجنوب أفريقيا”.

تواتر الكوارث

يوهان روكستروم: يجب أن نستعد جيدا للكارثة من أجل تجنبها

رغم تسجيل خسائر اقتصادية أكبر جرّاء كوارث طبيعية في النصف الأول من 2021 (91 مليار دولار)، لفتت شركة التأمين السويسرية إلى الأثر المتزايد لما يسمّى بالكوارث الثانوية المُكلفة بشكل متزايد، مثل الفيضانات والعواصف الشتوية في فبراير في أوروبا وعواصف البَرَد في فرنسا، بحسب بيان الشركة.

وسُجّلت خسائر إجمالية من الكوارث الطبيعية التي تتضمّن الكوارث التي تسبب بها الإنسان مثل الحوادث الصناعية، بقيمة 75 مليار دولار في النصف الأول من 2022 مقابل 95 مليار دولار في النصف الأول من 2021، بحسب الشركة.

وبلغت فاتورة شركات التأمين 38 مليار دولار، مقابل 49 مليار دولار قبل عام.

ولفتت الشركة إلى أن تواتر الكوارث التي تُسمّى بالكوارث الثانوية، مثل الفيضانات والعواصف، مقارنة بالكوارث الكبيرة مثل الزلازل والأعاصير، يزداد حول العالم.

والنمذجات المناخية التي يمكن أن تتنبأ بمدى الاحترار العالمي اعتمادا على انبعاثات غازات الدفيئة تزداد تطورا وتزود أصحاب القرار بمسار دقيق حول ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

وما لم يتم استكشافه جيدا هو التأثير المتتابع لأحداث معينة، مثل فشل المحاصيل وخسارة بنى تحتية بسبب ظواهر الطقس القاسية، والتي تزيد احتمالية حدوثها مع كل درجة احترار.

وقد حدد الباحثون في جامعة كامبريدج ومعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ ما هو معروف حاليا عن “النتائج الكارثية”، ووجدوا فجوات معرفية كبيرة.

واقترحوا في بحث نشر في مجلة بروسيدينغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس أجندة بحثية دولية لمساعدة الحكومات على التخطيط “لحالات سيئة إلى أسوأ”.

Thumbnail

شملت تلك الحالات أربعة مجالات رئيسية تدعو إلى القلق، أطلق عليها الباحثون “الفرسان الأربعة” لتغير المناخ: المجاعة وسوء التغذية والمظاهر القصوى للطقس والنزاعات، والأمراض المعدية عبر النواقل (تسببها الطفيليات والفايروسات والبكتيريا).

قال جون روكستروم، مدير معهد بوتسدام والمؤلف المشارك في الدراسة، “يجب مراعاة المخاطر التي لا رجعة فيها والتي يحتمل أن تكون كارثية بسبب تغير المناخ بفعل الإنسان في تخطيطنا وأفعالنا”.

ورأى أنه كلما أجري المزيد من الأبحاث بشأن المنعطفات المناخية للأرض، مثل الذوبان الذي لا رجعة فيه للغطاء الجليدي أو تحول غابات الأمازون المطيرة من ممتصة للكربون إلى مصدر له، ظهرت الحاجة المتزايدة إلى أن تؤخذ في الاعتبار السيناريوهات عالية المخاطر في نمذجات المناخ.

وقال “المفتاح هو احتساب الكارثة من أجل تجنبها”.

وأشار المؤلفون إلى أن تقارير الأمم المتحدة المتتالية عن علم المناخ ركزت بشكل أساسي على الآثار المتوقعة لاحترار من درجة ونصف مئوية إلى درجتين، وقللت إلى حد كبير احتمال حدوث ارتفاع مفرط في درجات الحرارة.

1992

اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة معاهدة المناخ لتجنب كارثة يصنعها الإنسان بحق البيئة

تضع الخطط الحكومية الأرض في مسار احترار يصل إلى 2.7 درجة مئوية هذا القرن، وهو بعيد جدا عن هدف 1.5 درجة الذي تنص عليه اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015.

ورأت الدراسة أن النزعة العلمية “المنحازة إلى جانب المعلومات والافتراضات القائمة، وتتجنب الاستنتاجات التي تبدو درامية بشكل مفرط”، أدت إلى عدم التركيز على التداعيات المحتملة لاحترار من ثلاث درجات أو أعلى.

وأضافت “هذا الحذر مفهوم، لكنه غير متطابق مع المخاطر والأضرار المحتملة التي يسببها تغير المناخ”.

إضافة إلى ذلك من المعروف أن تقييمات المخاطر لما يسمى بالأحداث ذات الاحتمالية المنخفضة وعالية التأثير، يصعب استيعابها في النمذجات المناخية طويلة الأمد.

واحتسب الباحثون مناطق حرارة شديدة، بمتوسط درجة حرارة سنوية تزيد عن 29 درجة مئوية، يمكن أن تشمل ملياري شخص بحلول عام 2070.

وحذروا من أن درجات الحرارة تمثل خطرا كبيرا لحدوث صدمات متكررة لنموذج “سلة الخبز” بسبب الجفاف، على غرار تلك التي تجتاح أوروبا الغربية وموجة الحر كالتي ضربت محصول القمح في الهند خلال شهري مارس وأبريل.

سيناريوهات التغير

Thumbnail

طالب الفريق بتقرير علمي خاص للأمم المتحدة يركز على “سيناريوهات التغير المناخي الكارثية”، على غرار تقريرها في 2018 حول الحد من الاحترار عند 1.5 درجة.

وقال يوري روغيلي، مدير الأبحاث في معهد غرانثام في جامعة إمبيريال كوليدج لندن، والذي لم يشارك في الدراسة، إن “علينا أن نكون جادين في فهم المخاطر العميقة التي تأتي مع أخذ كوكبنا إلى منطقة غير معروفة”.

وأضاف “البحث في هذه الحالات القصوى يعني أننا سنكون قادرين على الاستعداد بشكل أفضل، بما في ذلك أن نكون أكثر جدية بشأن تقليل الانبعاثات الآن”.

ويذكر أن عالم المناخ الأميركي جايمس هانسن، وهو مدير سابق في وكالة “ناسا” الأميركية، حذر الكونغرس الأميركي قبل 30 عاما من تسبب الإنسان بخلق “ظاهرة الدفيئة العالمية”. وفي عام 1992، اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة “معاهدة المناخ” لأجل تجنب كارثة يصنعها الإنسان بحق البيئة وشروط الحياة.

اليوم، يتحدث الخبراء عن النتائج الكارثية على حياة الناس. ويُدق ناقوس الخطر الذي دقته قبل 160 عاما العالمة الأميركية يونيس فوت، التي أثبتت العلاقة بين تأثير انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجات الحرارة في كتلة الهواء. قالت في عام 1856 أمام الرابطة الأميركية للنهوض العلمي إن “انبعاث الغاز إلى الفضاء سيؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة فوق الأرض”. واليوم يقول الخبراء “كفى مؤتمرات وأحاديث… على البشرية أن تغير نمط حياتها قبل أن يصبح الوقت متأخرا”.

11