اتحاد الشغل يتخلى عن خطاب التصعيد بعد الاستفتاء على الدستور التونسي

الاتحاد العام التونسي للشغل يدين تصريحات المسؤولين الأجانب والتدخل في الشؤون الداخلية.
الاثنين 2022/08/01
اتحاد الشغل عارض بعض سياسات الرئيس سعيّد

تونس - أدان الاتحاد العام التونسي للشغل السبت تصريحات المسؤولين الأجانب عن الوضع في البلاد والتدخل في الشؤون الداخلية، في ما يبدو أنه تخفيف في الخطاب منذ الاستفتاء على الدستور الجديد، الذي حظي بتأييد أكثر من 94 في المئة من المشاركين.

والخميس اعتبرت واشنطن في بيان لوزارة خارجيتها أن استفتاء تونس على الدستور “اتسم بتدني نسب المشاركة”، وقالت إنها تشاطر التونسيين انشغالهم تجاه مسار صياغة الدستور وإمكانية أن “يضعف” الديمقراطية في البلاد.

وقال الاتحاد (أكبر منظمة تشغيلية في تونس) في بيان له إن “التدخّل في الشأن الدّاخلي لم يقتصر على التصريحات، بل تجاوزها إلى تنقّل السفراء والقائمين بأعمال السفارات دون حسيب أو رقيب”.

وأضاف أن بعض الدول (لم يسمها) “تمارس على التونسيين انتهاكات سواء بخصوص تأشيرات السفر أو الترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين بتواطؤ مع السلطات التونسية”.

موقف الاتحاد يشير إلى تغيير في المواقف وتخفيف في الخطاب يراهما مراقبون أنهما مرتبطان أساسا بنجاح الاستفتاء

واستنكر الاتحاد “تعمّد بعض القوى السياسية الداخلية (لم يسمها) الاستنجاد بالدّول الأجنبية”.

وذكر أن “السياسات المتّبعة للسلطات المتعاقبة هي التي أتاحت للقوى الخارجية الفرصة للتدخّل في الشأن الوطني باتّباع مسار إصلاح انفرادي ومتعرّج”.

وشدّد الاتحاد على “حق كل المواطنات والمواطنين في النقد والاحتجاج وإبداء الرأي في الشأن الوطني والمشاركة فيه بعيدا عن الاستقواء بالخارج”.

وأضاف “لا حل للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس خارج المبادرة التونسية”.

ويظهر جليا أن موقف اتحاد الشغل الأخير بعد أن التزم قادته الصمت الفترة الماضية، يشير إلى تغيير نسبي في المواقف وتخفيف في الخطاب يراهما مراقبون أنهما مرتبطان أساسا بنجاح الاستفتاء والتأييد الكبير الذي حظي به دستور سعيّد.

وكان اتحاد الشغل الذي أيد الإجراءات الاستثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، وجه الكثير من النقد لمسار ما بعد اتخاذ تلك الإجراءات، حيث رفضت المنظمة العمالية المشاركة في الحوار الوطني أو تأييد الاستشارة الإلكترونية، فيما فسحت لقواعدها حرية المشاركة في الاستفتاء من عدمها.

ورغم أن الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي رفض أن يستخدم ورقة من قبل جبهة الخلاص التي تقودها حركة النهضة الإسلامية في صراعها ضد الرئيس سعيّد، لكنه في المقابل وجه أسهم نقده للسياسات الحالية، بما فيها سياسات حكومة نجلاء بودن، وهو ما اعتبر في النهاية نقدا موجها للرئيس.

ويعبّر اتحاد الشغل عن رفضه الكلي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لحكومة نجلاء بودن للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي.

وكانت وكالة فيتش أكدت الأسبوع الماضي أن الدعم الدولي لتونس مستمر بعد الموافقة على الدستور الجديد، مشيرة إلى أن تونس ستتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من 2022، مع استمرار رغبة المقرضين الرسميين في دعم البلد بعد الموافقة على الدستور الجديد.

وتوقعت فيتش أن تبرم تونس اتفاقا مع صندوق النقد الدولي الآن من دون اتفاق مع النقابات، نظرا إلى أن الدستور يوفر أساسا أقوى لتحرك تشريعي، ما يشير إلى أن الرئيس سعيّد يريد تجاوز عقبة الاتحاد.

ويؤكد اتحاد الشغل رفضه المطلق لرفع الدعم وتجميد الرواتب ورفع أسعار المواد الأساسية، وهي من بين شروط صندوق النقد الدولي، بل إن قيادات الاتحاد هددت مرارا بالتصعيد ضد الحكومة وأصرت على المضي في موقفها، لكن يبدو أن الخطاب قد تغير وأصبح أقل حدة، رغم الحديث عن قرب الوصول إلى اتفاق مع الصندوق.

ويظهر جليا أن الاتحاد العام التونسي للشغل يجد نفسه في موقف ضعيف بعد فسح الدستور المجال لإضعاف النقابات عبر القوة التشريعية.

والجمعة قال الرئيس التونسي قيس سعيّد إن بلاده “دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة، وإن سيادتها واستقلاليتها فوق كل اعتبار”، وفق بيان للرئاسة التونسية.

واستدعت تونس مساء الجمعة القائمة بالأعمال الأميركية ناتاشا فرانشيسكي،‎ اعتراضا على التصريحات بخصوص الاستفتاء على الدستور.

والثلاثاء أعلنت هيئة الانتخابات التونسية أن مشروع الدستور الذي جرى الاستفتاء عليه في الخامس والعشرين من يوليو المنقضي، “حظي بثقة 94.60 في المئة من أصوات مليونين و630 ألفا و94 ناخبا شاركوا في التصويت من أصل 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخبا (30.5 في المئة من المسجلين)”.

والاستفتاء حلقة في سلسلة إجراءات استثنائية بدأ الرئيس سعيّد فرضها في الخامس والعشرين من يوليو 2021، ومنها إقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى السابع عشر من ديسمبر المقبل.

4