أردوغان يؤجج التوتر شرق المتوسط

بعد هدوء نسبي ساد منطقة شرق المتوسط بين تركيا واليونان وقبرص بسبب توجه الأنظار صوب الحرب الروسية - الأوكرانية، عادت الاستفزازات التركية مجددا مع اعتزام أنقرة إرسال سفينة تنقيب إلى المناطق المتنازع عليها، ما يثير قلق نيقوسيا وأثينا اللتين تعتزمان الرد على الخطوات التركية.
نيقوسيا - يؤجج اعتزام تركيا إرسال سفينة للتنقيب عن الغاز الطبيعي في شرق المتوسط في التاسع من أغسطس القادم التوتر الموجود أصلا مع قبرص واليونان بشأن استكشاف الموارد الطبيعية في المناطق المتنازع عليها.
واتهمت اليونان وقبرص تركيا الخميس بتأجيج التوترات إذ تستعد أنقرة لإرسال سفينة حفر إلى البحر المتوسط الشهر المقبل للبحث عن الغاز الطبيعي.
وتوترت العلاقات بين أثينا وأنقرة بسبب قضايا تبدأ من التحليق في المجال الجوي إلى المياه المتنازع عليها.
وتعد قبرص، المقسمة على أسس عرقية منذ يقرب من خمسة عقود، نقطة انقسام رئيسية تعمقت في السنوات الأخيرة بسبب الادعاءات المتضاربة بخصوص المياه البحرية التي يُعتقد أنها تحتوي على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي.

يوانيس كاسوليدس: غزو أوكرانيا ليس حالة الغزو الوحيدة في أوروبا
وقال وزير الخارجية القبرصي يوانيس كاسوليدس للصحافيين بعدما التقى نظيره اليوناني نيكوس ديندياس في نيقوسيا “نتوقع قدومها (السفينة)… ناقشنا اتخاذ إجراءات معينة على أمل أن يؤدي ذلك إلى تفادي أي توترات في منطقتنا الاقتصادية الخالصة”.
وقال كاسوليدس إن نيقوسيا ستتصرف بالتنسيق مع شركائها في الاتحاد الأوروبي من أجل اتِباع أفضل مسار للعمل.
وأضاف أنه كان هناك “تصعيد في الخطاب الحاد والاستفزازي” من أنقرة. وأردف “نتمسك بنبرة هادئة”.
وتم تقسيم قبرص عام 1974 عندما غزت تركيا ثلثها الشمالي ردا على الانقلاب الذي وقع في الجزيرة بإيعاز من اليونان. وتعتبر اليونان وتركيا قوتين ضامنتين لاستقلال قبرص إلى جانب بريطانيا.
ونُثرت بذور الانقسام في وقت سابق عندما انهارت شراكة بين القبارصة اليونانيين والأتراك في الحكومة بعد ثلاث سنوات من حصول المستعمرة البريطانية السابقة على الاستقلال.
وقارن كاسوليدس وديندياس الأحداث في قبرص بالغزو الروسي لأوكرانيا، لكن ديندياس قال إن المقارنة توقفت عند هذا الأمر.
وقال ديندياس “قبل 48 عاما، لم يستجب المجتمع الدولي للغزو في قبرص بالطريقة التي كان يتعين عليه اتباعها… علينا أن نُذكّر الجميع بأن غزو أوكرانيا ليس حالة الغزو الوحيدة في أوروبا”.
والأربعاء صرّح وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز بأن بلاده تعتزم إطلاق سفينة تنقيب جديدة في البحر المتوسط.
ونقلت وكالة “الأناضول” التركية عنه القول إن سفينة التنقيب “عبدالحميد خان” ستنطلق في التاسع من أغسطس لإنجاز أعمال تنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط.
ولم يوضح الوزير الموقع الذي سيجري نشر السفينة فيه، ما يعني أنه من غير الواضح ما إذا كانت السفينة ستعمل في مياه متنازع عليها.
ووفقا للأناضول، فإن السفينة “عبدالحميد خان” هي سفينة التنقيب الرابعة التي ستشارك في أنشطة التنقيب عن الهيدروكربونات (النفط والغاز الطبيعي)، وستكون بمثابة أقوى سفينة تنقيب تركية بمعداتها التقنية وخصائصها الفيزيائية.
ويبلغ طول السفينة 238 مترا وعرضها 42 مترا ومزودة بنظام أمان مزدوج، وستعمل على تعزيز جهود تركيا في التنقيب عن الهيدروكربونات.
كما ستلعب السفينة، التي تتمتع بنظام تحديد مواقع الثروات الباطنية، دورا مهما في إجراء أبحاث فعالة في المياه الإقليمية.
وسيكون على متن السفينة، القادرة على الحفر حتى عمق 12 ألفا و200 متر، طاقم مكون من 200 شخص.
ومنذ عقود، تختلف تركيا مع اليونان وقبرص بسبب تعارض مطالب السيادة في شرق البحر المتوسط والمجال الجوي والطاقة ووضع بعض الجزر في بحر إيجه والهيمنة التركية على الشطر الشمالي لجزيرة قبرص.
وفي أغسطس 2020 أرسلت فرنسا مقاتلتين من طراز رافال وسفينتين تابعتين للبحرية الفرنسية إلى شرق المتوسط إلى جانب اليونان، بعد نشر سفينة الأبحاث الزلزالية عروج ريس في منطقة متنازع عليها بين أنقرة وأثينا، ما أثار مخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الثاني من يونيو الماضي أن تركيا قررت وقف المحادثات مع اليونان، في أحدث تراجع في العلاقات المتوترة بين الجارتين منذ فترة طويلة، فيما أعلنت باريس دعمها لأثينا في وجه أنقرة حول السيادة على جزر بحر إيجه.
وفي العام الماضي، وبعد توقف استمر خمس سنوات، استأنف البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي المحادثات لحل نزاعاتهما في البحر المتوسط والقضايا الثنائية الأخرى. ولم تحرز هذه المحادثات تقدما يذكر، وكثيرا ما تبادل البلدان الانتقادات اللاذعة.
وقال أردوغان إن تركيا ألغت برنامجا للتعاون الثنائي، أُطلق عليه اسم المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى، مع اليونان، مضيفا في كلمة ألقاها أمام نواب بالبرلمان من حزبه الحاكم أن أنقرة تريد سياسة خارجية “تتمتع بشخصية قوية”.
وأضاف أردوغان “إنكم تواصلون الاستعراض أمامنا بطائراتكم”، في إشارة إلى الخلاف حول المجال الجوي فوق جُزر في بحر إيجه، متابعا “ماذا تفعلون؟ انتبهوا لأفعالكم. ألا تتعلمون دروسا من التاريخ؟”.
وقال “لا تحاولوا العبث مع تركيا. ستتعبون وتتعثرون. لم نعد نجري محادثات ثنائية معهم. اليونان هذه لن ترى سببا لذلك”.