بارزاني يبتز العراقيين: إما رئاسة الجمهورية وإما التعطيل

البارتي يلوّح بالثلث المعطل تجنبا لتكرار سيناريو 2018.
الأربعاء 2022/07/27
عداء البارتي لبرهم صالح لا يخلو من نوازع شخصية.

يحاول الحزب الديمقراطي الكردستاني تجنب سيناريو 2018، حينما نجح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح في الوصول إلى قصر السلام في بغداد، ويلوح الحزب الديمقراطي باللجوء إلى الثلث المعطل، للحيلولة دون انعقاد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، عارضا خيارين يصب كلاهما في صالح حصول مرشحه ريبير أحمد على المنصب.

بغداد- تتجه أنظار العراقيين إلى القوى الكردية الرئيسية لحل عقدة رئاسة الجمهورية، بعد أن نجحت القوى الشيعية ضمن الإطار التنسيقي في التوصل إلى اتفاق بشأن ترشيح وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.

وتقول أوساط سياسية عراقية إن المواقف الصادرة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) والتي لا تخلو من مساومات من شأنها أن تعطل أي تفاهم مع الاتحاد الوطني الكردستاني (اليكتي) للتوصل إلى مرشح توافقي لرئاسة العراق، وهي لا تخلو من ابتزاز للإطار التنسيقي.

وتلفت الأوساط إلى أن تصريحات قيادات الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني الرافضة للتجديد لمرشح الاتحاد الرئيس برهم صالح، وتلويح هذه القيادات باستخدام الثلث المعطل للحيلولة دون انعقاد جلسة خاصة لانتخاب رئيس للعراق، كلها تصب في إطالة أمد الأزمة في البلاد.

وسبق أن أعلنت قيادات في الحزب بأنه ليس لديهم ما يفقدونه من استمرار الأزمة السياسية في العراق، في موقف يعكس عقلية نفعية في التعاطي مع الدولة العراقية، بمعنى أنه إذا لم تكن هناك استفادة مباشرة وملموسة من حيث المساهمة في حل الأزمة، فالأفضل استمرارها خاصة وأن ذلك لا يؤثر على وضعهم داخل إقليم كردستان الذي يحظى بحكم ذاتي منذ تسعينات القرن الماضي.

النائب محما خليل: التجديد لبرهم صالح في منصب رئيس الجمهورية لن يحدث

وفي خطوة لا تخلو من مناورة وهروب إلى الأمام طرح الحزب الديمقراطي خيارين لإنهاء أزمة رئاسة الجمهورية، الخيار الأول يقضي بأن يجري تصويت داخل برلمان كردستان بشأن مرشح الرئاسة والاقتراح الثاني هو الاحتكام إلى الكتلة النيابية الأكبر للقوى الكردية، والتي هي لصالح الحزب.

وتقول الأوساط إن طرح حزب بارزاني لهاذين الخيارين هو محاولة من قبله للتهرب من سيناريو 2018 حينما ذهب هو والحزب الاتحاد الوطني بمرشحين إلى البرلمان العراقي، حيث كانت النتيجة لصالح الأخير، بفوز برهم صالح على منافسه الوزير السابق فؤاد حسين. 

وتوضح الأوساط أن الحزب الديمقراطي يدرك أنه بالارتكان مباشرة للبرلمان العراقي فإن النتيجة تبدو حتمية لصالح الاتحاد الوطني الذي يستند إلى تحالف مع القوى المهيمنة على المشهد البرلماني أي الإطار التنسيقي.

واستبعد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني النائب محما خليل الثلاثاء عقد جلسة لمجلس النواب الخميس المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية، مشددا على أن الخيار المطروح هو  الذهاب لبرلمان الإقليم لحسم الخلاف مع الاتحاد الوطني، أو التقيد بالكتلة النيابية الأكبر للأكراد.

وقال النائب خليل في تصريحات لوسائل إعلام عراقية إن “الجلسات المقبلة لمجلس النواب ستكون مخصصة لتحديد يوم الجلسة لانتخاب رئيس الجمهورية وفق المادتين 70 و71 من الدستور العراقي، بحضور ثلثي أعضاء مجلس النواب”.

وأضاف خليل أنه “كاستحقاق وحجم ووزن انتخابي، من حق الحزب الديمقراطي أن يقدم مرشحه لرئاسة الجمهورية وهو ريبير أحمد (وزير داخلية إقليم كردستان)، وهذا الحق استخدمته المكونات الأخرى في رئاسة مجلس النواب وفي رئاسة الوزراء”.

وتابع عضو الحزب الديمقراطي أن “من مصلحة الشعب العراقي أن تغادر الأحزاب التي تصر على أن يكون منصب رئيس الجمهورية من حزب معين، وهذا الأمر غادره السنة وكذلك الشيعة في منصبي رئاستي مجلس النواب والوزراء، لذا من مصلحة الأخوة في الاتحاد الوطني ألا يتشبثوا بهذه الثقافة”.

ومنذ العام 2006 جرى اتفاق ضمني بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني يقضي بأن يتولى الأول رئاسة الإقليم على أن تكون رئاسة الجمهورية في العراق من نصيب الأخير، لكن الديمقراطي أظهر ومنذ العام 2018 رغبة في التملص من هذا الاتفاق في سياق مسعى للاستئثار بكافة الصلاحيات والمناصب المخصصة للمكون الكردي.

◙ المواقف الصادرة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني لا تخلو من مساومات من شأنها أن تعطل أي تفاهم مع الاتحاد الوطني الكردستاني

ووفق تقسيم طائفي للسلطة العراقية رعته الولايات المتحدة عقب احتلالها العراق في العام 2003، فإن رئاسة الجمهورية من نصيب الأكراد، ورئاسة الوزراء من نصيب الشيعة، فيما تؤول للمكون السني رئاسة البرلمان.

واقترح القيادي في الحزب الديمقراطي لحل أزمة الرئاسة أن “يتم اللجوء إلى طريقتين في مسألة الاتفاق على مرشح للبيت الكردي لرئاسة الجمهورية، وهما: إما الذهاب إلى مرجع واحد وهو برلمان الإقليم بأن يرشح مرشح لرئاسة الجمهورية، أو اعتماد الوزن والاستحقاق الانتخابي في عملية اختيار الجهة التي تقدم مرشحا لرئاسة الجمهورية”.

وأشار إلى أن “هناك اجتماعا عقد بين رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني وبين رئيس الاتحاد بافل طالباني، ووصلا إلى مديات متقدمة من التفاهمات، لكن مسألة التجديد لصالح في منصب رئيس الجمهورية، فهذا لن يحدث”، مبينا أن “صالح فقد بوصلته السياسية، وهو غير مقبول في الفضاء السياسي، الذي قبل محمد الحلبوسي لرئاسة مجلس النواب، ومحمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء”.

واعتبر النائب عن الحزب الديمقراطي أن “تشبث صالح بهذا المنصب هو الذي خلق الانسداد السياسي، حيث أن لديه مشاكل مع الإطار التنسيقي، ومشاكل حتى في داخل حزبه”.

ولا يخفي الحزب الديمقراطي عداءه لصالح الذي نجح في العام 2018 في سحب البساط من تحت أقدام مرشحه فؤاد حسين، ويقول مراقبون إن الحزب يبدو متعطشا للثأر من هذه الخسارة، مشيرين أيضا إلى وجود دوافع أخرى خلف هذا الرفض لصالح، وهي أن مواقف الأخير لا تخدم الصالح الكردي بقدر اهتمامها بالصالح العراقي ككل.

ويحرص الرئيس صالح على التعامل على نفس المسافة من جميع القوى السياسية في العراق، ويلزم نفسه بالدفاع عن الصالح الوطني بعيدا عن أي خلفيات فكرية أو تأثيرات عرقية، أو اصطفافات سياسية لطالما استنزفت الشعب العراقي وقادته إلى حافة الإفلاس.

الحزب الديمقراطي يدرك أنه بالارتكان مباشرة للبرلمان العراقي فإن النتيجة تبدو حتمية لصالح الاتحاد الوطني

ويثير هذا التوجه استفزاز الحزب الديمقراطي الذي يتعاطى بانتهازية مع مشاركة الأكراد في السلطة المركزية بالعراق، فهو يريد تطويع هذه المشاركة فقط لخدمة الإقليم ومصالحه السياسية والاقتصادية.

وكان عرفات كرم مسؤول ملف العراق في مقر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني اعتبر الاثنين أن منصب رئاسة الجمهورية العراقية استحقاق انتخابي لشعب كردستان، داعيا لأن يكون برلمان الإقليم هو “الحكم الفصل” في مسألة الاختيار كـ”حل توافقي”.

وكانت قوى الإطار التنسيقي دعت عقب اختيارها شياع السوداني لرئاسة الوزراء الفرقاء الأكراد إلى التوصل سريعا إلى تسوية بشأن رئاسة الجمهورية.

ويعد اختيار رئيس للعراق ممرا إلزاميا لتشكيل حكومة جديدة، ذلك أن الرئيس، وفق النص الدستوري، هو من يمنح رئيس الوزراء  التكليف.

3