التونسيون متفائلون بتغيير واقعهم بعد مرحلة الاستفتاء

مشاركون في الاستفتاء يعبرون عن تطلعهم إلى تحسين أوضاع البلاد في مختلف المجالات بعد الاستفتاء على الدستور رغم الانتقادات التي توجهها المعارضة إلى المسار.
تونس - أثار الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في تونس و الذي انتظم الاثنين مواقف مختلفة بين التونسيين الذين شارك قطاع واسع منهم في التصويت على الدستور وينتظرون أن يتغير مستقبل بلادهم نحو الأفضل وتجاوز عشرية يصفونها بـ“السوداء“.
وقالت الطالبة آية (23 عاما) عند خروجها من مكتب تصويت في العاصمة تونس حيث غالبية المقترعين تتجاوز أعمارهم الأربعين عاما “آمل أن يكون هذا الاستفتاء فرصة ثانية”.
ورفضت أحزاب المعارضة ومن بينها حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية والذي كان يشارك في الحكم، الاستفتاء حول الدستور الجديد واعتبرته “انقلابا” و”غير شرعي” ودعت إلى مقاطعته لكن يبدو أن صوتها بات خافتا مع الإقبال على التصويت من قبل مختلف الفئات العمرية.
مصوتون يأملون في أن يكون الدستور نقطة انطلاق لتحقيق تغييرات بعد أن أرسى الرئيس سعيد سياسته
ويرى مراقبون أن نسبة المشاركة هي الرهان الأهم في هذا الاستفتاء لكونها ستحدد مدى شعبية الرئيس سعيّد أستاذ القانون الدستوري السابق الذي انتُخب بأكثر من سبعين في المئة من الأصوات في العام 2019.
وتفضل آية الجميعي أن تبقى “متفائلة”، بالرغم من “وضعية الفوضى” التي تعيشها تونس. وتضيف وهي تمسح الحبر الانتخابي الذي انطبع على إصبعها أنها قرّرت المشاركة في الاستفتاء “الذي من الممكن أن يكون نقطة انطلاق من أجل تحقيق تغييرات حقيقية بعد أن أرسى الرئيس سعيد سياسته ويُقدر أنها الأنسب لصالح البلاد”.
ومرت تونس بأزمة اقتصادية واجتماعية وتجاذبات سياسية خلال السنوات الماضية فيما سعى الرئيس قيس سعيّد إلى إصلاح الأوضاع باتخاذ الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو الماضي وإقالة رئيس الحكومة وتعليق أعمال البرلمان ثم حلّه لاحقا وبات يسيِّر البلاد بمراسيم.
ويمنح الدستور الجديد الرئيس المزيد من الصلاحيات ويرسي نظاما سياسيا رئاسيا خلفا للبرلماني المعدّل الذي أقرّه دستور 2014 وكان سببا في نشوب خلافات وصلت حد الصراع حول السلطة بين الرئيس والبرلمان والحكومة.
وتعتبر المعارضة وعدد من منظمات حقوقية عديدة أن نص دستور الرئيس “صيغ على المقاس” في ظل غياب سلطات تراقبه وتحدث توازنا سياسيا خصوصا وأنه لا يوجد في الدستور الجديد ما يحمّل الرئيس المسؤولية السياسية والقانونية، لكن هذا الطرح يرفصه أنصار الرئيس سعيد ويؤكدون أنه يسعى إلى تأسيس دولة قوية بعيدا عن صراع الأحزاب وهيمنتها على مفاصل الدولة وتقسيم الغنائم.
ويدافع قيس سعيّد بقوّة عن قراراته ويقول إنها “تصحيح للمسار” وإنهاء عشر سنوات من “الفساد” وعدم تحقيق أهداف ثورة 2011 من تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي أساسا.
وتقول بيّة (54 عاما) عن السياسيين “بقوا أكثر من عشر سنوات في الحكم دون أن يفعلوا شيئا، فليتركوا الرجل يعمل نحن نؤمن به وسنسانده إلى النهاية”.
وعلى غرار بيّة لا يتردد العديد من الناخبين الآخرين في الإفصاح عن طريقة تصويتهم.
ويؤكد شكري (45 عاما) بينما يساعد والده السبعيني على الخروج من مقرّ مدرسة ابتدائية يتم تخصيصها كمكتب للاقتراع في كل مناسبة انتخابية بالعاصمة تونس “قبلنا بكل التغييرات ولذلك قدمنا اليوم للقول وإظهار نعم بالكبير للرئيس سعيّد ولقراراته”.
ومع فتح أبواب مكاتب التصويت بدأ تدفق الناخبين ضئيلا، ولكن سرعان ما تطوّر شيئا فشيئا خصوصا مع توافد التونسيين ممن أعمارهم فوق الأربعين عاما. غير أن مشاركة الشباب كانت ضعيفة في الصباح وفق متابعين.
الدستور الجديد يمنح الرئيس المزيد من الصلاحيات ويرسي نظاما سياسيا رئاسيا خلفا للبرلماني المعدّل الذي أقرّه دستور 2014 وكان سببا في نشوب خلافات كثيرة
وبلغت نسبة المشاركة حتى الساعة الواحدة بعد الظهر حوالي 12 في المئة وفق ما أفادت به هيئة الانتخابات مع إدلاء أكثر من مليون ناخب بأصواتهم داخل تونس، لكن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر توقع أن الرقم “سيرتفع” مع نهاية الاستفتاء.
وأكد رؤوف بن موسى وهو نائب مركز اقتراع للصحافيين أن “نسبة المشاركة لا بأس بها”. وقال إن “المكتب الذي يشرف عليه أدلى فيه 428 شخصا بأصواتهم من مجموع أكثر من تسعة آلاف مسجلين حتى الساعة الثامنة ونصف بالتوقيت المحلي”.
بدورها تعتبر ماجرية الحاجة (60 عاما) أن “من يحب تونس يجب أن يأتي للتصويت ويقول نعم. هذا واجب”.
ويشاطرها الرأي العامل رضا النفزي (43 عاما) الذي قال إنه “جاء للتصويت من أجل تغيير وضعية البلاد التي تسير في طريق سيئ، لدينا الإمكانية للتغيير الآن”.
ولا يترد كل من قدم إلى مركز الاقتراع في إشهار وإظهار موقفه بالتأييد بـ”نعم” وقد وقف العديد من المواطنين بالقرب من قوات الأمن والجيش التي تحرس مقرات الانتخابات وأمام كاميرات الصحافيين المحليين والدوليين.
وقال أحد الناخبين الذي رفض الكشف عن اسمه “يحاولون بتصرفاتهم هذه التأثير على الآخرين الذين يرفضون الدستور”.
كما اعتُبرت تصريحات قيس سعيّد صباح الاثنين للإعلاميين والتي عدّد فيها نقاط الدستور الجديد، “تجاوزا” للقانون وأنه “لم يلتزم” الصمت الانتخابي إلى حين إغلاق مكاتب الاقتراع في العاشرة ليلا بالتوقيت المحلي لكن أنصار الرئيس يعتبرون تلك التهم محاولة للتشويش على استفتاء يحظى بتأييد واسع من قبل التونسيين.