مسرحيات عربية للكبار والصغار تزور الفضاءات الأردنية المفتوحة

عمان - تواصل الدورة الأولى من مهرجان مسرح الرحالة في الأردن تقديم عروضها للكبار والصغار في فضاءات غير تقليدية خارج إطار الخشبات المسرحية والقاعات المغلقة.
وشهد المهرجان ثلاثة عروض، اثنان للكبار وواحد للأطفال بينت مدى اهتمام الجمهور بالمسرح الذي يمثل اقتحامه للساحات والفضاءات العامة حدثا بالنسبة إليهم، ما يساهم في ترسيخ رسالة المهرجان بالذهاب بالمسرح إلى الجمهور حيثما كان.
حملت مسرحية "بيت الطيب" المصرية التي عرضت مساء الأربعاء، في ساحة نقابة الفنانين الأردنيين، ضمن الدورة الأولى من مهرجان مسرح الرحالة، صورا من المجتمع يمكن أخذها كإسقاطات على الواقع العربي الحالي.
وتمثلت هذه الصور المجتمعية في دخول فتاة غجرية إلى بيت عريق تسكنه أم وابنتها تعيشان حياة هادئة مستقرة لتقلبه رأسا على عقب، وتتمكن من السيطرة عليه.
◙ مسرحيات "بيت الطيب" المصرية و"ميت مات" العراقية و"دو ري مي" الفلسطينية تزور الجمهور الأردني في أماكن مختلفة
وعرضت المسرحية في فضاء مفتوح أمام الساحة الخارجية لنقابة الفنانين الأردنيين، بحضور أمين عام وزارة الثقافة الدكتور هزاع البراري ونقيب الفنانين محمد العبادي ومدير مهرجان الرحالة حكيم حرب.
العرض من تأليف وأشعار علي أبو سالم، ورؤية مسرحية لعمرو قابيل، وبطولة الفنانة راندا، ومروة يسري، ووفاء قابيل، وغناء آية شوشة، ورؤية موسيقية ومخرج منفذ هاني عبدالناصر.
وتدور أحداث المسرحية في طابع درامي وتشويقي حول حُسن هانم الطيب التي تعيش مع ابنتها مَلك ذات الحادي والعشرين عاما، في منزل قديم، وفي ليلة تلوذ بهما سلمى الغجرية خوفا من مطاردة بعض الأشرار لها فتقومان بحمايتها لتعيش معهما في بيت الطيب وتستمر الأحداث في التصاعد شيئا فشيئا لنجد أنفسنا أمام تحولات جذرية يتحول فيها أصحاب المكان إلى أغراب.
كما عرضت مسرحية عراقية بعنوان "ميت مات" للكاتب المسرحي علي عبدالنبي الزيدي، مساء الأربعاء، في حديقة المتحف الوطني للفنون الجميلة، ضمن المهرجان ذاته.
وطرحت المسرحية مسألة "الانتظار" المعممة في الثقافات الإنسانية؛ انتظار الشخوص المخلّصة، متكئة على المسرحية الشهيرة "بانتظار غودو" لكن بقالب يخدم أهداف الزيدي كاتبها، ويعزز نظرته الفلسفية، إذ ذهبت المسرحية إلى أن فكرة الانتظار مهزلة إنسانية وشككت في جدواها، وأن الأشخاص المنتظرين هم بشر عاديون.
واعتبر الناقد جايم الصافي أن المسرحية مغامرة خاضها الزيدي، مغامرة "كسرت قالب التقليد النمطي في التمثيل الذي اعتاد الاعتماد على الحركة في فضاءات خشبات المسارح حيث تتيح للممثل حرية في التمثيل والتقبل وتجاوز عين الرقيب، لكن المخرج حال دون ذلك ووفَّر للممثلين الرائعين تلك الفرصة، بل تركهما في هذيان وثرثرة بحوارات وصلوات صوفية مختزلة للحدث ومكثِّفة للمعنى في بيئة مشهدية خارجة من الحس فاكتفت ببقعة الأداء الصوتي ببلاغته، أي أنها كشوفات عن جمالية الممثل الحقيقي".
واقتصرت المسرحية على شخصيتين ميتتين تستفيقان وتجريان حديثا يوضح أن كلا منهما تنتظر الأخرى، والشخصيتان هما "غودو" و"مولاي"، قبل اكتشاف انتظارهما لبعضهما البعض منذ قديم الزمان دون أن يجدا ما كانا ينشدانه من أمل في هذا الانتظار، فيختاران العودة إلى الموت.
◙ التظاهرة تسعى لتحرير المسرح من أطره التقليدية والذهاب إلى الجمهور في مغامرة تحاول استرداد فاعلية المسرح واستعادة جماهيره
أخذت مسرحية "دو ري مي" التي عرضت الأربعاء كذلك، على عاتقها حث الأطفال على تعلم الموسيقى والتعرف على عدد من الآلات الموسيقية، خلال عرض قدمه فريق مسرح “سفر” الفلسطيني في كلية العمارة التابعة للجامعة الألمانية، ضمن فعاليات المهرجان.
ولعب الممثل موسى نوفل ورنيم أحمد وأحمد عنبر، أدوار المسرحية عبر شخصيتين رئيسيتين، شخصية المعلمة "أماني" وآذن المدرسة "نعمان"، إذ عملت "أماني" على تعليم "نعمان" الموسيقى وشرح كل آلة موسيقية له على حدة، لتعميم معرفتها على الأطفال الذين جاؤوا لحضور المسرحية.
واتكأت المسرحية التي أخرجها فادي الغول، بطابع كوميدي، على قصة الأطفال الشهيرة "عازفو بريمن" التي تدور أحداثها حول أربعة حيوانات لديها حلم بأن تصبح عازفة مشهورة بعد أن تقدم بها العمر، ولم يصبح لديها مأوى، بعد أن تخلى عنها أصحابها، وقد تخللت المسرحية مقطوعات موسيقية عالمية وعربية تراثية.
يذكر أن مهرجان مسرح الرحالة يستمر حتى الثاني والعشرين من الشهر الحالي، ويقام في فضاءات مفتوحة داخل ساحات خارجية، وسيمنح المهرجان جوائز في التمثيل والإخراج والسينوغرافيا والعرض المتكامل.
وأهديت دورة المهرجان الأولى إلى اسم المخرج الأردني الراحل حسين نافع، تقديرا لعطاءاته الكبيرة في خدمة المسرح الأردني والتعريف به. وكرمت التظاهرة، كلا من وزيرة الثقافة السابقة بسمة النسور والمخرج حاتم السيد والفنانة عبير عيسى والمخرج باسم دلقموني والمخرج نبيل نجم والفنان سهيل الياس، كما سلمت درعا تذكاريا إلى الفنان حابس حسين تكريما لذكرى شقيقه المخرج حسين نافع.
ويسعى المنظمون من خلال هذه التظاهرة إلى تحرير المسرح من أطره التقليدية والذهاب إلى الجمهور في مغامرة تحاول استرداد فاعلية المسرح واستعادة جماهيره التي فقدها في العقود الأخيرة مع ما يشهده العالم من طفرة تكنولوجية كبيرة.