العراق أمام تحدي اقتناص فرصة الملاءة المالية القوية

ارتفاع إيرادات تجارة النفط الخام تنعش الاقتصاد العراقي المتعثر.
الخميس 2022/07/21
الاسراع بضخ المزيد من النفط لتحقيق ايرادات أكبر

بغداد - تخفي تحذيرات وكالة فيتش للتصنيف الائتمانية بشأن قدرة العراق على إنعاش اقتصاده بفضل الإيرادات التي يمكن جنيها إثر ارتفاع أسعار النفط، في طياتها رسائل مفادها أن ثمة حاجة ملحة لعدم هدر هذه الفرصة التي قد تحد من زخمها التقلبات السياسية.

ويجد العراق نفسه في وضع أفضل قياسا بالسنوات الماضية في ظل ارتفاع إيرادات تجارة النفط الخام منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل خمسة أشهر، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديا يتمثل في تجنب إهدار الفرصة للنهوض باقتصاده حتى ينعكس على المواطنين.

وذكرت الوكالة في تقرير حديث نشرته على منصتها الإلكترونية الأربعاء أن الأداء المالي الجيد للبلد النفطي قد لا يدوم وسط تقلبات سياسية يحتمل أن تترك تأثيرات سلبية على عموم البلاد.

ولكنها أكدت في المقابل أن عوائد النفط ستساعد الحكومة على خفض الديون بشكل حاد كحصة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022 لتصل إلى مستويات ما قبل الجائحة.

وكالة فيتش: الأداء المالي الجيد قد لا يدوم وسط التقلبات السياسية

وقال خبراء فيتش إن “هذا التراجع هو أمر إيجابي بالنسبة إلى الجدارة الائتمانية للبلاد” غير أنه قد لا يكون مستداما، لأنه يعكس جزئيا التوترات السياسية التي قيدت الإنفاق العام، وتعكس المخاطر السياسية العالية التي تم تسجيلها في تصنيف العراق عند بي سالب.

واستفاد العراق من ارتفاع أسعار النفط عالميا؛ إذ تعتبر بغداد ثاني أكبر منتج للخام في منظمة أوبك بعد السعودية بمتوسط إنتاج يومي 4.5 مليون برميل.

وتوقعت فيتش ارتفاع أسعار النفط في المتوسط إلى نحو 105 دولارات للبرميل بنهاية هذا العام، و85 دولارا للبرميل في العام المقبل.

ويعتمد العراق بأكثر من 90 في المئة على الإيرادات النفطية في تمويل ميزانيته. ومع ذلك، يعاني البلد نقصا كبيرا في الطاقة وتهالك البنى التحتية وانقطاعات متكررة في الكهرباء.

ويبدو الجانب المضيء الذي يمكن أن يستفيد منه العراق هو انحسار الدين العام حيث ترجح الوكالة تراجعا في نسبته هذا العام ليبلغ حوالي 47 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، من نحو 66 في المئة تم تسجيلها في العام الماضي.

ويعكس انخفاض نسبة ديون العراق إخفاقه في تشكيل حكومة وإقرار الميزانية منذ انتخابات أكتوبر 2021 وهو ما أدى بحسب فيتش “إلى تقييد الإنفاق إلى مستويات العام الماضي”.

وأكد خبراء الوكالة أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة القادمة ستنفذ الإصلاحات التي تم تقديمها في ظل الإدارة السابقة حتى لو أعيد تعيين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم الدين العام للبلاد يبلغ قرابة 70 مليار دولار، منها عشرين مليار دولار ديون خارجية أغلبها سيتم سداده بحلول العام 2028.

ولا يشمل الدين الخارجي ديون النظام السابق البالغة 41 مليار دولار، وهي مجمدة منذ عام 2003.

وهذه الديون المعلقة من بقايا اتفاقية نادي باريس وتعود لقرابة ثمانية أو تسعة بلدان منها أربعة خليجية لما قبل العام 1990 ولم يطالب بها أحد من الدائنين الرسميين حتى الآن. وتسعى بغداد للحصول على موافقة الدائنين لإسقاطها.

وهناك ديون خارجية أخرى تراكمت بسبب الحرب على الإرهاب، مع ديون بسبب مشاريع التنمية قدمتها بعض الصناديق العالمية، وهذا الدين يقدر بنحو 23 مليار دولار مستحقة الدفع.

وسبق أن قال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح إن “الدين الداخلي يبلغ نحو 50 مليار دولار وأن 95 في المئة داخل النظام المالي الحكومي وتبقى تسويته داخل الدولة”.

عوائد النفط ستساعد الحكومة العراقية على خفض الديون بشكل حاد كحصة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022 لتصل إلى مستويات ما قبل الجائحة

وذكر صالح في ديسمبر الماضي أنه “لا يوجد رقم دقيق لحجم الديون المترتبة على العراق للبنك الدولي وصندوق النقد، كون الرصيد يتحرك بالنقصان مع تسديد أقساط وفوائد بشكل دوري ولكنه لا يتعدى ما بين 5 و6 مليارات دولار”.

وفي وقت سابق هذا الشهر نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن نائب محافظ البنك المركزي عمار خلف تأكيده أنه لا توجد خطة مستقبلية لتغيير سعر صرف الدينار.

وقال إن “الظرف الاقتصادي هو الحاكم الأساسي ولا توجد هناك خطة مستقبلية لتغيير سعر الصرف سواء بعد ثلاث أو خمس سنوات”.

وقررت الحكومة في موازنة العام الماضي خفض قيمة الدينار بواقع 1450 دينارا لكل دولار، بعد أن كان 1182 دينارا لكل دولار، وذلك لمواجهة الأزمة المالية وتدهور الاقتصاد المحلي.

وتسبب القرار في أزمة في السوق المحلية حيث ارتفعت أسعار السلع والبضائع في الأسواق المحلية وألحقت أضرارا بالطبقة الكادحة.

ويرى محللون أن السبب الرئيسي وراء خفض قيمة العملة العراقية حينها هو سد فجوة التضخم التي برزت بوضوح في العام الثاني من تفشي الجائحة ومع استمرار انهيار أسعار النفط العالمية.

لكن الوضع يبدو مستقرا حتى مع ارتفاع الأسعار بالسوق المحلية مع استيراد التضخم نتيجة الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، ما يعني دعم الاحتياطي النقدي الذي يتوقع أن يصل إلى 90 مليار دولار بنهاية هذا العام.

11