الخطوط التونسية تلتقط أنفاسها بعد نمو الإيرادات

تونس - يعطي نمو أعمال الخطوط الجوية التونسية منذ بداية العام الجاري رغم الكثير من المنغصات فرصة ثمينة للمسؤولين لالتقاط الأنفاس قبل مواصلة جهود تخفيف الاختلالات المالية المزمنة التي تعاني منها الشركة الحكومية.
وشكلت البيانات الإيجابية خلال النصف الأول من 2022 والتي أعلنت عنها الشركة في إفصاح للبورصة المحلية الاثنين الماضي دليلا على إصرار الحكومة من أجل ترك بصمتها الإصلاحية في طريق تصويب نشاط الخطوط التونسية.
وذكرت الشركة في بيان أن إيراداتها قفزت بواقع 177 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين يناير ويونيو الماضيين لتصل إلى 512 مليون دينار (161 مليون دولار) مستفيدة من تخفيف قيود الإغلاق.
وأوضحت الشركة المملوكة للدولة أن انتعاش النشاط جاء مع تحسن حركة السفر مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث ارتفع عدد المسافرين بنسبة 142 في المئة ليتخطى أكثر من 937.4 ألف شخص.
ومن المتوقع أن يتحسن أداء الخطوط التونسية في ما تبقى من العام الجاري، خاصة في ظل تزامنه مع انتعاش حركة الطيران والسفر واستئناف زخم قطاع السياحة إلى جانب عودة المغتربين.
◙ انتعاش النشاط جاء مع تحسن حركة السفر مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي حيث ارتفع عدد المسافرين بنسبة 142 في المئة ليتخطى أكثر من 937.4 ألف شخص
وفرضت الظروف المالية القاسية التي مرت بها الشركة على الحكومة الإسراع في إعطائها نفسا جديدا لمواجهة التحديات الكثيرة التي أثرت على أعمالها خلال السنوات الأخيرة.
ودخلت الشركة منعطفا مهمّا منذ الصيف الماضي، حيث يعكف المسؤولون على تنفيذ خطة لإعادة هيكلتها بالكامل، حتى تستعيد وتيرة نشاطها بعد أن فشلت الحكومات السابقة في إنقاذها.
وفتحت السلطات منذ التدابير التي اتخذها الرئيس قيس سعيد أواخر يوليو الماضي، ورشة إصلاح كبيرة لإنقاذ الشركة الغارقة في الديون تهدف لإعادة هيكلتها وفق معايير شفافة.
وتشمل الخطة التي عجزت كل الحكومات السابقة منذ 2011 في تجسيدها واقعيا، تعزيز الأسطول وخطة مرحلية لتسريح الموظفين لتعزيز قدرتها التنافسية التي تضررت بسبب شبهات فساد وسوء تسيير في إدارتها.
وكانت الشركة قد أبرمت صفقة في أكتوبر الماضي مع شركة سيل آند ليز باك المتخصصة في إيجار الطائرات لشراء 4 طائرات من طراز أيرباص 320 نيو على أن يتم التعاقد على شراء طائرة خامسة في مرحلة لاحقة.
ولم يتم الكشف عن قيمة الصفقة، لكنها قالت في بيان حينها بعد توقيع العقد إنه "سيتم تسلّم الطائرة الأولى في ديسمبر 2021 أما بقية الطائرات فستحصل عليها الخطوط التونسية تباعا في العام 2022".
كما ترتكز الخطة، التي يشرف على تنفيذها الرئيس التنفيذي خالد الشلي الذي تم تعيينه في مارس العام الماضي خلفا لإلياس المنكبي، على تعزيز الأسطول وتقليص التكاليف وإعادة تنظيم الشركة، علاوة على تحسين جودة الخدمات خاصة على مستوى التموين.
وبحسب البيانات المنشورة على المنصة الإلكترونية للشركة، فإن أسطول الخطوط التونسية الحالي يتكون من 29 طائرة، من بينها 22 طائرة من نوع أيرباص، و7 طائرات بوينغ. وتغطي شبكة الرحلات المنتظمة للخطوط التونسية 28 بلدا وأكثر من 44 مدينة في أوروبا والشرق الأوسط وقارة أفريقيا بمعدل 47 رحلة يوميا.
◙ البيانات الإيجابية التي أعلنت عنها الشركة شكلت دليلا على إصرار الحكومة من أجل ترك بصمتها الإصلاحية في طريق تصويب نشاط الخطوط التونسية
وخلال السنوات العشر الماضية شهدت وضعية الشركة الحكومية أزمة مالية خانقة انعكست بشكل مباشر على جودة الخدمات بدءا من التأخير المستمر في موعد الرحلات وإلغائها مرورا بالصيانة ووصولا إلى مسألة التموين.
وتتالت المؤشرات على عجز الخطط الحكومية لإنقاذ الخطوط التونسية الغارقة في الديون نتيجة بطء القيام بالإصلاحات، وتفاقم موجة الإضرابات، ولم تتمكن حتى من استغلال المواسم السياحية التي سبقت تفشي الجائحة.
ومنذ العام 2016 فشلت خطط إعادة هيكلة الشركة، ولم يتمكن أي مسؤول استلم دفة قيادتها من تقديم حلّ جذري لإخراجها من أزمتها في حين ظهرت تحركات من بعض الأطراف السياسية لخصخصتها.
وتظهر التقديرات أن حجم الديون الملقاة على عاتقها يبلغ نحو 784.6 مليون دولار، منها 440 مليون دولار ديون مستحقة لديوان الطيران المدني والمطارات. أما الديون المتبقية فتتوزع بين قروض وفوائدها حصلت عليها من عدة بنوك محلية وأجنبية والتزامات مالية تجاه الدولة.
وشكّل التوظيف العشوائي في عهد الترويكا بقيادة حركة النهضة أحد أبرز أسباب الخسائر، حيث بلغ عدد من تم توظيفهم في تلك الفترة 1200 شخص، مما تسبب في ارتفاع بند الأجور بنحو 32.7 مليون دولار سنويا.
ووفق الإحصائيات الرسمية، تشغل الشركة قرابة 8200 موظف، وهذه القوة العاملة أثرت بشكل كبير على التوازن المالي للشركة، في ظل أزمتها التي جعلتها تسجل عجزا ماليا بلغ في المتوسط السنوي نحو 220 مليون دولار.
ولكنها بدأت مطلع العام الجاري في تسريح ألف موظف على مراحل بهدف تخفيف جزء من أعباء الرواتب. ويقول المسؤولون في الشركة إن من المتوقع ألا تستعيد الخطوط التونسية نشاطها المسجل في عام 2019 إلا في العام المقبل.