أوروبا تكافح التضخم برفع متأخر للفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من عقد

البنك المركزي الأوروبي يرفع معدلات الفائدة لمواجهة الارتفاع الحاد في الأسعار.
الثلاثاء 2022/07/19
المركزي الأوروبي أمام معادلة يستحيل حلها

فرانكفورت (ألمانيا) - رفع البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة الخميس لأول مرّة منذ العام 2008، لكنه يواجه ضغوطا لاتّخاذ المزيد من الخطوات في ظل بلوغ التضخم مستويات قياسية.

ويستعد المركزي الأوروبي منذ أشهر لانتهاء حقبة القروض الزهيدة التي دعمت الاقتصاد خلال سلسلة من الأزمات في السنوات الأخيرة.

وفي مسعى لمواجهة الارتفاع الحاد في الأسعار قال المركزي إنه ينوي رفع معدلات الفائدة بربع نقطة، في خطوة غير مسبوقة منذ العام 2011.

وأوقف البنك المركزي الأوروبي برنامجه التحفيزي لشراء السندات منذ مطلع يوليو الجاري مع استعداده لرفع الفائدة.

ويأتي رفع معدلات الفائدة ردا على ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مدفوعا بتعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

وبلغ معدل التضخم في منطقة اليورو 8.6 في المئة في يونيو الماضي، وهو أعلى مستوى في تاريخ المنطقة التي تستخدم العملة الموحدة ويعد أعلى بكثير من هدف المركزي الأوروبي البالغ اثنين في المئة.

فريدريك دوكروزيت: المركزي الأوروبي وجد نفسه أمام معادلة يستحيل حلها

وتواصل المؤسسة، التي تتخّذ من فرانكفورت مقرا لها، محاولة اللحاق بركب جهات مماثلة مثل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) الذي سبق نظيره الأوروبي في رفع معدلات الفائدة وبشكل كبير.

وكان سعر الفائدة على الودائع الذي حدده المركزي الأوروبي سلبيا على مدى السنوات الثماني الماضية، حيث يبلغ المعدل الرئيسي حاليا سالب 0.5 في المئة.

وصُمم معدل الفائدة العقابي الذي يفرض رسوما على المصارف لإيداع أموالها في المركزي الأوروبي للتشجيع على زيادة الإقراض والنشاط الاقتصادي ورفع معدلات التضخم.

وبعدما بقيت منخفضة على مدى سنوات، ارتفعت الأسعار اليوم نتيجة تعطل سلاسل الإمداد جرّاء الوباء والقفزة التي شهدتها أسعار المواد الغذائية والطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا.

وجاء الارتفاع الكبير في مستويات التضخم مفاجئا للبنوك المركزية، لاسيما البنك المركزي الأوروبي.

والآن يهدف المركزي إلى رفع معدلات الفائدة لإخراجها من المنطقة السلبية بحلول نهاية سبتمبر المقبل كجزء من مجموعة قرارات تقضي برفع معدلات الفائدة بشكل “تدريجي لكنه مستدام”، بحسب رئيسته كريستين لاغارد.

ويرى كارستن برزيسكي من مصرف آي.أن.جي أن “عملية التطبيع الحذرة التي بدأها المركزي الأوروبي نهاية العام الماضي كانت بكل بساطة بطيئة ومتأخرة للغاية”.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى برزيسكي قوله إنه “مع تسبب كل إصدار جديد للبيانات بحالة ذعر جديدة، فإن خطوة الربع نقطة الحذرة التي اتّخذها البنك المركزي الأوروبي قد تؤدي إلى خيبة أمل”.

وأوضح أن بعض صانعي القرارات في البنك قد يضغطون من أجل تحرّك أسرع لكن المسألة ستتمثل في “محاولة للموازنة بين مصداقية البنك المركزي الأوروبي كمؤسسة يمكن التنبؤ بخطواتها ومصداقيته كجهة عازمة على مكافحة التضخم”.

وكان القائمون على المركزي عازمين على مكافحة التضخم بينما يقف “اقتصاد منطقة اليورو على حافة الركود”، وهي ظروف يترددون فيها عادة في رفع معدلات الفائدة.

معدل التضخم في منطقة اليورو بلغ 8.6 في المئة في يونيو الماضي، وهو أعلى مستوى في تاريخ المنطقة التي تستخدم العملة الموحدة

ويرى فريدريك دوكروزيت مدير أبحاث الاقتصاد الكلي لدى بيكتيت لإدارة الثروات أن المركزي الأوروبي وجد نفسه أمام “معادلة يستحيل حلها”.

وتخيّم الحرب في أوكرانيا على توقعات الاقتصاد في وقت تستعد فيه دول منطقة اليورو لشتاء قد يشهد شحا في الطاقة وتخطط لتقنين استهلاك الموارد في حال أوقفت روسيا شحنات الغاز إلى القارة.

وإذا أضيف إلى ذلك تراجع اليورو الذي بلغ مستوى التكافؤ مع الدولار مؤخرا لأول مرة منذ نحو 20 عاما، والأزمة السياسية في إيطاليا، فستزداد صعوبة الحسابات النقدية، بحسب دوكروزيت.

وأثار انسحاب حزب رئيسي من الائتلاف الحاكم برئاسة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الذي كان رئيسا للمركزي الأوروبي قلق المستثمرين، ما أدى إلى رفع تكاليف الاقتراض مجددا.

ودفع الضغط المتزايد بشكل متسارع في أسواق السندات البنك المركزي الأوروبي إلى الاستجابة في منتصف يونيو عبر المسارعة إلى تصميم أداة لمكافحة “التجزئة” في منطقة اليورو.

وقال نائب رئيس المركزي الأوروبي لويس دي غيندوس مطلع يوليو إن الأداة الجديدة “ضرورية” لتجنّب “تباين مبالغ فيه” في تكاليف الاستدانة التي تواجهها مختلف الدول ولضمان تأثر جميع الدول الأعضاء في منطقة اليورو بالإجراءات النقدية بشكل متساو.

لكن الفكرة قوبلت ببعض التشكيك من قبل عدد من أعضاء مجلس الحكام.

وأكّد مدير البنك الاتحادي الألماني المعروف بسياساته المحافظة يواخيم ناغل أنه لا ينبغي استخدام أي أداة مخصصة للأزمات إلا في ظل “ظروف استثنائية” وبناء على شروط صارمة.

Thumbnail
10