شخص يجلس على كرسي مفخخ ويخوض صراعا مع قرصان مجهول

فيلم "المقعد الساخن" الصديق هو الشرير.
الأحد 2022/07/17
محنة عظيمة لكنها مكررة

أفلام الترقب والإثارة المرتبطة بقنبلة أو رهائن أو إجبار أحدهم على ارتكاب جرائم أو تفجيره، باتت من الثيمات السينمائية المتكررة، حتى أننا نكاد نجد نفس الحبكات الثانوية من تناول علاقة الضحايا العائلية المضطربة، والنهايات السعيدة بانتصار الأبطال.

أن تدخل الشخصية أو تجد نفسها في مأزق، ذلك هو التأسيس الذي درجت عليه الكثير من أفلام الترقب والإثارة والتي تجتذب لها جمهورا واسعا يجد فيها ما يشجعه على المتابعة، ويدفعه إلى طرح فرضيات واحتمالات شتى.

وفق هذا المدخل يمكن النظر إلى فيلم “المقعد الساخن” للمخرج جيمس بريساك، الذي ينتمي إلى هذا النوع من الأفلام التي تستدعي فضلا عن التشويق والترقب المزيد من حبس الأنفاس لاسيما مع ثيمة خلاصتها أن الشخصية تجلس على كرسي لا تستطيع أن تتركه أو تنهض من مكانها بسبب وجود قنبلة أسفله.

من هنا سوف نمضي مع أورلاندو (الممثل كيف ديلون) وهو مهندس كمبيوتر وبرمجيات على درجة عالية من النبوغ والذكاء، يبدأ يومه بالاعتذار عن حضور عيد ميلاد ابنته الوحيدة وسط انزعاج الزوجة التي تمضي في إجراءات الطلاق بسبب اتهامها له بالإهمال والتقصير، على خلفية ذلك يسمع صوت انفجار مع ذهاب أورلاندو إلى العمل بشكل عاجل، مع أنه لم يكن يوم عمل.

يجد أورلاندو نفسه في مأزق وفي خطة محكمة دبّرها مجهول يعرفه جيدا ويعلم تاريخه الشخصي، ولهذا يتحدث معه عبر دائرة مغلقة أنه يجلس فوق قنبلة، ولن يتم إبطالها إلا إذا قام بعملية معقدة من النفاذ إلى حسابات أحد البنوك وتحويل أموال طائلة لصالح ذلك اللص أو القرصان المتخفي.

رغم أحداثه العادية، ينتمي إلى الأعمال التي تستدعي فضلا عن التشويق والترقب المزيد من حبس الأنفاس

هنالك في المقابل إنزو (المثل مايكل ويلش) وهو صديق مقرب من أورلاندو، يزوره في العمل مستغربا لماذا حضر في غير يوم عمله، لكنه يجده قد وقع تحت سيطرة المجهول الذي لغّم المكان، ولهذا سوف يكون إنزو الضحية التي سوف تسقط بسبب الانفجار.

على الجهة الأخرى هنالك قوات مكافحة المتفجرات ومكافحة العمليات الإرهابية التي يترأسها الضابط والاس (الممثل ميل جبسون) وهو الذي سوف يكلف بالتصدي لأورلاندو بوصفه الإرهابي الذي يقوم بعمليات التفجير عن بعد وعمليات السطو الإلكتروني وما إلى ذلك.

بالطبع سوف تحضر وسائل الإعلام وخاصة التلفزيون والصحافة لتغطية ما يجري ويكون أورلاندو هو المستهدف وهو الرأس الذي تسعى إليه أجهزة الأمن بينما هو ليس إلا ضحية.

ما بين هذه المقدمة وهذا المأزق بما حمله من حبكات ثانوية وبين الوصول إلى الذروة كان المخرج بحاجة إلى أن يصعّد من الإيقاع الفيلمي، لكنه أمضى كثيرا من الوقت في متابعة أورلاندو وهو يقوم بالطباعة والنظر إلى الشاشة والاستجابة لمطالب القرصان واحدة بعد الأخرى، وصولا إلى المطلب الأخير.

واقعيا، كان على المخرج في سياق هذا السرد الفيلمي أن يوجد مقتربات تخرجنا من الكليشيه التي ظلت سائدة في هذا النوع من الأفلام، لكنه كان يجد في تحركات رجال الشرطة في الخارج بديلا وخاصة مع مشاهد الترقب وحبس الأنفاس بالإيعاز إلى أحد القناصين بقتل أورلاندو، لولا المحاولة في الوقت الضائع التي يقوم بها والاس مثبتا براءة أورلاندو بعدما استطاع التسلل إلى مكان احتجازه.

ولغرض تحريك الأحداث بالمزيد من الإثارة فقد زج المخرج بالفتاة إيفا وهي صديقة إنزو (الممثلة كيت كاتزمان) وهي التي سوف يحبها القرصان على أن تربط يديها بالأصفاد إلى حاجز حديدي لكي تتحول إلى رهينة، وبهذا لم نجد لها دورا يذكر سوى حالة الهلع التي تنتابها وهي تواجه الموت المحقق وإمكانية انفجار المكان في أي لحظة.

يمكن اعتبار فعل السباق مع الزمن هو العلامة الفارقة والمميزة السائدة في هذه الدراما الفيلمية المشوقة

يمكن اعتبار فعل السباق مع الزمن هو العلامة الفارقة والمميزة السائدة في هذه الدراما الفيلمية، وكل ذلك من خلال الضغط النفسي والتهديد المتواصل الذي يتعرض له أورلاندو وهو ركن أساس في هذه الدراما الفيلمية التي لن تسير على وفق هوى القرصان بكل نتائجها بل هنالك الحبكة الثانوية التي تتجسد من خلال عدم إذعان أورلاندو لجميع مطالب القرصان وبما في ذلك حجب الكاميرات في المرحلة الأخيرة من المهمة مما أتاح الفرصة لدخول قوة الشرطة وتحرير الفتاة ومن ثم التحدي أمام أورلاندو باحتمالات انفجار الكرسي به.

ما لم يكن متوقعا وفق تلك المسارات السردية مجتمعة هو أن يكون الصديق إنزو ليس سوى ذلك القرصان، وهو الذي دبر هذه العملية برمتها، وأنه لم يمت في الانفجار بل ألقى بنفسه جانبا ليسقط على المصعد وهي خطة مدبرة كان قد قام بالتخطيط لها مسبقا.

لا شك أن ميزة هذا الفيلم وبناءه السردي لا تحمل لنا كثيرا من التعقيد بل يمكن القول إنه بناء درامي لا يشكل استثناء، وزاد من الأمر الدور الذي قام به ميل جبسون وهو دور غير مقنع البتة، وليست فيه أية براعة في التمثيل ولم يضف لتاريخه شيئا، وكان بالإمكان تعويضة بأي ممثل آخر.

يحمل الفيلم من الجانب الآخر ميزة النهاية السعيدة التي سوف تأتي بعد محنة عظيمة تجري وقائعها في سطح البناية من خلال تلغيم زو ابنة أورلاندو، والمعجزة التي تمثلت في تخلصها من القنبلة التي كادت تنفجر بها وخاصة بعد مقتل إنزو وانبثاق النهاية السعيدة.

14