مقاتلات أف - 16 ثمرة ابتزاز تركيا لحلف شمال الأطلسي

واشنطن - صادق مجلس النواب الأميركي الخميس على ملحق لمشروع قانون تفويض الدفاع الوطني "أن.دي.أي.أي"، يجعل بيع مقاتلات أف - 16 لتركيا مرتبطا بشروط، فيما يبدو على أنه صفقة أفرجت خلالها الولايات المتحدة عن المقاتلات لأنقرة، مقابل رفع تركيا للفيتو أمام انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وطرح مشروع القانون النائب الديمقراطي عن ولاية نيوهامشير كريس باباس، بشأن بيع مقاتلات أف - 16 لتركيا بناء على شروط معينة. وحصل مشروع القانون خلال التصويت في المجلس على 244 صوتا مؤيدا، مقابل 179 صوتا رافضا.
ويطالب الملحق لجنتي الخارجية والقوات المسلحة في الكونغرس بالتعهد باتخاذ خطوات ملموسة لضمان أن يكون بيع المقاتلات لتركيا متوافقا مع مصالح الأمن القومي الأميركي، وألا يتم استخدام المقاتلات المبيعة "في الانتهاكات المستمرة للمجال الجوي اليوناني".
ومن المقرر أن يتم التصويت على كامل المشروع لاحقا في الجمعية العامة للمجلس، ويتعين أن يكون الملحق المذكور بشأن بيع المقاتلات لتركيا موجودا ضمن المشروع ذاته في مجلس الشيوخ أيضا.
◙ تغيير أردوغان لموقفه من انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي كان مقايضة غير معلنة ضمن من خلالها تزويد الولايات المتحدة لبلاده بطائرات أف - 16
ولم يكن رفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لفيتو انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي مفاجأة غير متوقعة، إذ عطل الرئيس التركي قبل سنوات خطة دفاعية للحلف بشأن بولندا وتراجع بعد ذلك.
ويعمل أردوغان وفق مبدأ لكل شيء ثمن، وهو ما نجح فيه إلى حد الآن رغم نفي الإدارة الأميركية لأي علاقة بين صفقة المقاتلات المحتملة والفيتو التركي.
ويرى مراقبون أن تغيير أردوغان لموقفه من انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي ورفع الفيتو عن عضويتهما، لم يكن مفاجأة، وإنما كان مقايضة غير معلنة ضمن من خلالها تزويد الولايات المتحدة لبلاده بطائرات أف - 16، ما يحسم ملفا خلافيا ساهم في تأزيم العلاقات بين أنقرة وواشنطن منذ سنوات.
ويمثل تشديد الرئيس الأميركي جو بايدن على بيع الولايات المتحدة مقاتلات أف - 16 لتركيا، بعد يوم واحد على رفع الفيتو التركي عن عضوية فنلندا والسويد في حلف شمال الأطلسي، دليلا ملموسا على الصفقة غير المعلنة.
وقال بايدن في ختام قمة حلف شمال الأطلسي الأخيرة في مدريد "علينا أن نبيعهم أف - 16" و"تحديث" الطائرات من هذا النوع التي تملكها تركيا، "لكنني بحاجة إلى موافقة الكونغرس على هذا الأمر، وأعتقد أنه بإمكاني الحصول على ذلك".
ويقول محللون إن الولايات المتحدة تعاملت ببرغماتية شديدة لإسقاط الفيتو التركي من منطلق المصلحة الاستراتيجية العاجلة، على عكس ما تروج وسائل الإعلام التركية الحكومية لنصر أردوغان وتلبية مطالبه الأمنية ومصالح أنقرة الداخلية.
وقال فريديريك كيمبي الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس الأطلسي "لقد كانت مسرحية بارعة من قبل أردوغان الذي اغتنم هذه اللحظة بأقصى قدر من النفوذ، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من مصالحه الأمنية التركية والسياسة الداخلية". وليست هذه المرة الأولى التي تهدد فيها تركيا بعرقلة أمن حلف شمال الأطلسي، ما لم يكن الأمر يخدم مصالحها الضيقة.
وكانت تركيا قد طالبت مرارا واشنطن بمقاتلات أف - 16 تعويضا عن تجميد صفقة المقاتلة من الجيل الخامس أف - 35 وتعليق برنامج الشراكة مع هيئة الصناعات العسكرية التابعة للرئاسة التركية، ضمن عقوبات فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على أنقرة، بعد شرائها منظومة الصواريخ الروسية أس - 400.
وقدمت تركيا طلبا للولايات المتحدة في أكتوبر من العام الماضي لشراء 40 مقاتلة من طراز أف - 16 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن، وما يقرب من 80 من معدات التحديث لطائراتها الحربية الحالية. ولم تبد واشنطن من قبل أي رأي صريح بخصوص عملية البيع، باستثناء القول إن كل مبيعات الأسلحة يجب أن تخضع للإجراءات القانونية اللازمة.