تونس تُعوّل على عودة الجزائريين لدفع عجلة السياحة

تسعى تونس إلى تحقيق قفزة في الإيرادات السياحية فيما تبقى من 2022 مع بدء تدفق جحافل الزوار الجزائريين، والتي تبث عودتهم عبر المعابر البرية حالة من التفاؤل في أوساط القطاع الساعية إلى تعويض عامين من الخسائر وتدارك جزء مما خلفه الوباء من ركود.
تونس - يحدو المسؤولين وأوساط السياحة في تونس أمل في أن يسهم الجزائريون في دفع عجلة القطاع للموسم الحالي إثر فتح الحدود البرية بين البلدين بداية من اليوم الجمعة وذلك في أعقاب تضرر هذا النشاط الحيوي خلال العامين الماضيين جراء الأزمة الصحية.
وسيطر التفاؤل بعودة القطاع الذي يعد العمود الفقري لمجمل النشاط الاقتصادي للبلاد إلى سالف نشاطه وبإمكانية تصحيح الاختلالات المالية المزمنة إثر قرار الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في وقت سابق هذا الشهر تخفيف القيود على السفر إلى تونس.
كما يأمل أصحاب مرافق القطاع وخاصة الفنادق في أن يسهم السياح الجزائريون في تحريك نشاطهم لا سيما وأن عودتهم تتزامن مع ذروة الموسم الذي سيكون محددا لنمو القطاع برمته في 2022.
وظلت الحدود البرية بين البلدين مغلقة منذ فبراير 2020، بسبب تداعيات الجائحة. وفي مايو الماضي أعلنت الجزائر فتحها فقط أمام حركة نقل البضائع بين البلدين.
وتتسلح تونس بخطة طموحة لطي صفحة خمول السياحة مع تخفيف القيود عن نشاط مرافق القطاع لاستقبال الزوار رغم أن الخسائر الناجمة عن الوباء بحاجة إلى وقت طويل لمعالجتها كون هذه الصناعة أحد أبرز محركات النمو وأكثرها جلبا للعملة الصعبة.

وأضفت الاستعدادات التي أعلن عنها وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين الأربعاء الماضي لاستقبال الزوار الجزائريين المزيد من الزخم على تلك الخطة لكنه لم يخف أن المؤشرات لا تزال بعيدة عن المأمول.
وقال خلال اجتماع عن بعد عقد مع الجانب الجزائري إنه "رغم تحسن المؤشرات السياحية خلال العام الجاري، إلا أنها لم تصل إلى مستوى الأرقام المسجلة عام 2019".
وبحسب المؤشرات التي كشفت عنها الوزارة مطلع هذا الشهر فقد تحسنت السياحة بنسبة 54 في المئة على مستوى العائدات لتصل إلى 1.44 مليار دينار (450 مليون دولار)، و134 في المئة على مستوى عدد الوافدين خلال النصف الأول من 2022 على أساس سنوي.
وأظهرت الأرقام أن تونس استقبلت في الفترة الفاصلة بين يناير ويونيو الماضيين أكثر من مليوني سائح بزيادة قدرها 104 في المئة بمقارنة سنوية.
واحتلت السوق الليبية الصدارة بزيارة أكثر من 815 ألف سائح، في جاء الفرنسيون بالمرتبة الثانية بواقع 302 ألف سائح، ثم الألمان بنحو 57 ألف سائح، وبعدهم التشيكيون بنحو 29 ألف سائح.
ورغم إغلاق الحدود البرية بين الجارين، قدم إلى تونس في النصف الأول من العام الجاري أكثر من 54 ألف جزائري. ومن المتوقع أن يتدفق الألاف منهم فيما تبقى من العام وقد يتجاوز العدد بحسب التقديرات 1.5 مليون سائح.
وأكد بلحسن أن القطاع السياحي أمام تحديات كبرى من بينها مسألة النقل وسبل تطويره، لأنها نقطة ضعف تعرقل القطاع، ومسألة مديونية المؤسسات السياحية التي أثرت على القطاع وعلى نوعية الخدمات.
ويرى خبراء أن إعادة فتح الحدود البرية تشكل أحد حبال النجاة لأهم القطاعات في الاقتصاد التونسي إلى جانب الزراعة، إذ تستهدف تونس وصول 4.75 مليون سائح بنهاية العام الجاري وهو نصف عدد الزوار الذين قدموا إلى البلاد في العام الذي سبق تفشي الوباء.
وفي 2019 مثلت السوق الجزائرية قرابة ثلث السياح الوافدين على تونس، بنحو ثلاثة ملايين زائر، متقدمة بذلك على باقي الأسواق السياحية التقليدية الأوروبية مثل ألمانيا وروسيا وفرنسا ودول شرق أوروبا مثل بولندا ورومانيا.
وقال أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا قويعة والذي بدا متفائلا "نعرف أهمية السياح الجزائريين من حيث العدد، ذلك أن نسبتهم تتجاوز 30 في المئة من السياح الذين يقصدون الوجهة التونسية".
وأضاف في تصريحات لوكالة لأناضول أن "عدد السياح الجزائريين يتجاوز مليوني عادة وأن فتح الحدود بين البلدين سيكون له دور كبير في انعاش السياحة التونسية".
وأكد أن بلاده أبواب موسم سياحي في ظروف صعبة ولذلك فإن فتح الحدود سيكون متنفسا للسياحة التونسية التي تمثل ما بين 9 و10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي البالغ قرابة 40 مليار دولار. وكان القطاع السياحي التونسي قبل العام 2011 يساهم بحوالي 14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي البلاد.
3 ملايين جزائري زاروا تونس في 2019 لكن عددهم في النصف الأول من هذا العام بلغ 57 ألفا
ويعتبر السياح الجزائريون من أكثر الجنسيات إنفاقا من بين الزوار الآخرين الذين يأتون إلى تونس والكثير منهم هم من الجالية المقيمة في أوروبا التي تأتي من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وتنفق باليورو.
وقال قويعة "ينتظر أن تخلق عودة السائح الجزائري حركية اقتصادية في تونس". وفي فبراير الماضي اتفق البلدان على زيادة رحلات الشارتر مع تدشين خط بحري جديد بين الجارين بهدف تعزيز تدفق الزوار.
وتعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة والحرب في أوكرانيا، ولكن المسؤولين الحكوميين يعتقدون أن الوضع القائم سيشكل فرصة لإنعاش القطاع مرة أخرى.
وقدرت وزارة السياحة حجم خسائر القطاع أثناء الجائحة بسبعة مليارات دينار (2.4 مليار دولار) بينما تتوقع استعادة نصف مداخيل 2019 خلال 2022 مع بدء انتعاش تدريجي رغم الغموض الذي يلف السوق الروسية التي تعد أساسية إلى جانب السوق الجزائرية.
ووفق المؤشرات التي نشرها البنك المركزي في يناير الماضي سجلت إيرادات السياحية زيادة بواقع 7.7 في المئة العام الماضي لتبلغ 2.1 مليار دينار (730 مليون دولار) بمقارنة سنوية.
وعرفت السياحة خلال العشرية الأخيرة أزمة وصفها خبراء القطاع بأنها “الأكثر صعوبة” في تاريخ القطاع، بعد أن تضرر جراء الأزمات السياسية وسوء إدارة الحكومات المتعاقبة للازمة الاقتصادية والعمليات الإرهابية وكذلك تداعيات الأزمة الصحية.