النهضة تغرق في مشاكل مع القضاء قبيل الاستفتاء

محكمة تونسية تصدر حكما أوليا يقضي بإسقاط قوائم حزبي النهضة وقلب تونس في الانتخابات التشريعية لعام 2019 في خمس محافظات، مع حرمان أعضائها من المشاركة في الانتخابات لمدة خمس سنوات.
تونس - أصدرت محكمة تونسية الأربعاء حكما أوليا يقضي بإسقاط قوائم حزبي حركة النهضة وقلب تونس في الانتخابات التشريعية لعام 2019 في خمس محافظات، مع حرمان أعضائها من المشاركة في الانتخابات لمدة خمس سنوات، وذلك في القضية المعروفة إعلاميا باسم “اللوبيينغ” والتمويل الأجنبي.
وقال رئيس محكمة المحاسبات في مدينة قفصة جنوب غربي تونس نجيب القطاري لوكالة الأنباء الرسمية إن القضية تتعلق بمسألة “اللوبيينغ” وتلقي الحزبين تمويلا أجنبيا في تلك الانتخابات.
وأوضح أن الحكم قابل للطعن عليه ويخص قوائم الحزبين في محافظات قفصة وتوزر وقبلي (جنوب غرب) والقصرين وسيدي بوزيد (وسط غرب).
ويبدو أن حركة النهضة ستغرق في الملفات المتعلقة إما بالتمويل الأجنبي أو بالفساد المالي والتأثير على الناخبين في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، وذلك قبل الاستفتاء على الدستور الجديد المزمع إجراؤه في الخامس والعشرين من يوليو الجاري.
النهضة حاولت نفي التهم الموجهة إليها بالربط بين القضية وبين جهود الرئيس لدفع الناس إلى التصويت في الاستفتاء
ويأتي قرار إسقاط القوائم بالتزامن مع اتهام قيادات في الحركة بالتورط في ملف التمويل الأجنبي المتعلق بجمعية “نماء تونس”، حيث قرر البنك المركزي تجميد أرصدة وحسابات مالية لرئيس الحركة راشد الغنوشي وتسعة آخرين من بينهم صهره رفيق عبد السلام وزير الخارجية الأسبق ومقربون منه ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
كما تأتي الخطوة في خضم تقدم البحث في ملف ما عرف بقضية “إنستالينغو”، حيث تم توجيه تهم إلى عدد من السياسيين من بينهم القيادي في النهضة ورجل الأعمال عادل الدعداع.
وأثارت القضية جدلا؛ إذ اتهمت شركة “إنستالينغو” المختصة في صناعة المحتوى والاتصال الرقمي بالعمل على تشويه سمعة الخصوم السياسيين للأحزاب والجماعات الإسلامية، خاصة النهضة.
وكعادتها سعت النهضة إلى نفس التهم الموجهة إليها بالربط بين القضية وبين جهود الرئيس قيس سعيد لدفع الناس إلى التصويت بنعم على الدستور الجديد، في محاولة لاتهام السلطة التنفيذية بالضغط على القضاء لغايات سياسية.
ودعا الحزب وهو أبرز المعارضين السياسيين للرئيس التونسي قيس سعيّد الخميس إلى مقاطعة الاستفتاء حول مشروع دستور "الجمهورية الجديدة".
وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة عماد الخميري في مؤتمر صحافي "ندعو لمقاطعة الاستفتاء لأن ما يمكن التصويت عليه ليس في صالح التونسيين".
واعتبر أن مشروع الدستور "يشرع لبناء نظام تسلطي استبدادي...الوثيقة التي عُرضت جاءت بصياغة فردية على المقاس لذلك نرفضها، وثيقة لم تصدر عن الشعب ولا عن حوار وطني".
وكان حزب النهضة ذو المرجعية الاسلامية، طرفا أساسيا في الحكم في البلاد منذ ثورة 2011 لكن الحزب متهم من قبل معارضيه بفتح الباب امام الفساد واختراق مؤسسات الدولة لمصالح حزبية ضيقة وهو تنفيه الحركة دائما.
وسبق أن نفت النهضة وقلب تونس صحة الاتهامات الموجهة إليهما بالتورط في ملفات الفساد المالي او التمويل الاجنبي، واعتبرا أنها اتهامات “مُسيسة” ضمن أزمة سياسية تشهدها تونس منذ أن بدأ رئيسها قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية في الخامس والعشرين من يوليو 2021.
وفي أغسطس الماضي نفت النهضة، صاحبة أكبر كتلة في البرلمان المنحل، صحة تقارير إعلامية تفيد بتوقيعها عقدا بقيمة 30 ألف دولار مع شركة دعاية أميركية لـ”تجميل” صورتها في الخارج، وهو ما يمنعه القانون التونسي.
وقال المكتب الإعلامي للحركة، في بيان آنذاك، إن الحركة “تخضع لإجراءات القانون التونسي وحساباتها وعقودها يتم مراقبتها من قبل محكمة المحاسبات (رسمية)”.
لكن نفي النهضة كان دائما مخالفا للواقع وللتقارير التي تتحدث عن إمكانية تورط الحزب في التمويل الأجنبي، في انتظار الأحكام القضائية الباتة في تلك الملفات الحساسة.
وينص الفصل 163 من القانون الأساسي لسنة 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء على أنه “إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشّح أو القائمة تحصّلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية، فإنّها تحكم بإلزامها بدفع خطية (غرامة) ماليّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل الأجنبي”.
كما يفقد أعضاء القائمة الحاصلة على تمويل أجنبي عضويتهم في المجلس المنتخب، ويُعاقب المترشّح لرئاسة الجمهورية المتمتّع بتمويل أجنبي بالسجن لمدّة خمس سنوات.
وكذلك يُحرم كل من تمّت إدانته بالحصول على تمويل أجنبي لحملته الانتخابية من الترشّح للانتخابات لمدة خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم بالإدانة.
وحل الرئيس سعيد البرلمان المنتخب عام 2019 ضمن إجراءات استثنائية تضمنت أيضا إقالة الحكومة وتعيين أخرى كما أصدر تشريعات بمراسيم رئاسية وأيضا قرر حل مجلس القضاء.
كما شملت الإجراءات تنظيم استفتاء شعبي على مشروع دستور جديد في الخامس والعشرين من يوليو الجاري وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى السابع عشر من ديسمبر.