ماكرون يزور الجزائر لتعزيز العلاقات بعد فترة من الخلافات

باريس تسعى للاستفادة من توريد الغاز الجزائري في خضم أزمة الطاقة.
الجمعة 2022/07/08
الحاجة إلى الغاز وراء زيارة ماكرون المرتقبة إلى الجزائر

باريس - يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يزور الجزائر “قريبا” تلبية لدعوة نظيره عبدالمجيد تبون، بحسب ما جاء في رسالة تهنئة بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال الجزائر نشرتها الرئاسة الجزائرية الخميس عبر وسائل الإعلام الحكومية.

وجاء في الرسالة “السيد الرئيس وصديقي العزيز، يسعدني في هذا الخامس من يوليو 2022 والجزائر تحيي ذكرى استقلالها الـ60 أن أوجه، باسم فرنسا وأصالة عن نفسي، لكم وللجزائر وشعبها رسالة صداقة وتضامن مشفوعة بأصدق التهاني لبلادكم”.

وأضاف ماكرون “كما أتطلع، تلبية لدعوتكم، إلى زيارة الجزائر قريبا لنطلق سويا الأجندة الثنائية الجديدة على أساس الثقة والاحترام المتبادل لسيادة بلدينا. وأتمنى أن ننطلق في هذا العمل من الآن من أجل دعم هذا المسعى على أسس متينة”.

وتسعى فرنسا والجزائر لتجاوز جملة من الخلافات التي عرفتها علاقاتهما خلال السنوات الأخيرة، حيث يعمل الجانبان على إعطاء دفع جديد لعلاقاتهما بعد طي صفحة الأزمة.

فرنسا والجزائر تسعيان حاليا لتجاوز جملة من الخلافات التي عرفتها علاقتهما خلال السنوات الأخيرة

وكانت الجزائر قد استدعت سفيرها في باريس في أكتوبر الماضي ردا على تصريحات لماكرون اعتبر فيها أن الجزائر أقامت بعد استقلالها عام 1962 إثر 132 عاما من الاستعمار الفرنسي، “ريعا للذاكرة” كرّسه “نظامها السياسي - العسكري”.

وعاد السفير إلى فرنسا في السادس من يناير الماضي مع تحسن العلاقات بين البلدين تدريجيا.

وكانت الجزائر قد انتقدت باريس بسبب توفير ملاذ آمن لمنظمة ‘ماك’ الانفصالية التي تطالب بانفصال منطقة القبائل ومنظمة رشاد الإسلامية وعدد من الشخصيات المعارضة الذين تتهمهم السلطة الجزائرية بالإرهاب.

كما أثارت باريس غضب الجزائر من خلال قرار ترحيل العشرات من الجزائريين ممن تتهمهم فرنسا بالتطرف وهو أمر رفضته السلطات الجزائرية وامتنعت عن استقبالهم.

وأكد وزير الخارجية الفرنسي حينها جان إيف لودريان خلال زيارة خاطفة للجزائر منتصف أبريل أن “لا غنى” عن التعاون بين البلدين من أجل استقرار المنطقة.

وتحسنت العلاقات تدريجيا في الأشهر الأخيرة، وأعرب الرئيسان ماكرون وتبون في مكالمة هاتفية في الثامن عشر من يونيو الماضي عن رغبتهما في “تعميقها”.

وفي نهاية أبريل هنّأ تبون ماكرون بإعادة انتخابه “الباهر” ودعاه لزيارة الجزائر.

وتتطلع الجزائر لفك عزلتها والاستفادة اقتصاديا من تعزيز العلاقات مع فرنسا في حين تسعى باريس للاستفادة من توريد الغاز الجزائري في خضم أزمة الطاقة.

وقد وقعت الخميس المجموعة الجزائرية للنفط والغاز “سوناطراك” مع عملاق الطاقة الفرنسي “إنجي” عقدا لتوريدها الغاز الطبيعي عبر الأنبوب العابر للبحر المتوسط نحو إسبانيا، بحسب بيان أصدرته الشركة الجزائرية.

وجاء في البيان “وقعت مؤسسة سوناطراك مع المجمع الطاقوي الفرنسي إنجي بالجزائر على اتفاقية تتعلق بعقد توريد الغاز الطبيعي عبر خط أنبوب نقل الغاز ميدغاز” الذي ينطلق من حقول الغاز بحسي رمل جنوب الجزائر نحو ألميريا في إسبانيا.

وأضاف البيان “ينص هذا العقد الذي يربط الطرفين منذ سنة 2011 على مراجعة سعر بيع الغاز التعاقدي المطبق على مدى ثلاث سنوات والممتد إلى غاية سنة 2024، مع الأخذ في الاعتبار تطورات السوق” دون توضيح الكميات والسعر.

ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا والعقوبات التي فرضها الأوروبيون على موسكو، ارتفع سعر الغاز بشكل حاد وقفزت أسعار الطاقة في منطقة اليورو بنسبة 14.9 في المئة على مدار عام، وفقا لبيانات يوروستات التابعة للمفوضية الأوروبية.

الجهود الجزائرية لتحسين العلاقات مع فرنسا تأتي في خضم أزمة مع محيطها حيث قطعت الحكومة الجزائرية العلاقات الدبلوماسية مع الرباط وطردت السفير المغربي

كما “أكد الطرفان عزمهما على توسيع شراكتهما لتشمل الغاز الطبيعي المُسال، حيث ستعزز سوناطراك حصتها ضمن الواردات الخاصة بـإنجي، مما يسمح للمجمعين بمواصلة التنويع والمساهمة في تحقيق الأمن الطاقوي للمتعاملين الأوروبيين” كما جاء في البيان.

وأشار البيان إلى التزام الطرفين “بالعمل سويا للتقليل من البصمة الكربونية وتثمين فرص الشراكة الجديدة، لاسيما تلك المتعلقة بتطوير الهيدروجين”.

وتساهم الجزائر، أول مصدّر أفريقي للغاز الطبيعي والسابع عالميا، بنحو 11 في المئة من احتياجات الغاز في أوروبا.

والجهود الجزائرية لتحسين العلاقات مع فرنسا تأتي في خضم أزمة مع محيطها حيث قطعت الحكومة الجزائرية العلاقات الدبلوماسية مع الرباط وطردت السفير المغربي بعد أن سحبت سفيرها في أغسطس الماضي على خلفية ملف الصحراء المغربية.

وتأزمت العلاقات بين الجزائر وإسبانيا العضو في الاتحاد الأوروبي إلى جانب فرنسا بسبب دعم مدريد لمشروع الحكم الذاتي المغربي لمنطقة الصحراء في مواجهة خطط جبهة بوليساريو الانفصالية المدعومة من السلطات الجزائرية.

وقامت الجزائر بتعليق معاهدة صداقة ثنائية مع إسبانيا كما علقت التجارة مع مدريد.

والثلاثاء أحيت الجزائر الذكرى الستين لنهاية 132 سنة من الاستعمار الفرنسي، لكن ورغم مرور ستة عقود على الاستقلال، إلا أنّ العلاقات بين باريس والجزائر لم ترتق إلى المستوى الطبيعي.

وسبق لماكرون أن زار الجزائر مرة واحدة في بداية ولايته الرئاسية الأولى في ديسمبر 2017.

4